دعوني ابدا هذا المقال بتخمين بسيط, كم ستعيش في هذه الحياة ? حسنا, لا احد منا يملك المراة السحرية ليسالها, لكن دعنا نفترض انك ستعيش لسبعين سنة كمتوسط, لسبعين سنة ستظل نفسك الملموسة, التي تاكل و تشرب و تنام, على قيد الحياة, فتخيل معي انك تهتم بكل شيء خلال هذه السنوات السبعين, تنفعل لاصغر الامور و اكبرها,تعيش بوسواس المثالية و الكمال : تغضب لان رصيدك من الانترنيت واشك على الانتهاء, تنزعجين لانك اكتسبت بضع كيلوغرامات, تكاد تصدم راسك بالحائط لان صديقك تاخر عن موعدكما لنصف ساعة, تعيشين حالة من الوساوس الرهيبة لان زوجك او ابنك لم يعد الى المنزل بعد...ستقولون الان :و لكن لا يمكن التحكم في ذلك فكلها انفعالات طبيعية لا قدرة لنا على ضبطها, هذا ليس صحيحا تماما فانت تنفعل بذلك الشكل لانك تظن ان الامر الذي يثير انفعالك هام للغاية و الحقيقة انه ليس كذلك, يكفي للتاكد من ذلك ان تسال نفسك كيف سيؤثر حدوث هذا الامر علي ? و تستطيع تقييم اهميته من خلال مدى تاثيره على القيم التي تعتبرها اساسية و مركزية لقيام حياتك.
كنت قد قاطعت قراءة كتب التنمية البشرية منذ مدة , بدا لي انها تستعرض نفس الافكار المبتذلة بعناوين مختلفة تزينها,تسلط هذه الكتب الضوء على كل تلك الاشياء التب تنقصنا و تستمر في تذكيرنا اننا لسنا جيدين كما نحن, فعلينا كسب المزيد من المال, و الحصول على المزيد من المعارف, و تقدم تقنيات لاقناع عقلنا الباطن بما لسنا عليه, فعليك ان تستمر في تخيل نفسك مليونيرا, و عليكي ان تنظري الى المراة يوميا و تقولي "انا جميلة !", دون ان نعلم انه بفعلنا هذا نبتعد عن الواقع و نضاعف احساسنا بالنقص. ما الحل اذن, انه ان نقبل انفسنا كما نحن, ان تقبل انك لن تكون مليونيرا و انت مجرد مدرس, و ان تقبلي انك لن تكوني انجيلينا جولي, و ذلك لا يعني اننا لن نكون سعداء ! دون وعي منك, ستتوقف عن الاهتمام بكل تلك التفاصيل المبتذلة, و ستركز حياتك على تطوير الجوانب المهمة من حياتك, ستدرك ان قلقك بشان كل تفصيل في حياتك يمنعك عن رؤية كل تلك الاشياء الرائعة.ان اهتمامك الزائد بكل تلك الامور التي تعتقد انك تحتاجها لتكون سعيدا لا يزيد سوى من حدة عقدة النقص لديك كما ان اهتمامك باوجاعك و احزانك لا يفعل اي شيء سوى مراكمتها, الحل دع كل ذلك يموت بقلة اهتمامك به.
-
بشرىالاسم : بشرى السن : 23 سنة العمل : مهندسة
التعليقات
هذه الجزئية الأولى من المنهج ، والحديث الاخر لسيد الخلق عليه افضل الصلاة والسلام فيقول : قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: "فوَ اللهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عليكُمْ ولكنِّي أَخْشَى أن تُبْسَطَ الدُّنْيا عليكُمْ كما بُسِطَتْ على مَنْ كَانَ قبلَكُم فَتَنافَسُوها كَما تَنافَسُوها فتُهْلِكَكُمْ كما أهلَكَتْهُم" متّفَقُ عَليهِ. وفي الختام ارجو ان تشاهدوا هذا الفلم إن رغبتم https://www.youtube.com/watch?v=x-1jnr0ik3c
مقالة في الصميم أحسنت بشرى
ثلاثة أشياء تفسد العقل :
الاستغراق في الضحك
وكثرة التمني
وسوء التتبث
فكم رأينا في حياتنا من الأمثلة لذوي الطموحات العالية، التي تكلل فكر روادها بالنجاح بشكل مذهل!
جميل الإنسان أن يتقبل نفسه، ويفهمها ويحللها وقدراتها؛ ليستطيع الوصول إلى أعلى أعلى ما يمكن الوصول إليه .
فليس المدرس -تماشيًا مع المثال المذكور- يستحيل عليه أن يكون مليونيرًا! فوظيفته الحكومية ليس بلعنة تفرض عليه الوقوف حيث كان، فقد تنام بداخله موهبة تمكنه من الإدارة، فيطور نفسه، ويحاول جاهدًا أن يعمل أصغر مشروع حتى؛ فيكبر ويكبر المشروع معه إلى أن يحقق ما كان يصبو إليه .
أنا لا أحب كثرة الأماني والأحلام، وكذا لا أحب الإحباط، إنما أؤمن أولًا بالدعاء، الذي يذلل المستحيلات، ويفرج الكربات، وثانيًا بالإرادة، وثالثًا بقدرات المرء وتناسبها مع حلمه .
والسعادة تتولد من بداية المشوار أصلًا مهما كان مقدار التعب الذي يرافقه ما دام المرء راغب فيه، وإن لم تكن كذلك أقلها أحزن وأشقى قليلًا؛ لأفرح كثيرًا كثيرًا .
بورك قلمك وبالتوفيق .
رائع.دقة في الوصف
وصدقتِ فعلاً أن الإهتمام الزائد يجعل الإنسان يتوتر دائماً ولا يشعر بالسعادة. لذلك ينبغي ألا يهتم الإنسان بكل شيء ويعلم جيداً أن هناك أشياءً ستظل خارج إطار سيطرته. والحياة كفيلة بهذا الأمر, فمواقف الحياة ستعلم الإنسان أن هناك الكثير من الأمور لا تستحق هذا الإهتمام المبالغ فيه.
أبدعتِ وفي انتظار كتاباتك القادمة.