المرأة في ظل الحضارة الحديثة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

المرأة في ظل الحضارة الحديثة

المرأة في ظل الحضارة الحديثة

  نشر في 17 نونبر 2017 .

المرأة في ظل الحضارة الحديثة

هيام فؤاد ضمرة

هي المرأة التي عودت نفسها على التعايش مع كوابيس قيودها التي لا نهاية لها، ليس كل ما يراه المتجول في طرقات المدينة هي الصورة ذاتها عن المرأة، فالشارع من طبيعته استيعاب جيش المارة على أنهم مجرد أقدام تحرث عباب المسافات، لا تختلف الخطوة فيهم إلا من خلال صاحبها، من خلال ما يمور فيه من مشاعر وما يمور بحياته من منغصات.. يقولون عنها ما لا يعرفون ولا يحسون به، ويتقولون بما يتصورون على أنه يجب أن تكون عليه هي ليكونوا عليه هم، هي مصالح ومكاسب وهيمنات، الشاطر وحده من ينجح بالتقول المقنع، وهي أي المرأة ما تزال صامدة تكافح من أجل حقوقها والمساواة دون كلل ولا ملل بهدوئها وقناعات حقوقها، تنجح تارة وتفشل أخرى، لكن بالمحصلة تجد بعض من أهل الحق من يقرون بحقها الانساني ويقفون جنودا متطوعين في معركتها من أجل الحصول على ما منحها اياه الله من حقوق المساواة الانسانية البحتة، دون أن يكون النوع الاجتماعي حائلا دون منحها ما يجب أن تتحلى به من حقوق، لأنها الشريك الانساني المكافئ والطرف الآخر المأمور في إعمار الأرض كما ورد صريحا في متن القرآن الكريم، الذي ما نادى بقوانينه السماوية قاصداً جنسا دون الآخر ولم يستخدم أي مسمى جنسوي بل كان نداء الحق في محكم آياته بعبارة يا أيها الناس، إن الله جعل في خلقة الذكر والأنثى لتتكامل أدوارهما وتعمر الأرض بالجنس البشري، التكامل الخلقي في الأداء أساس الميزان الانساني، وكل شيء خلقه الله من ذكر وأنثى

ما تبحث عنه المرأة دوما ليس تغولا على الحقوق وإنما النظر إليها كعنصر انساني شريك تماما كما وضح ذلك بكتابه العزيز معجزة البيان، على أن الهدف الرئيسي من نضالها هو القضاء على جميع أشكال التمييز والقهر المتصل بالنوع الاجتماعي، ليتساوى بالحقوق نساء ورجال، بما يسمح بالنمو الاجتماعي والمشاركة السوية بأمان واستقرار نفسي مكين، فالهوية بحسب الجنس في مفهوم البعض تحددها البنية الاجتماعية والثقافة السائدة في ظل التطورات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية،

النسوية feminist التي قامت كحركة نسائية دولية فكرية للوصول إلى حقوق نسائية في جميع المجالات، بدأت من مؤتمر ماليزيا عام 2003م وبدأت تأخذ صدى دوليا منذ 2014م ليس تعصبا للعنصر النسائي حصراً، بل رداً على الهيمنة الذكورية واضهاد حقوق المرأة من خلال سن قوانين في متن نصوصها لا تراعي حقوقها المتساوية انسانياً، خاصة بعد أن بات للوضع متطلباً يحتاج للتحرك السريع حتى لا يختلط الحابل بالنابل وتتراكم القضايا الانسانية في قهر النساء والتغول على حقوقهن

إن أبرز القضايا التي اهتمت بها المرأة العربية بالعموم، هو خلق وعي جمعي بحقوقها وحاجتها للانصاف وانشاء تيارات تنافح لهذه الحقوق ضد المتعصبين عنصرياً، لرفع الوصاية عنها بحدود ما يمنحها الشرع كاملا، بعدم اجبارها على الزواج وفي حصولها على الميراث وحمايتها من العبودية والعنف والتحرش وعدم ممارسة الختان .. وفي المقابل تأخذ حقها بالتعليم والعمل والمساواة في الأجور والحوافز وتعويضات العمل والضمان الاجتماعي وحق التصرف بمالها الخاص.

ورداً لمختلقي الاتهامات التي لا يمكن وصفها إلا بالمعاندة فإن خروج المرأة للتفاعل في مجتمعها ليس تعهيرا لها بقدر ما هو حصانتها بالوعي من كل ما هو شراً لها وضرراً على أسرتها ومجتمعها، فأين موقف هؤلاء من قتل الزانية وإطلاق سراح الزاني..؟ وأين موقفهم من المعتدي بالاغتصاب في مكافأته بالزواج من الضحية المغلوب على أمرها قسراً للهرب من العقاب..؟ وأين منهم موقفاً رافضا لأب تخلى عن أبوته لأبنائه وهو المنفق شرعاً حسب قانون القوامة بمجرد طلاقه من زوجته لهدف إشقائها بتوفير أسباب عيشهم وتعليمهم..؟ ثم يعود يطلب أبوتهم وهم شباب يتحملون مسؤولية أنفسهم، ليكسب رعايتهم له في مرحلة ضعف مكبره رغم أنه لم يرعاهم في مصغرهم وحين حاجتهم له ولرعايته

فالعدالة الانسانية تتطلب ديموقراطية مجتمعية يستكملها القانون بديموقراطية من كافة الجوانب، فالنسوية هي حق انساني وفكري وممارسة مواطنية عادلة، حظيت أهدافها بتأييد عام من كافة الاتجاهات الدولية والمحلية، كونها تتراكب مع مبدأ تساوي البشر أمام عدالة السماء، ومن ثم تساويهم أمام عدالة القوانين الوضعية لأهل الأرض، خاصة في زمن يغلب عليه على أنه عهد التنوير في مجتمع بات أهم متطلباته التطور شكلاً وموضوعاً، ليوائم حركة التسارع العلمي والحضاري الذي ما زال يفرز ظروفاً غير معهودة اجتماعيا كدخول التكنولوجيا عرين الخصوصية الفردية مما يشكل خطراً على الأفراد وعلى التماسك الأسري إذا ظلت القوانين تتجمد على ما فيها من ظلام وظلم.

وفي الختام ما يتوضح أمام أعيننا تلك الرؤيا الحصيفة في وضع جنسي البشر المرأة والرجل رغم اختلافهما فهما كوجهي العملة الواحدة يتشاركان معاً في المبادئ الانسانية وفي كونهما مكملان لبعضهما في الصورة الانسانية والحقوق ومشتركان في الأمر الرباني في مهمة إعمار الأرض وما عليها من حياة.


  • 1

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 17 نونبر 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا