((تجــــارة لن تبــــــور ))
**************
من المعروف أن كلمة التجارة هي التعامل بين طرفين أو أكثر ، معاملة على هيئة بيع وشراء ، صادر ووارد ، أو كما يقال بالعامية (هات وخد ).
وللتجارة أساليب متعددة وأصول مهمة ؛ كي تكون تجارة مربحة ، أهمها الإخلاص ، ومراعاة الضمير اليقظ ، وحسن التعامل بين البائع والمشتري طرفي المعاملة.
ومن أهم أنواع التجارة هي تلك التي تقوم بين العبد وربه ، بين الله -عزوجل- وعباده ، معاملة عظيمة من مارسها كان دائماً من الفائزين ،فهو لم ولن يخسر أبداً ، إنها تجارة ذات مكاسب جمة .
كيف تكون التجارة مع الله ؟
التجارة مع الله لا تحتاج لدراسة جدوى ، ولا تحتاج لرأس مال ، بل تحتاج لجهد ولو قليل .
تكون بطاعة الله تعالى وتنفيذ أوامره ، بكثرة العبادات ؛ من نوافل وصدقات ، وكثرة الأذكار ، وقراءة حروف القرآن ، ومعاملة الناس المعاملة الطيبة ولو بابتسامة ؛ فالابتسامة صدقة. أليس كذلك ؟!
وعبادات أخرى كثيرة تُكسِب صاحبها جبالاً من الحسنات ، هذه الحسنات هي الأجر على فعل كل ما سبق ذكره ، بل أضعاف وأضعاف من تلك الأجور والحسنات التي تثقل بها موازين حسناتنا ،
كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - :(( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها أو أزيد ... )) .
وهذا رسول الله وشفيعنا محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام – يقول :
(( من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرة ))
حتى الصلاة الواحدة على سيدنا محمد ، تتضاعف لعشر صلوات ، سبحانك ربي ما أكرمك ؟!
متى تكون التجارة مع الله رابحة ؟
وذلك عندما تتزين بالإخلاص ، وبحسن الظن بالله ، وعندما تكون خالصة لوجه الله لا رياء فيها ، واحتساب الأجر عند الله.
تأملوا قول الله تعالى في كتابه العزيز :
{مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} البقرة (261)
تدبروا معي هذه الآية الكريمة ، نجد أن من ينفق ماله في سبيل الله ومن أجل مرضاته -عز وجل - كمثل الحبة الواحدة التي تُزرَع في الأرض الطيبة ، هذه الحبة تنبت سبع سنابل فارعة ، وفي كل سنبلة منهم مائة حبة ، أي أن في النهاية نحصل على مئة حبة من حبة واحدة وهكذا ،وهذا أعظم دليل على كرم الله تعالى الواسع على عباده الطيبين .
هناك الكثير من الأفعال التي تحسبها أنت بسيطة ولكنها عند الله كبيرة ، يؤجرك عليها بحسنات تثقل ميزانك ؛ فها هي امرأة دخلت الجنة في هرة عندما سقتها ، وها هي إزالتك لأي أذى في الطرقات صدقة ؛ وذلك عندما قال رسولنا الكريم : { إماطة الأذى عن الطريق صدقة }.
أيها القارئ الكريم ؛ لا تستهن بأقل التصرفات ، والتي تبغي بها مرضاة الله ، ولو كانت جبر الخواطر ، فإنها عظيمة الشأن عند الله ، عظيمة الأجر في ميزانك ؛ حتى ابتسامتك لأخ لك تعرفه أو لا تعرفه فإنك تؤجر علبها ، أنسيت قول نبينا محمد – عليه الصلاة والسلام – عندما قال ((تبسمك في وجه أخيك صدقة )) .
وهناك أمثلة أخرى كثيرة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ،لا تعد ولا تحصى ، وكلها تدعونا للتجارة مع العزيز القدير ، تلك التجارة المضمون ربحُها مهما فعلت ، شرط إخلاص النية لله وحده عز وجل .
علينا فقط أن نعلق قلوبنا بالله ، ونحسن نوايانا ،ونجعلها خالصة لوجهه الكريم ، نقترب من الله كي يقترب الله إلينا، كما قال في حديثه القدسي على لسان رسوله :{ إذا تقرب العبد إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً ، وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً ، وإذا أتاني يمشي أتيته مهرولا }.
إنها وربي لنعم التجارة ونعم الصفقات الرابحة ، والتي لا يفرط فيها إلا مفرط خاسر ؛ فكل هذا الربح هو فقط في الآخرة ، فما بالك بنصيبك في الدنيا !؟ حيث الرضا والطمأنينة ، وانشراح الصدور ، وفرج الهموم ، وفك الكروب ، ونِعَم كثيرة لا تستطيع حصرها.
إنها كحديقة ذات عبق فوَّاح ينتشر شذاه ، ويغمرنا بعطره إذا اهتممنا بتنسيقها .
وصدق الله العظيم حين قال:
{ إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور (٢٩) ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إن الله غفور شكور (٣٠) } فاطر
فتحية السيد
-
فتحية السيدأمة لربها تسعى لإرضائه