أحيانا و في غفلة من الذاكرة .. تلقي الأيام في بحر حياتنا العادية أشخاصا لاطالما ظننا أنهم كانوا من الماضي و أننا قد استطعنا أن نلقي بهم بعيدا عن الذاكرة .. لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن .. و القلوب تجري بما لا تشتهي العقول ..فحينما اطمأننا إلى أننا أصبحنا قادرين على أن نكمل المسير في الحياة دون أن تعكر أمزجتنا . نتوقف فجأة لنكتشف كم كنا و كم أننا مخطئين في تصورنا .. و كم لا تزال آثار بعض الأشخاص عالقة بين تلافيف الذاكرة غير عابئة بما هي فاعلة بنا و بقلوبنا .. حينها فقط سنتوقف و سيتوقف كل شيء .. حينها فقط لن نصبح قادرين على فعل شيء .. لا العودة إلى الماضي و لا المضي قدما نحو المستقبل .. حينها فقط سيشل الزمن و ستضطرب دقائق الساعة و سنغرق في بحر ارتباكنا المخيف .. نحاول بجهد التشبث ببعض الوهم لعلنا نستفيق أو نطفو لنجد أن الأمر لم يكن سوى حلم مزعج .. و أن كل شيء قد زال لحظة استفاقتنا .. لكن الحقيقة أصعب من أن نحولها إلى حلم أو وهم .. و الحقيقة هي الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن نكذب عليه أو أن نتكاذب عليه .
بعض الأشخاص لم يتواجدوا في حياتنا و لم يستوطنوا الذاكرة إلا ليعكروا صفو أي ذكرى لشخص جديد يدلف الذاكرة أو حتى يحاول ذلك .. و كأنهم بذلك يؤكدون لنا أن مفاتيح قلوبنا و ذاكرتنا ستضل تحت سلطتهم و إلى الأبد .