طيور تبقى وطيور تهاجر
لم يكن آدب الرحلة وليد المرحلة التي نعيشها الأن حيث انفتح العالم على نفسه إنفتاحا غير مسبوق ...
نشر في 18 أكتوبر 2020 .
لم يكن آدب الرحلة وليد المرحلة التي نعيشها الأن حيث انفتح العالم على نفسه إنفتاحا غير مسبوق ولا مثيل له مقارنة بسابق عهده المليئ بالحروب والاقتتال نظير عدم قبول إختلاف الآخر وطريقة تعاطيه من أجل الحفاظ على بقائه.
تبقى صورة الطيور المهاجرة عالقة في ذهني فالإنسان بطبعه طموح وينظر للأعلى حسب مقدرته وهناك من يتجاوز هذه المقدرة ليصبغ الأشياء التي يراها بصبغة مثاليّة أو طوبويّة.
ما لم يكن في حسباننا ونحن أطفال أن تلك المقدرة ستوضع في قالبها الحقيقي وتحد من رغبتنا في رؤية الأشياء بطريقة أفضل. لكنّ الهجرة موجودة بصورة غريزيّة في الإنسان وطبعت كالحمرة في جبهته بحيث لا يمكن أن يتنكر لذلك مهما كان تعلقه شديد بموطئ قدمه المتواجد فيه. فهو يهاجر يوميا أناس ويستبدلهم بآخرين ويستبدل أغلى الأشياء في جيبه ويغيرها بما أصبحت قيمته أكثر جلاء وتقديرا.
لا تبقى الطيور عل حالها كذلك الإنسان لا يبقى على وضعه بل يتغير أسرع مما يخطر على مفكر أو متفكر سواء كان متعلّما ام جاهلا بإرادته. فهناك ضربات تقسم الظهر وتجعل النصف الثاني من حياة الإنسان أي النصف الذي يفتح نافذة المقبرة وهناك ضربات قاسية تجتاح القلوب وتكسر النوايا الطيّبة والرأفة التي لم نعد نمنحها إلاّ للحيوان الأليف والطبيعة.
الحدائق يمكن أن تعلّق والأفكار يمكن أن تحلق مسافات بعيدة لا يمكن تخيّلها إذا وجدت شبيها لك قادر على تحمّلها. أمّا الإنسان فلا يجدر به ان يكون معلقا بين طرفين أو متضادين بصفة مستمرة لان ذلك الصراع يمكن أن يخلق لديه نزعة تبعده عن روح الحياة البسيطة التي اريد لنا أن نعيشها. يجب أن يختار، يجب ان يحدّد مبتغاه ويجبأن يكسر كلّ القواعد من أجل نفسه. نعم من أجل نفسه. فعندما يرتفع الإنسان بمنزلته عمّا نسجته التجارب التي مرّ بها والارتجال الذي خلفه الإنكسارات المتتالية يكون قد حقق إنجازا عظيما يحتذى به في المخيلة الشعبية. فيكفيه شرفا أن يبقى إنسان في هذا الزمن !.
-
محمد جاباللهكاتب عربي أحبّ الإبداع والتجديد وإكتشاف الأشياء ... يسعدني أن تمروا على صفحتي وتطلعوا على ما تقرأه عيناكم ... فهناك حس إنساني يجمعنا ويجعلنا نفهم بعضنا البعض.