إن كنت تردد على مسامعهم صباح مساء أنك احترقت وضحيت ليكبرون، وأن الله قرن رضاه برضاك.. وأن صكوك الغفران بين يديك تدخل بها من تشاء من أبنائك الجنة وإلا فالنار مورده.. لينقسم بيتك إلى أهل الفردوس المؤمنين بك، وأهل الجحيم المطرودين من رحمتك.. فيتصارع الفريقين بغضا وحسدا وغيرة..
إن كنت عاجزا عن حب أبنائك جهرا.. وتضن عليهم بالإرتواء منك، هم العطشى لحضنك وحبك ورائحتك..
إن كنت تحبهم بطريقة مشفرة.. وتتركهم يبحثون عن الرقم السري لقلبك طيلة حياتهم.. دون أن يهتدوا..
إن كنت تنتظر حتى يمرض فلذة الكبد أو يموت، ليتدفق حبك أنهارا ودموعك وديانا..
إن كنت ترهق ولدك بطول صمتك.. ولومك.. وعيونك الباردة، موحيا إليه أنه مطرود من رحمتك.. وإذن من رحمة الله..
إن كنت تسعد وهو يستجدي حبك انقيادا واستسلاما وتبعية لك ولمعتقداتك.. ولعادات آبائك وأجدادك.. ولا تسمح له بالاختلاف..
إن كنت كل ذلك أو بعضا منه.. فاعلم أنك ألم.. وجع.. نزيف دام في أعماق أبنائك.
أتعجب من قسوة البعض على فلذة الكبد.. يتزين للغرباء في أبهى حلة.. وليس لأبنائه إلا ثياب الصحاري الجرداء المقفرة.
طافت كل هاته الأفكار بذهني، حين أتاني صوتها عبر الهاتف، ارتخت نبضاتي.. كنت أعلم أن هناك كلمات بقيت معلقة على شفتيها لم تجرأ على قولها.. شعور غريب بالحزن يستعمرني وأنا أصغي لصوتها المليء بالغصات وهي تتابع البوح: “لقد فعلت كل شيء لأمي لترضى.. ولم ترض!! مارست علي كل الضغوط النفسية التي تعاني منها.. لأفعل كذا وكذا.. وفعلت! تدرين صديقتي أنها ختمت معي كلامها الليلة أنها غير راضية عني.. وأني يوم القيامة.. و..و..و.."
صديقتي المتدينة التي ومذ عرفتها قامت بجل أوجه البر لتفوز برضى والديها وبباب من أبواب الجنة.
فهل البر أن ترضي الوالدين مهما كان الثمن؟!
بعض البر مزعج.. حين تؤدي ثمنه ذاتك وتعيش نصف إنسان.. وتمضي حياتك حالما بالجزاء في الجنة.. وأنك ما خلقت إلا لتشقى...!
بعض البر مزعج.. حين تختار رضا والديك كرها.. وتنقاد مستسلما.. وتترك السخط تاركا معه أناك واختياراتك ووجهة نظرك.. وأحيانا.. رسالتك في الحياة.
بعض البر مزعج حين لا تكون ما تريده أنت.. وتكون ما يريده والداك..
البر أن تقوم بواجبك.. إن رضي عنك والداك فهذا ما نتمنى وهو غاية المطلوب.. وإن قررا أو أحدهما عدم الرضا مهما فعلت...؟!!
قم بواجبك.. واسمح لنفسك بالسعادة.. وبالجمال.. وبالرفاهية, فأنت ما جئت الحياة لتشقى..!
دمتم قلوبا تختار السعادة والجمال
فوزية لهلال
التعليقات
وكنت أطمئنها : "أفعلى مايرضى الله ويرضى ضميرك ولاتهتمى بما تقول واذا كانت هى لاتدرى ماتقول وماتفعل فالله يعلم خائنة الأعين وماتخفى الصدور فاطمئنى "
أحييك على جرأتك فى طرح موضوع كتبته وخشيت من ألم القراء فظل حبيس أدراجى فقد كانت تجربة شخصية مريرة .. آسف للاطالة دام قلمك وابداع أحاسيسك الرائعة استاذتنا الفاضلة .
وكنت أطمئنها : "أفعلى مايرضى الله ويرضى ضميرك ولاتهتمى بما تقول واذا كانت هى لاتدرى ماتقول وماتفعل فالله يعلم خائنة الأعين وماتخفى الصدور فاطمئنى "
أحييك على جرأتك فى طرح موضوع كتبته وخشيت من ألم القراء فظل حبيس أدراجى فقد كانت تجربة شخصية مريرة .. آسف للاطالة دام قلمك وابداع أحاسيسك الرائعة استاذتنا الفاضلة .
وللاسف لا يعرف من التربية الا القليل وينسى أنه ذات يوم كان صغيرا فيعامل أولاده على أنه المعصوم الذي لا يخطئ...
قد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما نهى الرجل عن التفريق في القبل.. فعل بسيط لكنه قادر على اضمار البغض والكره لدى الاخوة..
ألا ترين معي أن أكثر البلاء في أمّتنا من الوهم الزائف أن ديننا: دين عُبوسٍ وعنفٍ وسيف؟
مقالتكِ راقت لي، فزيدينا أختي.
للأسف بعض المقربين منا -أهل أو أصحاب- يستغلون قربهم منا و يبتزون مشاعرنا حتى نلبي رغباتهم و الأسوأ أن البعض منهم يستغل الدين في هذا الأمر مثل المثال الذي ضربتيه في مقالك الكريم.
موفقة دائماً و في انتظار كتاباتك القادمة.
لكل شاب في هذا العالم .. هناك و بداخله ..يوجد الكثير من الاحلام .. الكثير من الطموحات ..التي يسعى جاهدا لتحقيقها .. فلا تحرمو ابناءكم من تحقيق اهدافهم . ولا تقفوا بتهديداتكم و كلماتكم حول الجنة وألنار ..مثل العقبة في طريقهم ...اتحبون رؤية ابناءكم و هو يموتون و يختنقون امام اعينكم ...
اتركوهم .. دعوهم ليعيشوا حياتهم ..... حتى ولو كان سعيهم وراء تحقيق احلامهم .. سوف يبعدهم عنكم ..فلا تهتموا .. ولا تبالغوا اكثر ..
هم لا يحتاجون شيئا منكم سوى بعض التوجيه .و . الكثير من الحب ..
جميلة حقا هي كلماتك ..أبدعت حقا في إيصال رسائلك السامية المعبرة ..بطريقة جد بسيطة و ..بمدلول اعمق ... أهنئك حقا .. موفقة دائما
والأكثر إزعاجا أن تفعل ذلك دون ضغوط من الوالدين ،فقط تحب أن ترضيهم على حساب نفسك
*البر والحب للوالدين ( لا يباع و لا يشترى ولا يساوم عليه ) بل لابد أن يكون نابع منهم و بصدق حقيقي وحب مجرد عن أي شئ وبشكل طبيعي وبدون مقابل...
*لذلك لا تجعل ثمن حبهم لك ومحاولة إرضاءك ( برا مزعجا لهم ... ) وتكون المحصلة في النهاية .. كونك ألما في حياة أبنائك أو بعضا منه.. أو. وجع.. بل نزيف دام في أعماقهم
* قم بواجبك تجاههم .. واسمح لنفسك بالسعادة وبالجمال وبالرفاهية معهم وبهم ......فأنت وهم ما جئتم للحياة لتشقوا ..
..
ايتها الكاتبة الجميلة فكرا و عقلا ومنطقا.. ونصحا .. دمتى بخير وصحة وعافية..
كاتبتي المفضلة فوزية لهلال .