"لا تحجّوا... فتكون حجةً عليكم"
"من أجل الإنسان"
نشر في 15 شتنبر 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
لست فقيهاً ولا عالماً بأصول التشريع الإسلامي والفقه والأحكام الشرعية والفتاوى وما لها وما عليها ولكنني إنسان يشهد بأن الله واحد أحد ويعرف كل المعرفة بأن جوهر الدين الإسلامي هو "الإنسان" الذي خلقه الله تعالى فأحسن خلقه وكرمه على سائر المخلوقات وجعل الملائكة تسجد له وجعله خليفةً في الأرض ليعمرها ويحسن فيها... كيف لا وقد أكد الرسول (ص) في كثير من أحاديثه الشريفة على حرمة الإنسان وقدره العظيم وهذا ما جائنا على لسان ابن عمر عندما نقل لنا كلمات النبي التي رددها وهو يطوف حول الكعبة الشريفة والتي قال فيها مخاطباً الكعبة:"ما أطيبك وأطيب ريحك، وما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله تعالى حرمة منك، ماله ودمه وأن يظن به إلا خيرًا"، كما ورد عن النبي أيضاً قوله الشريف:"والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا".
أعرف بأنّ كل ما سبق من كلمات ليس بجديد على أحد منكم يا سادة ولكنني أجد نفسي مرغماً لإعطاء أدلة شرعية وأحاديث نبوية حول قيمة ذاك المخلوق الآدمي والذي هو أنا وأنت وهي وهو ونحن جميعاً.. ولكن.. وبعد كل "ولكن" تكمن المصائب!! إذا طرحنا عليكم معادلةً بسيطة تهدف لحماية هذا "الإنسان" وصون كرامته وحياته ألن تتهموننا بالفسق والفجور وإصدار الفتاوى والهرف بما لا أعرف؟؟ ولكنني كما قلت لكم مسبقاً على يقين بأن "الإنسان" هو جوهر الإسلام ولا يهمني ما يقوم به اليوم متأسلموا العصر من دواعش ومواعش وغيرهم ممن أهانوا "الإنسان" ومسحوا بكرامته صحراء سوريا والعراق!! وإنطلاقاً من يقيني هذا سأقول لكم معادلتي البسيطة والتي لا تتعدى كونها من الدرجة الأولى لمن له قلب وبصيرة دون خوف من القيل والقال!!
يا معشر المسلمين ممن أكرمهم الله على مدار الأعوام الماضية بحج بيته العتيق لمرات ومرات هل لكم ألاّ تحجوا هذا العام من أجل الإنسان!! ذاك الإنسان السوري الذي أنهكته المصائب والمحن وأثقلت الهموم كاهله فهام على وجهه عبر البحار والجبال والصحارى والدول بحثاً عن الحياة التي منحها الله لك وله... بحثاً عن الآمان والسكينة التي منحها الله لك وله... لكنّ الله تعالى امتحنه اليوم وتركك أنت!! فاعتبروا يا أولي الأبصار... وتلك الأيام نداولها بين الناس..
بكل بساطة قف للحظة بينك وبين نفسك وانظر إلى حال من يعيش في مخيمات اللجوء المنتشرة على حدود تركيا ولبنان والأردن... انظر إلى آلاف الأطفال ممن يموتون كل شتاءً من البرد وليس الشتاء ببعيد... انظر إلى آلاف الأطفال ممن لا يجدون مدرسة ولا مقعداً ولا قلماً يحميهم من جهل الجاهلين... عندها فقط ستدفعك إنسانيتك ودينك إلى عدم الذهاب للحج هذا العام!! فما ستدفعه من مال للحج ربما سيساعد في بناء كرفانة مسبقة الصنع لعائلة سورية بدلاً من الخيمة المتهالكة أمام ريح الشتاء... ربما سينقذ طفلاً مصاباً بالسرطان ولا يملك المال للعلاج... ربما سيسهم في بناء مدرسة لتعليم جيل كامل وحمايتهم من الضياع... ربما سيشتري ملابس وأغطية ومدافئ تقي عظام الأطفال والشيوخ والنساء من البرد الذي لا دين له!! والله ولا أتألى على الله بأن أجرك سيكون أعظم من إضافة حجة جديدة إلى مرات حجك التي أنعم الله عليك بها.. والله أعلم!!
يا حجاج بيت الله أخلصوا النية لله وجعلوا أرواحكم تهمس بينها وبين خالقها بأنها ستؤجل حج هذا العام وستتبرع بنفقة الحج للهيئات والمنظمات الإنسانية المعروفة بنزاهتها لمساعدة اخوانهم السوريين.. والله يسمع ويرى وهو الذي سيسألك يوم لا ينفع مال ولا بنون ماذا فعلت!!
ارحموا أهل الأرض، يرحمكم أهل السماء...
بقلم: طارق وفاء يوزباشي.
-
طارق يوزباشي / Tarek Youzbashi....Daydreamer
التعليقات
جرح سوريا جرح عميق و وصمة عار علينا كلنا و كلنا مسؤولون بدون استثناء ......
و أنا كذلك لست بعالمة في الشريعة لكن أقول أن الرسول عليه الصلاة و السلام بعث ليتمم مكارم الأخلاق و من مكارم الأخلاق أن يرحم و يعين الإنسان أخاه المسلم و أخاه في الإنسانية