بافل فاكلاف نيدفيد : السهم الأشقر أو Furia Ceca! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

بافل فاكلاف نيدفيد : السهم الأشقر أو Furia Ceca!

بافل نيدفيد : اللاعب الذي فعل كل شيء في منتصف الملعب!

  نشر في 12 أكتوبر 2014  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

أنطونين بانينكا

لطالما أنجبت بلاد أوربا الشرقية العديد من المواهب في كرة القدم في القرن الماضي أمثال بوشكاس المجري الذي اشتهر مع فريق ريال مدريد، أو خريستو ستويشكوف مع برشلونة، أو زفونيمير بوبان مع الميلان، أو أحد اللاعبين الذين تركوا بصمة في ملاعب أوربا مثل التشيكوسلوفاكي آنذاك ''أنطونين بانينكا" حينما رفع الكرة بركلة خفيفة خدعت الحارس الألماني سيب ماير في لحظة تأبى النسيان، نظرا لكونها نفذت أول مرة في التاريخ وفازت بفضله التشيك بكأس أوربا عام 1976، وسميت منذ ذلك الحين بضربة "البانينكا Panenka"

                                - هدف بافل نيدفيد ضد إيطاليا في كأس أمم أوربا 1996-

وبالرغم من مرور زمن طويل على ذلك التاريخ المفعم بالذكريات الجميلة، وعدم توهج الفريق التشيكي (بعد انفصال التشيك عن سلوفاكيا سنة 1993)، فقد ظل وهج اللاعبين القادمين من هذه التربة يغري دوما فرقا كبيرة، فتارة ميلان أو ريال مدريد أو برشلونة أو مانشستر يونايتد! وحين تعود بنا الذاكرة القريبة لكأس أوربا عام 1996، وبالضبط حينما حل الضيف التشيكي على الأراضي الإنجليزية وهو غير مرشح للبطولة بالطبع، وكان يضم حينها بين حناياه مجموعة لم تكن معروفة ''بوبورسكي وسمتشر وبيرغر" بالإضافة إلى ''السهم الأشقر'' والمدفع التشيكي La furia ceca كما كان يلقب في إيطاليا أو "بافل نيدفيد" الذي أبلى بلاء حسنا بهدفه أمام خصم قوي وهو المنتخب الإيطالي المرصع بالنجوم، لتتقدم الكتيبة في البطولة وتصل النهائي مع المدرب ''دوسان أوهرين" بعد أن أخرجت كبار البطولة، ولولا قليل من الحظ لهزمت العملاق الألماني الذي حمل الكأس بفضل الموهوب ''أوليفر بييرهوف''!

ونأتي بالطبع على انتقال بافل نيدفيد إلى فريق "لازيو روما LAZIO'' أو الأزرق السماوي "البيانكو التشلستي Biancoceleste" للعاصمة روما، حيث أمتع وصال وجال، وأمضى حقبة هي الأروع في مسيرته أيضا، حينما كان يعج الفريق بأيقونات كروية فذة، وكان حينها من أغنى الأندية على الصعيد الأوربي، فمن منا لا يذكر "فيرون وكريسبو وألميدا ودييغو سيميوني وروبرطو مانشيني وبيروزي والمهاجم سالاس وفييري وفافاللي وميهايلوفيتش وغيرهم كثير"!


في هذا الوقت بالضبط تواجد "السهم الأشقر"، الذي يمتاز بصناعة اللعب، وبقدمين قويتين في التسديد من بعيد والركض دون كلل، وكان منخرطا في أداء دور مقاتل  برتبة قائد في وسط ميدان لازيو، في دوري الكالتشيو حيث ''من يرحم لا يرحم" والدوري الذي تتحول فيه الأرجل إلى مناجل وسواطير حادة، والملعب عامر بالألغام ومساحات اللعب ضيقة جدا، إضافة إلى الوتيرة العالية للمباريات، التي يكسبها الجمهور صبغة خاصة، لاسيما في الدربيات بين الفرق الكبرى مثل "دربي الشمس؛ Derby del Sole" الذي يجمع نابولي وروما، أو دربي العذراء "Derby della madonnina" بين قطبي لومبارديا أو ميلانو، أو دربي العاصمة ''بين روما ولازيو"؛ حيث كان السهم الأشقر التشيكي دوما على موعد مع زخم النجومية والفعالية، وكسب ثقة المدربين،وكان يجعل الذئاب الرومانية القادمة من "التريغوريا  Trigoria''  تعود إلى أوكارها متصببة بالعرق وتجر أذيال الهزيمة والخيبة!
وقد قدم هذا الزئبقي ذو القدمين المقوستين، من فريق تشيكي عريق لعب أغلب نجوم البلد، وهو "سبارتا براغ"، وقد كان نيدفيد من اللاعبين الذين برزوا بشكل واضح في الفريق، بفضل طراوته البدنية وسرعته وتمريراته إضافة إلى تسديداته التي لا تصد ولا ترد، مما جعل الأندية العريقة يسيل لعابها من أجل الظفر بخدماته!

انتقل بعد كأس أوربا 1996 مباشرة إلى الأزرق السماوي بالعاصمة روما، حيث أبدع وحجز وظفر بإعجاب الجماهير، ونافس على مكانه كأساسي داخل فريق يعج بالأسماء الرنانة آنذاك، واستطاع أن يحمل مع الفريق كأس السوبر الإيطالية وكأس إيطاليا، وواجه بكل حزم وشجاعة جل الفرق واستطاع أن يكون حجر الزاوية في فريق اللازيو الشهير قبل أن تعصف بالفريق أزمة مالية خانقة ويصبح اللاعب مضطرا لمغادرة السفينة المنكوبة بحثا عن فريق آخر يحتضن مهارته، فلا زال في جعبته الكثير ليقدمه!

                                  -لقطات من مهارات نيدفيد (السهم الأشقر) مع يوفنتوس-

 وفي ظل الضائقة المالية، تم انتقال اللاعب المهاري إلى فريق "السيدة العجوزة La Vecchia Signora" كما كان متوقعا، وذلك بعد انتقال القرش الفرنسي البارع "زين الدين زيدان''، وشغور منطقة الوسط بفريق "الحمر الوحشية المخططة أو الأسود والأبيض Bianconeri"، وذلك بعد مفاوضات مريرة، وانتقل زيدان للفريق الملكي، فيما رحل السهم الأشقر صاحب الشعر الجميل إلى فريق يوفنتوس، حيث سيحقق أحد أحلامه مع الفريق ألا وهو التتويج بالكرة الذهبية الأوربية لسنة 2003، بعد تألقه بجوار العازف الإيطالي والرسام ''ديل بييرو أو بينتوريكيو Pinturicchio" نسبة للرسام الإيطالي الشهير، ووصلا بالفريق للنهائي الحلم، لكن المسعى تحطم على يد فريق إيطالي آخر هو الميلان، حيث انفرد نيدفيد في البطولة بتكسير أعتى الفرق بدء ببرشلونة وريال مدريد ومانشستر يونايتد، وكان يصيبهم بمقتل بفضل تسديداته وسرعته الخرافية التي لا تتبدد، فهو يركض بدون توقف ومحارب شرس في الملعب، ومهاري في إغراق زملائه بكرات أهداف بفضل مهاراته في التمرير الدقيق، وكذا تسديداته من بعيد بشكل مركز نحو المرمى لا تترك للحراس أي حظ في التقاطها! 

ومن حسن حظ فريق اليوفي أنه وجد ضالته في بافل نيدفيد، وتأكد بالملموس دوره الريادي خلف المهاجمين، بفضل انطلاقاته السريعة داخل الملعب وأهدافه الغزيرة، وحسه الثاقب، واستطاع بذلك زملائه في الهجوم ''تريزيغي وديل بييرو وابراهيموفيتش'' التهديف دوما. ومن منا أيضا لا يتذكر صولاته وجولاته بمعية منتخب تشيكيا في كأس أوربا 2004، حيث كان قاب قوسين أو أدنى من التربع على عرش أوربا ثانية بفضل كتيبة قادها الفيلسوف التشيكي بمهارة المدرب "كارل بروكنر" صاحب الشعر الأبيض الجميل، الذي ولف بين لاعبين مشهورين ومغمورين واستطاع التقدم في البطولة لولا الحظ العاثر على أعتاب  فريق حفدة الفلاسفة اليونانيين بقيادة جرماني مغمور مسماه ''أوطو ريهاغل"، حينها استشعر المشجعون بأن اللحظة ميسمها سوء، فقد خرج ''بافل نيدفيد'' من المباراة بسبب الإصابة، وكان الأمر فعلا كذلك، حيث انكسر الحلم التشيكي للبطل نيدفيد وأضحى دخانا هائما في السماء، مثل حكاية الحظ العاثر في صائفة أوربية عام 1996!


عاد نيدفيد للملاعب ثانية بعد ذلك، واستمر في اللعب والعطاء لفريق يوفنتوس خلال 4 سنوات وتوقف مع المنتخب التشيكي عقب السقوط المدوي في كأس العالم 2006 بألمانيا، وأكمل مسيرته بتحقيق عديد الإنجازات، ثم ليعتزل نهائيا في سنة 2009 بعد 317 مباراة مع الفرق الإيطالية 91 لقاء مع المنتخب، وأكثر من 100 هدف خلال مسيرته، وينضم اليوم بفخر لإدارة اليوفي بغية التسيير والمناجزة في عوالم قريبة من معشوقته، ويظل وفيا لعائلته بعدما اختار العيش في منزل ريفي كونه يعشق الهدوء، والآن فعلا صار ''المدفع التشيكي Furia Ceca" يُسير  النادي الكبير بهدوء أيضا، بجوار العائلة المالكة، عائلة ''الأنييلي Agnelli"!
▬▬▬▬▬▬▬
©(بدر غياتي 2014)



  • 3

   نشر في 12 أكتوبر 2014  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

darbaoui imad منذ 9 سنة
عزيزي بدر كل مقالاتك غاية في الجمال من ناحية المضمون و الكتابة
0
بدر غياتي Badre GHIYATI
لك فاضل الشكر أيها العزيز عماد، من كرم ذوقكم جازاكم الله خيرا. ☺

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا