(ق.ك) - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

(ق.ك)

(ق.ك)

  نشر في 20 يونيو 2021 .

 (ق.ك)

في البدء هل التاريخ مازال كما هو حين عرفه ابن خلدون ؟

هل التاريخ الحديث يخضع لنظريات علماء الاجتماع أم أصبح التاريخ كائن حي له كلمته وتصوراته وخططه بعيدا عن نظرياتهم ودراساتهم وتوقعاتهم ؟

هل أصبح للتاريخ الحديث وعي خاص به , وبات هو من يفرض نظرته وخططه على البشر ؟

هل يمكن أن نؤمن أن التاريخ الذي نعرفه وكنا نقول قبل الميلاد و بعد الميلاد , أصبح (ق.ك) و (ب.ك) , أي ما قبل كرونا وما بعد كرونا ؟

في زمن كرونا لا ننكر أن البشر مروا بتجارب غريبة تاريخيا عن نمط حياتهم المعهود , بل خضعوا واستسلموا لفرضيات ما كانوا يحلمون بها , وقد تناولت في مقالات سابقة بعض تلك المتغيرات .

هل كان البشر يتوقعون أن يمروا بتلك المتغيرات الخيالية حتى في ضرب معاقل عواطفهم من تلقائية اللقاء , وتجمعات الأفراح , وحتى مأساة دفن صديق أو قريب ؟

ربما هي فترة زمنية وستمضي كما عودنا التاريخ دائما , فهي أقدار الله تعالى وله فيه من الحكم مالا نعلم !

ولكن لو طال أمد هذه الكارثة , وخضعت تداعياتها لما يمكن أن نطلق عليه (تأثير الفراشة) , فما هي ملامح هذا التغيير الذي سيجرف نمط حياتنا نحوه ؟

هل هو تغيّر حتمي تاريخي من بديهيات عجلة التاريخ ؟

أم أن هناك من يعرف مسارات متفق عليها سواء كنتيجة طبيعية لتأثير الجائحة على حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والنفسية , أم أن الجائحة بحد ذاتها هي الإطار الذي ترسم داخله تلك الصورة المطلوبة للتاريخ الجديد ؟

هل قرر التاريخ فيما بعد كرونا أن يتخذ مقعدا ليراقب عبث البشر فيما بينهم ؟

ربما أعطت كرونا لقادة العالم المظلم أطباقا من ذهب يستطيعون من خلالها تمرير ما يريدون من خطط مستقبلية تحقق أهدافهم أيا كانت , كما أنها قدمت إليهم نموذجا للتعاطي مع المجموعات البشرية بالملايين بطرق تستر أي هدف مطلوب .

وربما وفرت كرونا غطاء تاريخي لنمو بعض التغيرات الاجتماعية والاقتصادية وربما حتى الدينية بما تتضمنه من تقاليد وعادات متوارثة ونمط حياتي كان ذات يوم أساسا لهيكلة التعامل بين أبناء المجتمع , فالمصائب العظيمة التي تأخذ نمطا عالميا يطغى تأثيرها على المصائب الصغيرة التي لها نمط محلي أو إقليمي , وحتى تلك المتغيرات الإقليمية أو المحلية تبدو باهتة أما اهتمام الناس بكارثة بشرية بحجم كرونا .

ربما يبدو التاريخ في مقدمة ابن خلدون بريئا ساذجا نمطيا متوقعا يخضع للدراسات والنظريات والمنطق والعقل والفلسفة وكل تلك الخبرات البشرية المعروفة , ولكن هل يمكن أن يخضع التاريخ الحديث ونقصد به ما بعد كرونا لتلك المعطيات ؟

هل تاريخ ابن خلدون هو نفسه تاريخ البشر اليوم . بما يعج به من تقنيات تجاوزت عقليات الكثير من تفكي واستيعاب أغلب البشر اليوم , لا شك أن عالم اليوم يكاد يفشي لنا أسرارا كانت محرمة خاصة قبل كرونا , فالعبث المعملي في الجينات واللقاحات والفيروسات ونظريات التآمر وكيل الاتهامات أصبحت تلامس عقولنا الصغيرة كل يوم عبر وسائل الاتصال المختلفة .

لقد أصبحنا تائهين بين الكثير من نظريات التآمر ومحاولة استعباد ملوك الظلام لبقية البشر !

هل يعلم ابن خلدون أن الإنسان البسيط اليوم بات يسمع عن زرع الخلايا والروبوتات في أجسام البشر سواء بحجة مقاومة الأمراض أو بحجة التحكم في تفكيره وتصرفاته مستقبلا ليصبح تاريخ العبودية الذي يعرف ابن خلدون مجرد عبث أمام الخيال الذي تولده تلك المؤامرات لو صحت ؟

لو عاد ابن خلدون هل سيكون قادرا على توضيح رؤيته عن التاريخ الحديث بتلك الفطرة التي يمتلكها ؟

التاريخ لم يعد مرهونا بتصرفات الرجال والرهان على عقولهم وذكائهم وعدلهم وقوتهم وتخطيطهم وحتى جبروتهم وقسوتهم كما يظن ابن خلدون , بل أن حركة التاريخ الحديث تسلحت بأدوات عبقرية جهنمية سواء اُستخدمت لرخاء البشر أم لتدميرهم , التاريخ اليوم بدأ يمهد لمستقبله عن طريق حفنة من ملوك الظلام الذين يستخدمون التقنيات الجهنمية التي تحسب أجزاء أجزاء الثانية وتتصرف بناء على ما يحدث بينها !

أصبح التاريخ الذي يعرفه ابن خلدون ورقة بالية أما رقائق النانو والسليكون التي تلاحق البشر حتى في غرف نومهم , وتعد أنفاسهم ولون ملابسهم الداخلية , وأرصدتهم وعلاقاتهم الخفية قبل الظاهرة , أولئك الرجال الذين كان يظن ابن خلدون أنهم أدوات التحكم بالتاريخ صاروا يبيعون أوطانهم ويتنازلون عن ثرواتهم ومبادئهم وربما دينهم بسبب قطعة إلكترونية لا تتجاوز حجم حبة الفول .

ولم تعد مائدة التاريخ تتسع للأيتام على موائد اللئام , بل أصبحت موائد لئام فقط , ولم يعد للأيتام مكان سوى المخيمات والملاجئ , والمدن المدمرة والمقابر .

لم يعد السيف يا سيدي ابن خلدون صاحب الكلمة الفصل في كتابة التاريخ , بل رقائق النانو والسليكون !


  • 1

   نشر في 20 يونيو 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا