عندما نظرت حولي وجدت أنني لم أعد أستحمل وجود أحد معي في المكان الذي أوجد فيه حينها.. نسيت ما أملك و ما أرغب في إمتلاكه، فقدت أحلامي و أهدافي و شعور الصلة بالأشياء، لم أعد أسحتمل كلام الناس و تصرفاتهم.
لم أكن أعلم أن ما يكمن داخلنا من مشاعر كتلك، ستمدني بطاقة و بقدرة كبيرة على تخطي ذلك المنعطف السيء في حياتي، حتى أنزاح تجاه نفسي.
من منا لم ينعزل في ركن بمفرده؟
من الأشياء التي كانت تحدث معي دائما و مازالت تحدث، أن أفضل أحيانا الإبتعاد عن كل المزعجين، الكاذبين، المحبين، الصادقين و الغالين... لأفر للهدوء و أتجاهل كل شيء، حتى أستمع لنفسي ولا شيء غيرها لأحظى بلحظات من التأمل بالكون و الطبيعة و كل ما هو جميل، تلك اللحظات التي تجعلني أراجع نفسي من جديد و أختلي بها لأعرف عنها أكثر بعيدا عن الآخرين دون خوف منها. لتكون العزلة ملاذي الوحيد للخروج من أسوء حالاتي..
في كل مرة كنت أشعر فيها بالإختناق أهرب إلى مكان بعيد عن صخب الحياة، حتى و إن كان البشر محيطا به، لكن لن يصل فيه الي أحد. أمضي الوقت الكاف مع نفسي بعد أن أتصالح و أتسامح معها، أعرف مالي عندها و مالها عندي من أشياء. لأفكر فيما أنا عليه و ما وصلت له طيلة السنوات الماضية إلى أن أشعر بالإكتفاء و الرضا عن كل شيء.
حينها أخرج من مكاني ذلك مسترجعة حواسي التي كدت أن أفقدها .. لأرى من جديد الأشياء بصورة أوضح و أسمع صوت قلبي و أنفاسي دون أن تتداخل في بعضها البعض فأجد في روحي متسعا لتقبل الناس و الحياة و المشاكل مجددا.
مشكلتنا ليست أننا لا نستطيع إيجاد مكان بعيد عن وجوه البشر، مشكلتنا فقط أننا نفتقد الشجاعة الكافية لمواجهة أنفسنا و إيقاض قلوبنا المتعلقة بالحياة و الجلوس مع ذواتنا لمحاكاتها..
مشكلتنا أننا تعودنا على أن نخذل أنفسنا و هي الواثقة بنا، مشكلتنا أننا لا نعرف كيف نعيش من أجلها ل نحبها و نصل معها إلى الرضا و القناعة الذي يدفعنا الى التسامح معها و العيش سعداء " هكذا خلقنا و هكذا نحن و هذا ما رزقنا به".
الجلوس وحيدا في ركن قد يكون الدواء الوحيد، عندما تتعب النفس جراء ما تصنعه بنا الحياة. هي عزلة لكل إنسان يريد أن يتدارك كل ما فاته و أن يصحح مساره.
لتكون هي الوسيلة الوحيدة التي تبحث عن مكان العطب أو الألم لتعالجه لأننا بالمواجهة فقط سنشفى.
كم هو صعب مواجهة النفس دون هروب و إختباء منها، و هي القاطنة بداخلنا، لكنها مواجهة تبعث حياة جديدة في أنفسنا لتنظف و تطهر سريرة الانسان و روحه و تصلح حاله مع نفسه.
- العزلة تصنع مجدا نحن بحاجته - ففي العزلة يجد الإنسان نفسه بمعنى يعثر عن ذاته الضائعة .فهو دائما بحاجة للإبتعاد بذاته و بحاجة للصمت و بعض من الهدوء للإنصات لها هي لحظة لا يمكن للعقل فيها إلا أن يقترب من القلب أكثر لتعود أسباب قوية للعيش و السعادة من جديد يقال أن " كل من توغل داخل نفسه يدرك بمعرفته أن للكون لغة واحدة مشتركة و هي لغة الصمت.. و ليس باستطاعة أي فرد فهم هذه اللغة الا اذا وصل لدرجة عالية من الهدوء و السكينة " .
-
زينب علي الوسطيطالبة بكلية العلوم القانونية تخصص قانون خاص، أشارك العالم نظرتي من خلال التدوين، شغوفة بالكتابة و القراءة و مصممة صور.