تتعدد المقاربات و الرؤى في الحديث عن الحلم ،مقاربات لايمكن ان تتم بمعزل عن وضع هذا المفهوم في سياقه و صورته الاسمى الا وهي انه نتاج مجهود عقلي ،نابع من كينونة فكرية لها وجود فيزيائي منبعه الدماغ و تغذيه الحواس،وكينونة مجردة تنبعث من الفكر و الربط و المنطق ؛ليس الحلم تجاوزا لحدود الواقع لانه لم يولد فيه حتى يدرك حدوده،بل هو خلق لواقع ذاتي مستقل ،و بهذا نضمن خاصية التغير في الواقع و التي نراها في صورة سيرورة زمنية بين حاضر الذي يمكن ان نسميه المرحلة الاخيرة من تحقق حلم كان في الماضي،و مستقبل يحمل مشروع حلم لم ينضج بعد،فالحلم بصيغة العقل تحقيق و تنزيل لما يراه و يتصوره و بذلك يكون كل مايراه العقل قابلا للتحقق فلا يمكن لذات موجودة ان توجد شيئا من العدم لان تلك صفة الله وحده،فمادام العقل قائما فما يراه قائم وقابل لان يتحول الى نتاج واقعي !
وليس هذا نفيا لوجود للخيال بل علينا ان نفهم ان الخيال كذلك شكل من اشكال الواقع و عدم ادراكنا لهذا نابع من قصورنا في الادراك و ارتباطه الوثيق بكل ماهو فيزيائي كالرضيع لا ينفك عن نهد امه،فتجد الناس يصدقون فقط ما يريدون و مايرونه ؛طبعا دون امعان او تعمق حتى في الاشياء التي تبدو من تفاصيل الواقع الذي لانفهمه حق الفهم،ان المرحلة الاهم التي لم نبلغها هي الفصام من نهد السطحية و التسليم بحتمية الاشياء و القول انها طبيعة الاشياء و لا تأثير لنا فيها،ان كان ذلك فلم ندركها اصلا و نسلم بطبيعتها فان انتفى تأثيرنا فيها فذاك قطعا ينفي تأثيرها فينا و بذلك يسقط تسليمنا وحتى حكمنا عليها ،ذلك ان علا قة التأثير ليست احادية و انما متعددة و متبادلة؛
و وفق هذا القياس لا بد ان يدرك المرء انه ليس فقط معطى واقعي و ان سلم بذلك فلا فرق بينه و بين الدواب التي نفترض افتقارها إلى العقل لا لشيء الا لوضعنا نحن تعريفا للعقل،بل يجب ان يدرك انه منتج للواقع ايضا؛قد نكون من معطيات الواقع لكن ما اقصد انه قد يكونواقع شخص اخر ،اما الذات فهي منتجة لواقعها،و الحقيقة ان هذا الامر يقودني لامر الا و هو ان هذه الانتاجية الذاتية تقتضي من كل واحد ان يتوقف عن اللوم و الطعن و الاشتكاء من المتغيرات والوجود و المجتمع والقائمة تطول ، لم؟ لانه ليس المنتج له !و انما وجب عليه العمل على انتاج واقع افضل من ذلك الذي هو مجرد معطى فيه وهذا مايمكن ان نسميه التغيير،و العمل البناء يجب ان يبدأ من الذات قبل الجمع ، فالبناء القويم ليس الذي يبدو قائما و انما الذي تتراص لبناته وتتماسك كل على حذة؛لدى يجب ان نكون حالمين منتجين ،و من ذواتنا منطلقين عندها فقط قد يبدو انتقادنا للغير و الذات و الانظمة امرا معقولا و منطقيا اما الان فالامر شبيه بتعصيب العين و السير الى الهاوية ليكون السقوط مدويا و
بعدها نردف القول ان الهاوية هي التي وقفت بطريقنا ،يجب ان نتعايش مع قصورنا و نعالجه و الا نكتفي بالنحيب و الاشتكاء، فحتى مرض الايدز يمكن ان يعيش مصابه فوق المعدل بكثير ان هو امن و تشبت بالحياة و استمر في انتاجه للواقع،و كذلك يمكن للمرء ان يموت خوفا من المحاولة و التغيير ان هو اراد