أجداث الذكرى الأولى - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أجداث الذكرى الأولى

حنينٌ لا ينتهي....

  نشر في 19 مارس 2019 .

نحاول كلما ضاقت بنا الحياة أن نرجع إلى ماضينا لنستلف لحظة من جمال تنسينا جحيم الحاضر؛ونحن في الواقع نهرب من ما يدور معنا الآن،فنبدأ في تمجيد الماضي كنوستالجيا نمارسها وقت أن نتخطى حدود المرونة في التحمل.

في مرحلنا العمرية أحداث مختلفة بين المفرح والمحزن ولحظات لا تتكرر مرتين ولا حتى في الذاكرة إلا نادراً...

كعادتك أنت تحمل النفس ما تتحمل وما لا تطيق،وإن خارت قواك وغلبتك العبرات،سارعت وبحثت عن مخبأك لتبكي وحدك دون أن يعلم بك أحد،حتى بكاءك المرير بلا صوت،هي مجرد دموع وهمهمات وكأنك تحاول أن تخنق صوت الحزن داخلك فيغلبك ولكنك لن تستسلم، تمسح دموعك بأقرب شئ إليك الوسادة،المنديل،كم قميصك،أو حتى كف يدك وهي كعادتها أيضا عنيدة تواصل نزيفها بلا توقف حتى لتظن أنك ستصبح بلا دموع يوماً ما ...

أعرف ذلك ... أنك كما العادة

ما إن تأوي إلى فراشك حتى تستلم للذاكرة وفيلمها اليومي وكأنها قد تعاقدت مع قلبك مسبقاً لتعرض لك يومياً فيلم ما قبل النوم،تمثل على مسرح قلبك تراجيديا الذكريات القديمة مسلسل (أجداث الذكرى الأولى) وأنت مرغماً على مشاهدته كاملاً لا فكاك من ذلك،إن أغمضت عينيك وإن فتحتهما فذلك لن يغير في الوضع شئ...

هم ذاتهم يزورونك كل مرة،الذين تحبهم في الماضي حباً ملك قلبك وما زلت تحبهم كل ما خطرت بالبال صورتهم ولكنك لا تريد حتى أن تلمح شيئاً يشبههم حتى لا تتألم ولكن من يقنع الذاكرة؟

أنت حصنت نفسك بالتناسي والإنشغال والغرق في آلالام الحاضر حتى لا تصادف أحدهم في ناصية الذاكرة فذلك أخف ألماً ووطئةً على القلب،تناسيت عمداً لتحبهم دون أن تخاف فراقهم ولكنهم في الواقع ليسوا هنا! !

هم في الحقيقة فارقوك!!

وأنت تتجاهل كل شئ لتحتفظ بهم في داخلك دون أن تتقبل فكرة أنك لن تجدهم إذا ناديتهم

لن تسمعهم إذا إستصرخوك لن يسمعوك إذا ناديتهم ... ولكنهم يسكنوك برغم كل شئ.

تحاول أنت أن تصنع مقبرة على نواصي القلب وأن تضع فيها كل رُفاة الذكريات،ثم تتكرر الذكرى مع عزيز آخر فتبني داخلك أجداثاً من الذكريات ... تسكنها وحدك، بأشباحها مزاجها المتمرد وبأحسيسها التي لن تستطيع أن تعرف لها مسمى.

ما ستفعل حيالهم؟

إنهم كانوا يحبونك لدرجة تعلمها أنت وحدك، يآنسونك في لحظات صفائك ووحدتك،يخلقون من حزنك أطيافاً من السعادة،يلونون عالمك...

ولكنك تفتقدهم الآن،تحتاجهم أكثر من أي وقت مضى،هم الذين يصنعون من ضيق اللحظة متسعاً يحوي كل براحات الراحة ...

وهم في عداد الراحلين ...

لذلك أفهم تماماً كرهك للفراق ... بل خوفك منه ...

أنت لا تودع أحد...

ولا تقبل أحد أن يودعك ...

لأن الوداع عندك إرتبط بمفاهيم الرحيل، وكل رحيل عندك غياب (رغم الحضور) وكل غياب دموع....

تمر كعادتك بأجداث الذكرى الأولى متحاولاً تخطي الأحاسيس التي تمر بك كل مرة بحجة أنك إعتدت الحزن والخوف من الفراق وأصبت به مراراً؛لكنك تتعثر به رغم نجاحك في تخطي مرحلة أو مرحلتين ثم تنطوي على ذاتك وتتكوم كعلامة إستفهام غارقاً في نوبة من النشيج المر والبكاء الحاد حتى أنك تشهق مستجدياً أكسجيناً تتنفسه ...

تبدو سارحاً في أوقات كثيرة؛الذين يعرفونك _ وهم لا يعرفونك في الحقيقة _ يعتقدون أنها مشاكل الحياة أو كما توهمهم أنت بذلك ولكنك في حقيقة أمرك أنت في جلسة أنس هناك برفقتهم جميعاً... هناك تضاحكهم في (غيابهم) تمازحهم وتشاغب معهم وتتشاركون كل اللحظات سوياً وحين يختلط عليك (الغياب) والحضور وتفر الإبتسامة من واقع ماضيك إلى زيف حاضرك ... لترد بأنك قد (تذكرت) شيئاً حينما يحاصرونك بالأسئلة عن سبب إبتسامتك ...

ترتدي أكثر من وجه خلال يومك وجه لتقابل به الأصدقاء ووجه آخر لتقابل به العُملاء _ وهذا ينبغي أن يكون صافياً مبتسماً مرحاً خالي من المشاكل وكأنه قد هبط من الجنة للتو _ ووجها آخر لريئسك ونقيضه لمرؤسيك ووجه للعامه ...وتتمرن كثيراً للتتقن كيفية التعامل مع اي وجه والتوقيت المناسب لأي واحد منها ولكنك للأسف بمرور الوقت صرت كأئناً آلي المشاعر يسكن أجداثاً من الذكريات.


  • 1

   نشر في 19 مارس 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا