الأفلام والمسلسلات المصرية..وتدمير القيم (2)
نشر في 24 مارس 2018 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
أتابع الحكي .. حيث تحملني ذاكرتي إلى أفلام مصرية ألبست خيانة المرأة حلة طاهرة، إنها الشريفة العفيفة، التي لم تكن لتزل لولا أن "الحب سلطان". الموسيقى التصويرية استعملت بدهاء أيضا لتجعل قلوبنا ترقص طربا كلما نجحت بطلتنا المصونة في مقابلة عشيقها، واستغفلت الزوج "القاسي" الذي يجهل أبجديات الحب.
الغريب أنه بعد نهاية الفلم.. كنا نقوم لتأدية الصلاة.. وندعو الله في خشوع أن يسبغ علينا من فضله، ويكتبنا من الطاهرين.. الصادقين.. الأوفياء.
تناقض...!!
وأما الفتاة التي تستغفل والديها، وتهرب مع حبيبها، فهي الضحية.. البطلة.. الشجاعة، المناضلة من أجل عيون كيوبيد، والتي نرفع لها أكف الدعاء طيلة لقطة الهروب، حتى لا يستيقظ الأب "الديكتاتور" الذي ليس له منا إلا الويل والثبور.
ومع طلوع الشمس، نستيقظ، ونقبل أكف الوالدين، قبل بداية يوم نتمناه معطرا برضاهما.
تناقض...!!
الانتقام صور كحل.. قيمة عليا.. انتصار.. ونهاية سعيدة، في مجتمع البقاء فيه للأقوى، فاحترقت قلوبنا انفعالا بعد كل وجبة انتقام دسمة تطير فيها رؤوس الأشرار.. ويخلد بطلنا الخارق بقواه الأزلية.
وحين تتناهى إلى مسامعنا أحاديث التسامح، وفضل التناسي والتغافل في تطييب القلوب وتجميل العلاقات.. تفيض أعيننا من الدمع... إيمانا.
تناقض...!!
العالم في معظم أفلام التسعينات أريد له أن يكون محبطا، ظالما، العضلات فيه حل، والانتقام حل.. وكراهية الآخر حل.. واللعب بالبيضة والحجر...أم الحلول.
بعدها كتب على جيلنا أن يعيش بداية موجة المسلسلات المكسيكية المدبلجة، حيث الشوارع خالية.. ودكاكين الحي تغلق أمام المشترين، والويل لك إذا لم تختر الوقت المناسب، وأزعجت "مول الحانوت" وهو فاغر فاه في جمال ورقة "كوادالوبي".. فقد يأتيك الجواب الغاضب من وراء ستار: "سير فحالك مابايعش، تفو على وجوه" قبل أن يعود ليسرح في عالم الوجوه الجميلة.
وأما الحمامات العمومية، فهي خاوية على عروشها.. كأن الجميع على موعد في ... الجنان.
واستفحل مسؤولونا في سياسة التكلاخ.. وقلب المفاهيم، طيلة سنوات التسعينات، في جريمة تغييب وعي، سيسألون عنها يوم القيامة، فاستقدموا للشعب البطلة المكسيكية -المغمورة في بلدها - "كوادالوبي"، في أسبوع الفرس.. فطارت بالعقول وطارت معها بالملايين.. في بلد لا زال الناس فيه يموتون بردا.
موجة تكلاخ رهيبة، لعبت بعقولنا، وقلبت مفاهيمنا، قبل أن نستفيق، وننفض عنا الغبار.. ونرميها وراء ظهورنا، ونعيد ترتيب منظومة قيمنا ومعتقداتنا، التي سلمناها لهم، فعاثوا فيها فسادا.
دمتم قلوبا مفعمة بالحب.
فوزية لهلال
التعليقات
ودمت بمحبة من الله.
ذكرت في مقال لي من قبل أنني لا أريد أن ادخل بيتي التلفاز لان الاعلام لا يمكن أن نتحكم فيه بشكل جيد جل ما سنفعله هو تغيير المحطة ولا ندري هل أطفالنا سيكون لديهم هذه الإرادة أم لا وهل سيمكنهم أن يميزوا الخبيث من الطيب أم سيرسلون إليهم السم في العسل!
لذا أعتقد أن المنع سيكون أهوّن من أننا نقاوم غريزة الفضول في مشاهدة عمل ما مع وضع في الاعتبار خطر المغامرة بمشاهدة لقطات خادشة للحياء.
قد حل هذه المشكلة الانترنت فيمكننا من خلاله أن نشاهد ما نريد مشاهدته فقط وأن ننتقي لأسرتنا وأطفالنا منه الأعمال المفيدة التعليمية الهادفة.
ولا أخفيكي سرََا أنني حتى الآن أشاهد الكرتون وبرامج الأطفال بالإضافة للبرامج التعليمية والدينية التي يلامسها جانب علمي ديني بحت.
أحييكي مرة ثانية على شجاعتك في طرح موضوع شائك نتهرب منه كثيرََا عند مواجهته كي لا نتذكر قُبح الواقع.
بورك لكي في قلمك وفي روحك الغيورة على قيمها الراقية... أشكرك في تواضع جم وعلى استحياء كاتبتنا القديرة/ استاذة فوزية.