جواز زواج المسلمة من غير المسلم - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

جواز زواج المسلمة من غير المسلم

  نشر في 22 ماي 2022 .

 جواز زواج المسلمة من غير المسلم

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين. اللهم صل على محمد واله الطاهرين وعلى اصحابه اجمعين. ربنا اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين.

هذه رسالة مختصرة في بيان الادلة المحكمة جواز زواج المسلمات من غير المسلمين. والكلام سيكون في ثلاثة فصول؛ محكم القرآن، محكم السنة النبوية، محكم الحكمة الامامية التي نقلت عن الائمة الاوصياء عليهم السلام.

وتكمن اهمية بحث زواج المسلمات من غير المسلمين في ان النكاح شكل من اشكال الولاية الاحسانية، وهو مثال لصور وفروع اخرى من تلك الولاية. فان لله تعالى ولايتين؛ ولاية ايمان تشمل اهل الايمان، وولاية احسان تشمل كل من لا يعادي اهل الايمان من غيرهم. والنكاح كغيره من اشكال التعاملات الحياتية لا يظهر من الشرع تخصيص فيها بل انه قرر ما هو معروف واكده، ودلت اصول كثيرة على ان تلك التعاملات جائزة وثابتة لكل انسان ولا مجال لسلب أي منها عنه ولا تخصيصه فانه عطاء الله تعالى غير المقطوع، ومتاع الدنيا غير الممنوع.

المحكم هو دليل يحقق درجة معينة من الاحكام الذي يتناسب مع درجة الحجة الموافقة وعكسيا مع درجة الحجة المخالفة.

الاحكام = الحجة الموافقة\ الحجة المخالفة

اذا كان الاحكام 2 او اكثر فالدليل محكم.

ودرجة الحجة موافقة او مخالفة يحسب من قانون الحق والحجية. المصدر

فصل: محكم القرآن

الاصول القرآنية كثيرة في جواز المسلمة من غير المسلم ما لم يكن بغي او عدوان او محاربة لأهل الايمان.

أصل

قال الله تعالى (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11) [الممتحنة/7-11] وعرفت وستعرف ان النكاح من مصاديق الولاية والايات هنا في الولاية الاحسانية مع الكافر، وهي ثابتة هنا بالنص لمن لا يحارب المؤمنين.

بحث

قال في التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي :

قال الحسن: إن المسلمين استأذنوا النبي صلى الله عليه واله في أن يبروا قرباتهم من المشركين، وكان ذلك قبل أن يؤمروا بالقتال لجميع المشركين، فنزلت هذه الآية (1). وقال قتادة: هي منسوخة بقوله (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)وبه قال ابن عباس . (2) يقول الله تعالى مخاطبا للمؤمنين (لا ينهاكم الله) " عن " مخالطة " الذين لم يقاتلوكم في الدين " من الكفار " ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم " وتحسنوا اليهم " وتقسطوا اليهم " معناه تعدلوا إليهم " إن الله يحب المقسطين " يعني الذين يعدلون في الخلق. (3) وقيل معناه إن الله يحب الذين يقسطون قسطا من أموالهم على وجه البر . (4). وقوله " إن تبروهم " في موضع خفض، وتقديره: لا ينهاكم الله عن أن تبروهم، وهو بدل من (الذين) بدل الاشتمال. وقال مجاهد: عنى بالذين لم يقاتلوكم من آمن من أهل مكة ولم يهاجروا (5). وقال ابن الزبير: هو عام في كل من كل بهذه الصفة. (6) والذي عليه الاجماع والمفسرون بأن بر الرجل من شاء من أهل دار الحرب قرابة كان او غير قرابة ليس بمحرم، وإنما الخلاف في اعطائهم الزكاة والفطرة والكفارات، فعندنا لا يجوز. وفيه خلاف. (7) وقال الفراء الآية نزلت في جماعة كانوا عاقدوا النبي صلى الله عليه واله ألا يقاتلوه ولا يخرجوه، فأمر رسول الله صلى الله عليه واله ببرهم والوفاء لهم إلى مدة اجلهم. (8).

ثم بين تعالى على من يتوجه النهي ببره وإحسانه فقال " إنما ينهاكم الله عن " مبرة " الذين قاتلوكم في الدين " من اهل مكة وغيرهم " واخرجوكم من دياركم " يعنى منازلكم وأملاككم " وظاهروا على اخراجكم " أي تعاونوا على ذلك وتعاضدوا، والمظاهرة هي المعاونة ليظهر بها على العدو بالغلبة. (9). وقوله " أن تولوهم " اى ينهاكم عن ان تنصروهم وتوادوهم وتحبونهم ثم قال " ومن يتولهم " أي ومن ينصرهم ويواليهم " فاولئك هم الظالمون " لا نفسهم، لانهم يستحقون بذلك العقاب والكون في النار.(10)

قيل كان سبب نزول هذه الآية إن النبي صلى الله عليه واله كان صالح قريشا يوم الحديبية على ان يرد عليهم من جاء بغير أذن وليه، فلما هاجر النساء وقيل: هاجرت كلثم بنت أبي معيط فجاء أخواها فسألا رسول الله صلى الله عليه واله أن يردها، فنهى الله تعالى ان يرددن إلى المشركين، ونسخ ذلك الحكم، ذكره عروة بن الزبير. (11).

ثم قال " فان علمتموهن مؤمنات " يعني في الظاهر " فلا ترجعوهن إلى الكفار " أي لا تردوهن اليهم " لاهن حل لهم ولا هم يحلون لهن " قال ابن زيد: وفرق بينهما النبي صلى الله عليه واله وإن لم يطلق المشرك. (12) وقيل: إن النبي صلى الله عليه واله كان شرط لهم رد الرجال دون النساء، فعلى هذا لا نسخ في الآية. (13).

وقوله " وآتوهم ما أنفقوا " قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد: اعطوا رجالهم ما انفقوا من الصداق. (14) ثم قال " ولا جناح عليكم " معاشر المؤمنين " ان تنكحوهن " يعني المهاجرات لانهن بالاسلام قد بن من أزواجهن " إذا آتيتموهن " أجورهن " يعني مهورهن التي يستحل بها فروجهن. (15)

وقوله " ولا تمسكوا بعصم الكوافر، فالكوافر جمع كافرة، والعصمة سبب تمنع به من المكروه وجمعه عصم. وفي ذلك دلالة على انه لا يجوز العقد على الكافرة سواء كانت ذمية او حربية او عابدة وثن، وعلى كل حال، لانه عام في جميع ذلك وليس لاحد أن يخص الآية بعابدة الوثن لنزولها بسببهم، لان المعتبر بعموم اللفظ لا بالسبب (16)

وقوله " واسألوا ما انفقتم " يعني إذا صارت المرأة المسلمة إلى دار الحرب عن دار الاسلام فاسألوهم عن ان يردوا عليكم مهرهن، كما يسئلونكم مهر نسائهم إذا هاجرون اليكم، وهو قوله " وليسألوا ما انفقوا " . (17)

وقال الحسن: كان في صدر الاسلام وتكون المسلمة تحت الكافر والكافرة تحت المسلم فنسخت هذه الآية ذلك. والمفسرون على ان حكم هذه الآية منسوخ (18) وعندنا أن الآية غير منسوخة، وفيها دلالة على المنع من تزوج المسلم اليهودية والنصرانية، لانهما كافرتان والآية على عمومها في المنع من التمسك بعصم الكوافر، ولا نخصها إلا بدليل. (19).

1- هذا ظن بلا مصدق.

2- هذا ظن بلا مصدق، بل المقصود به كافة المشركين المحاربين.

3- هذا مصدق وهو نوع ولاية احسانية، بل سياتي التصريح بانها ولاية, وهو يؤيد ثبوت ولاية الاحسان لهم ومنها الارث والنكاح.

4- هذا علم مصدق.

5- هذا ظن بلا مصدق وغريب جدا.

6- هذا علم مصدق فيشمل من لم يحارب من الكافرين وهي ولاية احسان وتشمل اساسيات الانسانية من نكاح وارث.

7- هذا ظن بلا مصدق بل خلاف المصدق فالحربي لا ولاية احسانية له فلا برله.

8- هذا ظن بلا مصدق بل الحق انها في كل من لم يحارب واعتزل.

9- فالحربي لا ولاية احسانية له.

10- وهو تفسير للمقصد بانه الولاية وهي احسانية فتشمل اسس الحياة من نكاح وارث.

11- هذا ظن بلا مصدق بل خلاف المصدق من عدم جواز الاخلاف بالعهد. فلا بد من حملها بما لا يخلف العهد بان عهد الصلح لم يذكر النساء، او لم يكن عهد بالرد اصلا وهو خلاف المشهور فيكون الاول هو المتعين.

12- هذا ظن بلا مصدق.

13- هذا علم مصدق .

14- هذا مصدق فهو علم، وهو مثبت للعقد ودال على عدم انفساخه.

15- هذا ظن لا مصدق بل ان هناك عدة شروط ذكرت ليحصل الفراق وليس فقط بمجرد الاسلام.

16- ان عموم اللفظ يحتاج الى مصدق، ولا مصدق للعموم من جهة الالزام او جهة متعلق الامر، والمصدق انه ليس الزاميا لاجل الاصول المانعة من ذلك بشكل عام ولاجل العلم الثابت بجواز نكاح الكافرة الكتابية بشكل خاص، فالمصدق انها في المحاربين من الكفار خاصة. ولا يبعد حمله على المعنوى اللغوي فيشمل كل كافر بالعشرة محارب للمؤمنين من مشرك او كتابي او مسلم.

17- هذا مصدق وهو دليل على عدم انفساخ العقد بين المسلمة وزوجها الكافر.

18- النسخ ليس بالالزام بل النهي على الكراهة.

19- هذا بلا مصدق فهو ظن، وهكذا قول وفق المنهج العرض فلا يصحح هكذا قول بل هو مخالف للاصول فيكون الصحيح ان الحكم للكراهة وليس التحريم.

قال في النكت والعيون : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين } الآية . فيهم أربعة أوجه : أحدها : أن هذا في أول الأمر عند موادعة المشركين ، ثم نسخ بالقتال ، قاله ابن زيد . (1)

الثاني : أنهم خزاعة وبنو الحارث بن عبد مناف كان لهم عهد فأمر الله أن يبروهم بالوفاء ، قاله مقاتل .(2).

الثالث : أنهم النساء والصبيان لأنهم ممن لم يقاتل ، فأذن الله تعالى ببرهم ، حكاه بعض المفسرين (3).

الرابع : ما رواه عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه أن أبا بكر رضي الله عنه طلق امرأته قتيلة في الجاهلية وهي أم أسماء بنت أبي بكر ، فقدمت عليهم في المدة التي كانت فيها المهادنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش ، فأهدت إلى أسماء بنت أبي بكر قرطاً وأشياء ، فكرهت أن تقبل منها حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فأنزل الله هذه الآية . (4)

{ وتقسطوا إليهم } فيه وجهان : أحدهما : يعني وتعدلوا فيهم ، قاله ابن حبان فلا تغلوا في مقاربتهم ، ولا تسرفوا في مباعدتهم (5) الثاني : معناه أن تعطوهم قسطاً من أموالكم ، حكاه ابن عيسى . (6) ويحتمل ثالثاً : أنه الإنفاق على من وجبت نفقته منهم ، ولا يكون اختلاف الدين مانعاً من استحقاقها . (7).

1- هذا ظن بلا مصدق وعرفت ان المعنى كافة المحاربين فلا يشمل من لا يحارب. فالاسلام دين سلام لا دين حروب وكفر الانسان ليس سببا لحربه بلا الاصل انه لا اكراه في الدين.

2- هذا ظن بلا مصدق بل المصدق انها في كل من ما لا يحارب المؤمنين.

3- هذا ظن لا بمصدق.

4- هذا مصدق وهو مصداق فيجري في كل من لم يحارب المؤمنين.

5- هذا ظن بل المصدق هو برهم وولايتهم ولا احسان.

6- هذا علم مصدق وهو نوع ولاية.

7- هذا علم مصدق ومثبت للولاية الاحسانية.

تعليق

هنا فوائد

الاولى: (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) والترغيب واضح فهناك نوع من الوصل فلا انقطاع ابدي للولاية برجاء ايمانهم. وان لم يدل على جواز بقاء المؤمنة من زوجها المعادي فانه يساعد عليه ولربما قوة ايمان الزوجة مع مكانتها عند زوجها يكون سببا لهدايته.

الثانية: ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ) وهو كاشف عن نوع من الوصل وهو ولاية الاحسان، وهو من النص في البر والاحسان بغير المؤمن، وان لم يكن دالا على جواز نكاحهم نساء ورجالا فانه مساعد ومؤيد. وهذه الآية واحدة من الاصول العامة على جواز نكاح المسلمة من غير المسلم غير المحارب.

الثالثة: ( إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وفي ضوء ما تقدم يتضح انها ليست مقاطعة ابدية ولاسباب اعتقادية بل هو لاجل امر سياسي احترازي ومما يتبع ذلك من امور تضعف جماعة الايمان، فهو نوع من اشكال دفع الفتنة. فيتبين من هنا امران: ان المنع من ولاية المحارب هو لغرض سياسي وليس اعتقاديا او ذاتيا. وان المنع من ولاية المحارب هو لاجل منع الفتنة. ومع ان ما سبق مصرح بان الحكم مختص بالمحارب فان مفهومها بذاتها يدل على ان غير المحارب تجوز ولايته.

الرابعة: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا.) وفي ضوء ما تقدم يتبين ان هذا حكم يختص بالكفار المحاربين فلا فعموم له لان العموم غير مصدق. وهذه الاية من عمدة ادلة المانعين الا انها لم تحمل على واقعها والمراد الحقيقي منها بل قد تم التعامل معها بظاهرية .

وان حمل هذه الاية على ظاهرها مخالف لأصول كثيرة، لذلك فهو حكم خاص جدا لا عموم له، وهو ضمن شروط كثيرة اهمها المحاربة ويستشعر هنا وجود مسكوت عنه بعدم رغبة المرأة بزوجها السابق بل وعدم رغبتها بها او تركه لها، ولا بد من التمييز بين وجود الامام الالهي وحضوره كالنبي صلى الله علبيه واله الذي له سلطة ولبن غيابه، فيرد الامر اليه، كما ان الاحوط في غياب الامام هو تحصيل الطلاق، فانفساخ النكاح ولو من الكافر المحارب بهكذا امر من دون حكم الامام او من يقوم مقامه مشكل بل ممنوع.

وستعرف ان الرواية التفسيرية في بسبب النزول هو في ام كلثوم وهي جارية عاتق حينها اي غير متزوجة مما يجعل الارجاع الى اهلها اي ابويها واخوتها وليس الى زوج. فيكون قوله تعالى (لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة/10] اعم من الازواج بل يشمل الاهل فيحمل على العيش والعشرة والسكن وليس النكاح فقط.. فالرواية تكشف عن هذا الامر الذي لا بد من التنبه اليه. ومع ان الرواية لا تتوافق مع ظاهر القران بان الايات في متزوجات الا ان الرواية التفسيرية ملزمة للمدرسة الاصولية السندية لصحتها عندهم مما يوجب المراجعة علبهم.

الخامسة: ( وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) وان لم يكن دالا على عموم الرجال والنساء بظاهره فهو من المثال، والمصدق انه خاص بالمحاربين وولايتهم فالمرأة وان لم تحارب عادة الا انها بولايتها للمحارب يلحقها حكمه. والاية تشمل بظاهرها الكافرة الكتابية وغيرها وظاهرة بالاستمرار، وهذا مخالف لكثير من الفتاوى في هذا الجانب، مما يدعو الى المراجعة والتحقق من كونها محكمة وليست متشابهة كما يبدو لي وكما تدل عليه اصول وشواهد انها خاصة باهل الحرب ولا عموم لها.

السادس: ( وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا) أي الكفار فيسالوا المهر وهو نص بوجود حق لهم ودال بنوع من الولاية وانه دال على نوع من الاتفاق بين الاطراف وهو دال على عدم الغاء العقد وانما يكون بشكل من التفاوض، وعلى كل حال فالاية ان لم تدل على عدم انفساخ عقد الكافر على المؤمنة وان حق العقد ثابت فيثبت الاختيار فانه يساعد عليه ويؤيده.

السابع: ( وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا) والعبارة فيها اشعار بجواز الامساك بدلالة ظنية (وان فاتكم) وهو مصدق، فيكون الجمع مع ما تقدم هو اما تخصيص المنع بالمحاربة التي توالي المحاربين، وان الامساك بالتي لا توالي المحاربين او الكراهة. هذا وان مثال زوجتي النبيين نوح ولوط يكشف نوعا ما عن ان الحكم ليس الزاميا.

أصل

قال الله تعالى (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة/5]

بحث

قال في التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي : وقوله: " والمحصنات من المؤمنات " معناه واحل لكم العقد على المحصنات يعني العفائف من المؤمنات (1). وقيل هن الحرائر منهن (2)، ولايدل ذلك على تحريم من ليس بعفيفة ، لان ذلك دليل خطاب يترك لدليل يقوم على خلافه(3)، ولاخلاف أنه لو عقد على من ليس بعفيفة، ولا امة كان عقده صحيحا غير مفسوخ، وان كان الاولى تجنبه (4). وكذلك لو عقد على أمة بشرط جواز العقد على الامة على مامضى القول فيه. واختلف المفسرون في المحصنات التي عناهن هاهنا فقال بعضهم عنى بذلك الحرائر خاصة: فاجرة كانت أوعفيفة وحرموا إماء اهل الكتاب بكل حال لقوله: " ومن لم يستطع منكم طولا ان ينكح المحصنات فمما ملكت ايمانكم من فتياتكم المؤمنات ". ذهب اليه مجاهد وطارق بن شهاب، وعامر الشعبي والحسن وقتادة (5).

وقال اخرون: أراد بذلك العفائف من الفريقين: حرائر كن او إماء، وأجازوا العقد على الامة الكتابية (6). روى ذلك أيضا عن مجاهد، وعامر الشعبي وسفين وابراهيم والحسن بن ابي الحسن وقتادة في رواية، ثم اختلفوا في المحصنات من الذين أوتوا الكتاب، فقال قوم: هو عام في العفائف منهن: حرة كانت أو أمة (7) ، حربية كانت او ذمية (8). وهوقول من قال المراد بالمحصنات العفائف.

وقال اخرون: أراد الحرائر منهن: حربيات كن أوذميات (9). وعلى قول الشافعي المراد بذلك من كان من نساء بني اسرائيل دون من دخل فيهن من سائر الملل (10). وقال قوم: أراد بذلك الذميات منهن (11). ذهب اليه ابن عباس. واختار الطبري أن يكون المراد بذلك الحرائر من المسلمات والكتابيات (12).

وعندنا لايجوز العقد على الكتابية نكاح الدوام، لقوله تعالى: " ولاتنكح المشركات حتى يؤمن، " ولقوله: " ولاتمسكوا بعصم الكوافر " (13) فاذا ثبت ذلك، قلنا في قوله ": والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب " تأويلان. احدهما - ان يكون المراد بذلك اللائي أسلمن منهن. والمراد بقوله: " والمحصنات من المؤمنات " من كن في الاصل مؤمنات. ولدن على الاسلام قيل: إن قوما كانوا يتحرجون من العقد على الكافرة إذا اسلمت فبين الله بذلك انه لاحرج في ذلك، فلذلك أفردهن بالذكر حكى ذلك البلخي. (14) والثانى - أن يخص ذلك بنكاح المتعة أو ملك اليمين، لانه يجوز عندنا وطؤهن بعقد المتعة، وملك اليمين (15) على أنه روى أبوالجارود عن أبي جعفر (ع) أن ذلك منسوخ بقوله: " ولاتنكح المشركات حتى يؤمن " روى عن ابي عبدالله (ع) انه قال: هو منسوخ بقوله: " ولاتمسكوا بعصم الكوافر " (16).

1- هذا علم مصدق.

2- هذا ظن غير مصدق.

3- هذا علم مصدق.

4- هذا علم مصدق.

5- هذا ظن بلا مصدق. والمصدق انها العفيفة وكراهة غيرها.

6- هذا علم مصدق.

7- هذا علم مصدق

8- هذا ظن غير مصدق، بل هو في غير الحربية وفي الحربية نهي.

9- هذا ظن غير مصدق.

10- هذا ظن بلا مصدق.

11- هذا علم مصدق.

12- هذا ظن غير مصدق.

13- هذا ظن بلا مصدق، والايتان عرفت وستعرف ما في الاستدلال فيهما على ذلك.

14- هذا ظن بلا مصدق.

15- هذا ظن بلا مصدق.

16- هذا ظن بلا مصدق.

تعليق

واهم ما يجب قوله هو ان في الاية مسكوت عنه لاعتبارات معينة معروفة تخص العربي، وهو حل نكاح المسلمان من الرجال من اهل الكتاب. كما انه لا نحتاج الى الكثير لبيان ان هذه الاية لا تتداخل مع اية النهي عن المشركين اذ ان الكتابي لا يعد من اهل الشرك في القرآن، وما يقال خلاف ذلك لا مجال له. قال الله تعالى (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ [البينة/1] وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة/6]

وهنا نقطة اخرى وهي ان الاية توكيدية بعد ان بينا ان السنن في النكاح بل بجميع اشكال الولاية واحدة متطابقة مع ما سبق وان الامور الحياتية من ملك وارث وعقود جارية لكل البشر وهذا ما سأبينه بتفصيل اكبر لاحقا. فيمكن القول ان الاية وبالبيان المتقدم هي من ادلة جواز نكاح المسلمة من الكتابي. و لا يقال ان الاية يفهم منها النهي عن غير الكتابي، فانه لا مفهوم لها وليس من عموم ورد بالنهي لكي يتحقق مفهوم وانما النهي المتقدم انما هو بحق المحارب، ومن هنا يعلم ايضا ان الاية مخصصة بغير المحارب من اهل الكتاب رجلا كان او امراة، فاذا كان الكتابي محاربا شمله ما تقدم من حكم سواء بالزام المنع او كرهة النكاح بل لو كان المحارب مسلما ففي جواز تزوجيه اشكال بعد ان تبين ان حكمة المنع هو اصول الولاية بالحرب وعدمه.

أصل

قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [التحريم/9-11]

بحث

قال في التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي: وضرب المثل الثاني للمؤمنين، لما كانت امرأة فرعون مؤمنة (1) ، فقال (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون) واسمها آسية. والمثل قول سائر يشبه فيه حال الثاني بالاول.

فهذه الاية فيها قول فيه تشبيه حال المؤمنة التي زوجها كافر (2) بحال امرأة فرعون في انه لايضرها كفره مع قربها منه (3) ، كما أن امرأة نوح وأمرأة لوط، لم ينفعهما نبوتهما وإيمانهما حين كانتا كافرتين.

وقوله (إذ قالت) أي حين قالت امرأة فرعون داعية الله (رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني) أي وخلصني (من فرعون وعمله) يعني من مثل سوء عمله (ونجني من القوم الظالمين) يعني الذين ظلموا أنفسهم بالكفر بالله واستحقوا لذلك العقاب. وإنما دعت بالخلاص من عمل الكفار بأن سألت الله تعالى أن يلطف لها في التمسك بالايمان، وألا تغتر بتمكين الله لفرعون وكفار قومه وطول سلامته وسوابغ نعمته عليهم والانس به لطول مخالطته وصحبته، فربما أفتنت من هذه الوجوه، فدعت بهذا ليلطف الله لها في ذلك وتبقى على التمسك بالايمان.(4)

1- هذا مصدق فهو علم.

2- هذا مصدق فهو علم وهو نص في جواز بقاء المؤمنة من الزوج الكافر.

3- وهذا مصدق فهو علم وهو يبطل من يقول بالاستحسان بتضرر الزوجة بيدن زوجها.

4- وهذا مصدق فهو علم وهو دال على بقائها معه على ايمانها. وحينما تكون مثلا للمؤمنة تكون سنة جارية في المؤمنة المتزوجة من كافر بان تكون على هذه الشاكلة. فالاية كالنص في جواز بقاء المؤمنة مع الزوج الكافر.

قال في النكت والعيون : { وضَربَ اللَّهُ مَثلاً للذينَ آمنوا امرأةَ فِرْعونَ } قيل اسمها آسية بنت مزاحم . { إذْ قالت رَبِّ ابْنِ لي عندك بيتاً في الجنة } قال أبو العالية : اطّلع فرعون على إيمان امرأته (1) فخرج على الملأ فقال لهم : ما تعلمون من آسية بنت مزاحم؟ فأثنوا عليها ، فقال لهم : فإنها تعبد ربّاً غيري ، فقالوا له : اقتلْها ، فأوتد لها أوتاداً فشد يديها ورجليها ، فدعت آسية ربها فقالت : « رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة » الآية ، فكشف لها الغطاء فنظرت إلى بيتها في الجنة ، فوافق ذلك حضور فرعون ، فضحكت حين رأت بيتها في الجنة ، فقال فرعون : ألا تعجبون من جنونها ، فعذبها وهي تضحك وقُبض روحها .

وقولها : { وَنَجِّني مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِه } فيه قولان : أحدهما : الشرك (2) الثاني : الجماع ، قاله ابن عباس (3)

1- هذا مصدق فهو علم.

2- هذا مصدق فهو علم.

3- هذا بلا مصدق فهو ظن بل غريب.

تعليق

اقول وهذا نص بكفر زوجتي المؤمنين بل النبيين، ونص بايمان زوجة الكافر المحارب، فيحمل النهي السابق في غير موضع على الكراهة وليس التحريم وهنا فوائد:

الاولى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) وهو شامل لقطع الولاية بما يشمل المنافق المظهر للايمان، وبهذا يكون التخصيص هو الحاكم بانه مختص بالمحارب والباغي، بل يمكن القول انه من باب المثال للباغي على جماعة اهل الايمان المتمثلة بالدولة المؤمنة، فيكون البغي على الدولة ليس كالبغي على طائفة فيكون من الاحتياط المؤكد تعميم الحكم على من يبغي على الشعب والدولة بما هي صورة من صور الامة وان كان مسلما. فالمناط هنا وفي غيره من اشكال الولاية والتبري هو محاربة جماعة الايمان، بل لا يبعد ان يكون الحكم انسانيا عاما بان التولي لمن لا يحارب الجماعة والتبري لمن يحارب الجماعة ولا فرق بين الرجل والمراة ولا بين المؤمن وغير المؤمن. فلو ان مؤمنا حارب الامة انقطعت ولايته وهو على ايمانه ولو ان كافرا لم يحارب الامة كانت له ولاية الاحسان.

الثانية: ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) وهذا نص على جواز بقاء الكافرة المحاربة مع المؤمن. فتحمل النواهي الاخرى على الكراهة. وهذه الاية ليست فقط اصلا بل دليلا على جواز الامساك بالكافرة.

الثالثة: ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) وهذا نص على جواز بقاء الكافر المحارب مع المؤمنة. فتحمل النواهي الاخرى على الكراهة. وهذه الاية ليست فقط اصلا بل دليلا على جواز بقاء المؤمنة مع الكافر.

ملاحظة: لا يقال انها سنن من قبلنا، لان القران وبخصوص النكاح بين ان المؤمنين يجرون على سنن من قبلهم قال الله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25) يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) [النساء/25، 26]

وقد يقال ان هذه الاية انتقلت من المحصنة المؤمنة أي الحرة الى الامة المؤمنة وهو دال على عدم جواز نكاح الكافرة وان كانت حرة، وفيه انه مفهوم ضعيف بل لا مجال له، كما انه لا يدل على اكثر من الاستحباب لاجل الاعتبار الذي بينه القران بالاهتمام بان يكون النكاح بالحرة. لكن ليس ظاهرا ان الكلام هنا لبيان ما هو المستحسن بل انه لبيان جواز نكاح الامة، ويدل عليه (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) فالاية تريد ان تزيل توهم عدم المساواة مع كراهة بقوله تعالى (ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) وعلى كل حال فالاية غير متعرضة لنكاح الكافرة ولا يفهم منها نهي.

اصل

قال الله تعالى (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور/3]

بحث

قال في التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي: وقوله " الزاني لا ينكح إلا زانية او مشركة، والزانية لاينكحها إلا زان او مشرك... " الآية. قيل: انها نزلت على سبب، وذلك انه استأذن رجل من المسلمين النبي صلى الله عليه وآله ان يتزوج امرأة من اصحاب الرايات، كانت تسافح، فأنزل الله تعالى الآية. وروي ذلك عن عبدالله بن عمر، وابن عباس(1) وقال حرم الله نكاحهن على المؤمنين، فلا يتزوج بهن الا زان او مشرك. (2) وقال مجاهد والزهري والشعبي: ان التى استؤذن فيها ام مهزول. وقيل النكاح - ههنا - المراد به الجماع، والمعنى الاشتراك في الزنا، يعني انهما جميعا يكونان زانيين، ذكر ذلك ابن عباس. وقد ضعف الطبري ذلك، قال: لا فائدة في ذلك.(3) ومن قال بالاول، قال: الآية وان كان ظاهرها الخبر، فالمراد به النهي. (4) وقال سعيد بن جبير: معناه انها زانية مثله. وهو قول الضحاك وابن زيد. وقال سعيد ابن المسيب: كان ذلك حكم كل زان وزانية، ثم نسخ بقوله (وانكحوا الايامى منكم والصالحين)، وبه قال اكثر الفقهاء.(5) وقال الرماني: وجه التأويل انهما مشتركان في الزنا، لانه لاخاف انه ليس لاحد من اهل الصلاة ان ينكح زانية وان الزانية من المسلمات حرام على كل مسلم من اهل الصلاة، فعلى هذا له ان يتزوج بمن كان زنى بها. (6) وعن ابي جعفر (ع) (ان الآية نزلت في اصحاب الرايات، فأما غيرهن فانه يجوز ان يتزوجها، وان كان الافضل غيرها، ويمنعها من الفجور). وفى ذلك خلاف بين الفقهاء. (7)

1- هذا قوي مصدق، فالنكاح هنا التزويج الخاص بالمعروفات والمعروفين بالزنا.

2- وهذا قوي مصدق والمؤمنين هنا التقاة لان الزنا لا يكفر صاحبه حتى لو حد واشتهر به. وبعد ان تبين انه خاص باصحاب الرايات والمعروفين بالزنا لا يتحقق نسخ، فمن يزني غير هؤلاء لا يشمله النهي.

3- هذا ضعيف، فالنكاح هنا التزويج وليس الوطء.

4- وهذا تام، فالاية خبر بمعنى النهي.

5- هذا ضعيف، والصحيح انه خاص، حتى لو قلنا بالنسخ فانه لم يشمل كل زان وزوانية، بل هو خاص بالمحدودين واصحاب الرايات والمعروفين بالزنا، ثم نسخ بجوز نكاحهم.

6- في الكلام اضطراب والثابت الجواز، فاما من لم يكن معروفا او محدودا فبالاصل والعموم واما المعروف والمحدود بالزنا فالبنسخ.

7- وهذا تام وهو المصدق، ومع ثبوت الجواز في هذا القسم يكون النسخ محققا.

قال في تفسير مجمع البيان - الطبرسي : و قوله « الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة و الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك » اختلف في تفسيره على وجوه ( أحدها ) أن المراد بالنكاح العقد و نزلت الآية على سبب و هو أن رجلا من المسلمين استأذن النبي (صلى الله عليهوآله وسلّم) في أن يتزوج أم مهزول و هي امرأة كانت تسافح و لها راية على بابها تعرف بها فنزلت الآية عن عبد الله بن عباس و ابن عمر و مجاهد و قتادة و الزهري (1) و المراد بالآية النهي و إن كان ظاهره الخبر (2) و يؤيده ما روي عن أبي جعفر (عليه السلام) و أبي عبد الله (عليه السلام) أنهما قالا هم رجال و نساء كانوا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) مشهورين بالزنا فنهى الله عن أولئك الرجال و النساء على تلك المنزلة فمن شهر بشيء من ذلك و أقيم عليه الحد فلا تزوجوه حتى تعرف توبته (3) ( و ثانيها ) أن النكاح هنا الجماع و المعنى أنهما اشتركا في الزنا فهي مثله عن الضحاك و ابن زيد و سعيد بن جبير و في إحدى الروايتين عن ابن عباس فيكون نظير قوله الخبيثات للخبيثين في أنه خرج مخرج الأغلب الأعم (4) ( و ثالثها ) أن هذا الحكم كان في كل زان و زانية ثم نسخ بقوله و أنكحوا الأيامى منكم الآية عن سعيد بن المسيب و جماعة (5) ( و رابعها ) أن المراد به العقد و ذلك الحكم ثابت فيمن زنا بامرأة فإنه لا يجوز له أن يتزوج بها روي ذلك عن جماعة من الصحابة (6) و إنما قرن الله سبحانه بين الزاني و المشرك تعظيما لأمر الزنا و تفخيما لشأنه (7) و لا يجوز أن تكون هذه الآية خبرا لأنا نجد الزاني يتزوج غير الزانية و لكن المراد هنا الحكم أو النهي سواء كان المراد بالنكاح العقد أو الوطء و حقيقة النكاح في اللغة الوطء (8) « و حرم ذلك على المؤمنين » أي حرم نكاح الزانيات أو حرم الزنا على المؤمنين فلا يتزوج بهن أو لا يطأهن إلا زان أو مشرك (9).

1- عرفت انه قوي مصدق.

2- وهذا تام كما عرفت.

3- وهو مصدق ثابت ، وبعد ثبوت الجواز بالنسخ بهذا القسم الخاص يكون النهي المستمر على الكراهة. فاستمرار التحريم غير مصدق.

4- هذا ضعيف كما عرفت.

5- وهذا ضعيف والصحيح انه خاص بالمعروفين المشهورين بالزنا.\

6- وهذا ضعيف، ومن المعلوم ان الصحابة كانوا يتششددون في الامتثال لشدة ورعهم وتقواهم فلا يستفاد من التزامهم الالزام.

7- وهذا ظاهر، ولا يلغ كفرا ولا شركا.

8- وهذا تام.

9- والمؤمن هنا التقي ولا يراد به المسلم مطلقا لانه يعني تكفير الزاني المشهور به وهو ممنوع لا مصدق له.

وفي تفسير نور الثقلين عن محمد بن سالم عن أبى جعفر عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام : وانزل بالمدينة : الزانى لا ينكح الا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها الا زان او مشرك وحرم ذلك على المؤمنين فلم يسم الله الزانى مؤمنا ، ولا الزانية مؤمنة (1) ، وقال رسول الله صلى الله عليه واله ليس يمترى فيه أهل العلم انه قال : لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، فانه اذا فعل ذلك خلع عنه الايمان كخلع القميص . (2) عن زرارة قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " الزانى لا ينكح الا زانية أو مشركة " قال : هن نساء مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون بالزنا ، شهروا به وعرفوا به والناس اليوم بذلك المنزل ، فمن أقيم عليه حد الزنا أو متهم بالزنا لم ينبغ لاحد أن يناكحه حتى يعرف منه التوبة . (3) عن أبى الصباح الكنانى قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " الزانى لا ينكح الا زانية أو مشركة " فقال : كن نسوة مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون بالزنا ، قد عرفوا بذلك والناس اليوم بتلك المنزلة ، فمن أقيم عليه حد زنى أو شهر به لم ينبغ لاحد أن يناكحه حتى يعرف منه التوبة . (4) عن محمد بن سالم عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : " الزانى لا ينكح الا زانية أو مشركة " قال : هم رجال ونساء كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه واله مشهورين بالزنا ، فنهى الله عن أولئك الرجال والنساء والناس اليوم على تلك المنزلة ، من شهر شيئا من ذلك أو أقيم عليه الحد فلا تزوجوه حتى تعرف توبته . (5) عن معوية بن وهب قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فعلم بعد ما تزوجها انها كانت زنت ، قال : ان شاء زوجها أن يأخذ الصداق ممن زوجها ، ولها الصداق بما استحل من فرجها وان شاء تركها . (6) عن حكم بن حكيم عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل : " والزانية لاينكحها الا زان أو مشرك " قال : انما ذلك في الجهر ، ثم قال : لو ان انسانا زنى ثم تاب تزوج حيث شاء (7) .

1- وهو مصدق بمعنى التقي وليس بمعنى المسلم.

2- وهو مصدق وهو صريح بان المراد بالمؤمن التقي وليس المسلم.

3- وقوله ( لم ينبغ) ظاهر في الكراهة لا الزام المنع.

4- قوله _ لم ينبغ ) ظاهر في الكراهة.

5- عرفت ان النهي يراد به الكراهة.

6- هذا متشابه غير مصدق فهو ظن.

7- هذا تام مصدق.

قال في تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي : قوله تعالى: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة و الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك و حرم ذلك على المؤمنين" ظاهر الآية و خاصة بالنظر إلى سياق ذيلها المرتبط بصدرها أن الذي تشمل عليه حكم تشريعي تحريمي و إن كان صدرها واردا في صورة الخبر فإن المراد النهي تأكيدا للطلب و هو شائع (1) و المحصل من معناها بتفسير من السنة من طرق أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أن الزاني إذا اشتهر منه الزنا و أقيم عليه الحد و لم تتبين منه التوبة يحرم عليه نكاح غير الزانية و المشركة، و الزانية إذا اشتهر منها الزنا و أقيم عليها الحد و لم يتبين منها التوبة يحرم أن ينكحها إلا زان أو مشرك.(2) فالآية محكمة باقية على إحكامها من غير نسخ و لا تأويل،(3) و تقييدها بإقامة الحد و تبين التوبة مما يمكن أن يستفاد من السياق فإن وقوع الحكم بتحريم النكاح بعد الأمر بإقامة الحد يلوح إلى أن المراد به الزاني و الزانية المجلودان، و كذا إطلاق الزاني و الزانية على من ابتلي بذلك ثم تاب توبة نصوحا و تبين منه ذلك، بعيد من دأب القرآن و أدبه.(4)

1- وهو تام.

2- وهذا ظاهر الا ان النسخ محقق من الحرمة الى الكراهة وهو المصدق.

3- عرفت ان النسخ محقق، وان الثابت هو الكراهة. قال الروندي في (فقه القرآن : على أن في الناس من قال ان المحصنات هنا المراد بها الحرائر دون العفائف ، لان العقد على المرأة الفاجرة ينعقد وان كان مكروها ، لان قوله " الزاني لا ينكح الا زانية منسوخ بالاجماع انتهى. اقول والنسخ بالكراهة مصدق محقق.

4- وهو المصدق فالعموم لكل زان غير مصدق.

وفي وسائل الشيعة : باب كراهة تزويج الزانية والزاني اذا كانا مشهورين بالزنا الا بعد التوبة (1) عن الحلبي قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : لا تتزوّج المرأة المعلنة بالزنا ولا يتزوج الرجل المعلن بالزنا إلا بعد أن تعرف منهما التوبة .(2) عن زرارة قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن قول الله عزّ وجلّ : ( الزاني لا ينكح إلا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان او مشرك ) قال : هن نساء مشهورات بالزنا ورجال مشهورون بالزنا قد شهروا بالزنا وعرفوا به والناس اليوم ( بذلك المنزل ) فمن اقيم عليه حد الزنا او شهر بالزنا لم ينبغ لاحد أن يناكحه حتى يعرف منه توبة (3). عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، نحوه ، إلاّ أنّه قال : من شهر شيئا من ذلك او اقيم عليه حد فلا تزوجوه حتى تعرف توبته .(4) تفسير النعماني ) بإسناده الآتي عن عليّ ( عليه السلام ) قال : وأما ما لفظه خصوص ومعناه عموم فقوله تعالى ـ إلى أن قال : ـ وقوله سبحانه : ( الزّاني لا ينكح إلا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان او مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) نزلت هذه الآية في نساء كن بمكة معروفات بالزنا منهن : سارة ، وخثيمة ، ورباب ، حرّم الله نكاحهنّ ، فالآية جارية في كل من كان من النساء مثلهن .

1- وحكمه بالكراهة تام مصدق.

2- ويحمل النهي على الكراهة لما عرفت.

3- عرفت ان الرواية دالة بالنص على الكراهة بقوله (لم ينبغ)

4- النهي يحمل على الكراهة.

5- وهو محمول على الكراهة.

جاء في التحرير والتنوير : سبب نزول هذه الآية ما رواه أبو داود وما رواه الترمذي وصححه وحسنه : «أنه كان رجل يقال له مرثد بن أبي مرثد ( الغنوي من المسلمين ) كان يخرج من المدينة إلى مكة يحمل الأسرى فيأتي بهم إلى المدينة . وكانت امرأة بغي بمكة يقال لها : عناق . وكانت خليلة له ، وأنه كان وعد رجلاً من أسارى مكة ليحمله . قال : فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة . قال : فجاءت عناق فقالت : مرثد؟ قلت : مرثد . قالت : مرحباً وأهلاً هلم فبت عندنا الليلة . قال فقلت : حرم الله الزنى . فقالت عناق : يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم ، فتبعني ثمانية ( من المشركين ) . . إلى أن قال : ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبي فحملته ففككت عنه كبله حتى قدمت المدينة فأتيت رسول الله فقلت : يا رسول الله أنكح عناق؟ فأمسك رسول الله فلم يرد عليَّ شيئاً حتى نزلت { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين } فقال رسول الله : يا مرثد لا تنكحها» (1)

فتبيّن أن هذه الآية نزلت جواباً عن سؤال مرثد بن أبي مرثد هل يتزوج عناق . ومثار ما يشكل ويعضل من معناها : أن النكاح هنا عقد التزوج كما جزم به المحققون من المفسرين مثل الزجاج والزمخشري وغيرهما . وأنا أرى لفظ النكاح لم يوضع ولم يستعمل إلا في عقد الزواج(2).

وأنه يلوح في بادىء النظر من ظاهر الآية أن صدرها إلى قوله أو { مشرك } إخبارٌ عن حال تزوج امرأة زانية وأنه ليس لتشريع حكم النكاح بين الزناة المسلمين ، ولا نكاح بين المشركين . فإذا كان إخباراً لم يستقم معنى الآية إذ الزاني قد ينكح الحصينة والمشرك قد ينكح الحصينة وهو الأكثر فلا يستقيم لقوله تعالى : { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } معنى ، وأيضاً الزانية قد ينكحها المسلم العفيف لرغبة في جمالها أو لينقذها من عهر الزنى وما هو بزان ولا مشرك فلا يستقيم معنى لقوله : { والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك } (3) وإننا لو تنازلنا وقبلنا أن تكون لتشريع حكم فالإشكال أقوى إذ لا معنى لتشريع حكم نكاح الزاني والزانية والمشرك والمشركة فتعين تأويل الآية بما يفيد معنى معتبراً (4). فتمحض أن يكون المراد من قوله : { الزاني لا ينكح إلا زانية } إلخ : مَن كان الزنى دأباً له قبل الإسلام وتخلق به ثم أسلم وأراد تزوج امرأة ملازمة للزنى مثل البغايا ومتخذات الأخدان ( ولا يكن إلا غير مسلمات لا محالة ) فنهى الله المسلمين عن تزوج مثلها بقوله { وحرم ذلك على المؤمنين } (5).

فقوله : { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } تمهيد وليس بتشريع ، لأن الزاني بمعنى مَن الزنى له عادة لا يكون مؤمناً فلا تشرع له أحكام الإسلام (6). وعطف قوله : { أو مشركة } على { زانية } لزيادة التفظيع فإن الزانية غير المسلمة قد تكون غير مشركة مثل زواني اليهود والنصارى وبغاياهما (7) فتمحض من هذا أن المؤمن الصالح لا يتزوج الزانية (8)

وفي «تفسير القرطبي» عن عمرو بن العاص ومجاهد : أن هذه الآية خاصة في رجل من المسلمين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نكاح امرأة يقال لها : أم مهزول ، وكانت من بغايا الزانيات وشرطت له أن تنفق عليه(9). ( ولعل أم مهزول كنية عناق ولعل القصة واحدة ) إذ لم يرو غيرها. ومن العلماء من حمل الآية على ظاهرها من التحريم وقالوا : هذا حكم منسوخ نسختها الآية بعدها { وأنكحوا الأيامي منكم } [ النور : 32 ] فدخلت الزانية في الأيامى ، أي بعد أن استقر الإسلام وذهب الخوف على المسلمين من أن تعاودهم أخلاق أهل الجاهلية (10). وروي هذا عن سعيد بن المسيب وعن عبد الله بن عمرو بن العاص وابن عمر ، وبه أخذ مالك وأبو حنيفة والشافعي ، ولم يؤثر أن أحداً تزوج زانية فيما بين نزول هذه الآية ونزول ناسخها ، ولا أنه فسخ نكاح مسلم امرأة زانية . ومقتضى التحريم الفساد وهو يقتضي الفسخ . وقال الخطابي : هذا خاص بهذه المرأة إذ كانت كافرة فأما الزانية المسلمة فإن العقد عليها لا يفسخ (11). ومنهم من رأى حكمها مستمراً (12) . ونسب الفخر القول باستمرار حكم التحريم إلى أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وعائشة رضي الله عنهم ونسبه غيره إلى التابعين(13) ولم يأخذ به فقهاء الأمصار من بعد (14).

1- وهذا مصدق.

2- وهو تام مصدق.

3- وهو ظاهر وتام.

4- وهذا ضعيف لابتنائه على عمومه لكل زان وازانية وعرفت انه خاص وعلى القول بتحريم زواج المسلمة بالمشرك وهو محل البحث، والصحيح ان الاية تعارض المنع، لذلك كما ان ايات المنع لها ظاهر فهذه وغيرها من المجوزات لها ظاهر، فيكون تعارض بين ظاهرين، فيكون الجمع بحمل النهي على الكراهة.

5- وهذا تام مصدق.

6- هذا ضعيف لا مصدق له، وانما يحمل الايمان على التقوى فنهى الله المؤمنين الصالحين.

7- هذا ضعيف وغريب، ويقتضيه حمل لفظة (المؤمنين) على معنى المسلمين، فيكون المراد بالزاني الكافر المستبيح للزنا وان لم يكن مشركا، فيكون المعنى ان المؤمنين ناء ورجالا لا يجوز لهم الزواج من الكافرين المستحلين للزنا سواء كانوا مشركين او غير مشركين كمن يستحل الزنا من اهل الكتاب.

8- وهذا تام مصدق فالمراد بالمؤمن هو الصالح التقي.

9- وهو مصدق.

10- وهذا مصدق والنسخ بالكراهة.

11- وهو مصدق.

12- هذا غير مصدق.

13- هذا ظن لا مصدق له.

14- هذا محقق مصدق.

جاء في الدر المنثور : عن ابن عباس في قوله { الزاني لا ينكح إلا زانية } قال : ليس هذا بالنكاح ولكن الجماع (1)، لا يزني بها حين يزني إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ، يعني الزنا .

عن مقاتل قال : لما قدم المهاجرون المدينة قدموها وهم بجهد إلا قليل منهم ، والمدينة غالية السعر ، شديدة الجهد ، وفي السوق زوان متعالنات من أهل الكتاب ، وأما الأنصار منهن أمية وليدة عبد الله بن أبي ، ونسيكة بنت أمية لرجل من الأنصار ، في بغايا من ولائد الأنصار قد رفعت كل إمرأة منهن علامة على بابها ليعرف أنها زانية ، وكن من أخصب أهل المدينة وأكثره خيراً ، فرغب أناس من مهاجري المسلمين فيما يكتسبن للذي هم فيه من الجهد ، فاشار بعضهم على بعض لو تزوّجنا بعض هؤلاء الزواني فنصيب من فضول أطعامهنَّ فقال بعضهم : نستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوه فقالوا : يا رسول الله قد شق علينا الجهد ولا نجد ما نأكل ، وفي السوق بغايا نساء أهل الكتاب وولائدهن وولائد الأنصار يكتسبن لأنفسهن فيصلح لنا أن نتزوّج منهن ، فنصيب من فضول ما يكتسبن ، فإذا وجدنا عنهن غنى تركناهن؟ فأنزل الله { الزاني لا ينكح } فحرم على المؤمنين أن يتزوّجوا الزواني المسافحات العالنات زناهن (2).

عن مجاهد في قوله { الزاني لا ينكح إلا زانية او مشركة } قال : كن نساء في الجاهلية بغيات ، فكانت منهن امرأة جميلة تدعى أم مهزول ، فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوّج إحداهن فتنفق عليه من كسبها ، فنهى الله أن يتزوّجهن أحد من المسلمين (3) .

عن سليمان بن يسار في قوله { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } قال : كن نساء في الجاهلية بغيات ، فنهى الله المسلمين عن نكاحهن (4) .

عن عطاء قال : كانت بغايا في الجاهلية بغايا آل فلان وبغايا آل فلان فقال الله { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك } فأحكم الله ذلك من أمر الجاهلية بالإسلام . قيل له : أعن ابن عباس؟ قال : نعم (5) .

عن مجاهد في قوله { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } قال : رجال كانوا يريدون الزنا بنساء زَوانٍ بغايا متعالنات كن كذلك في الجاهلية . قيل لهم هذا حرام ، فأرادوا نكاحهن ، فحرم الله عليهم نكاحهن (6).

عن مجاهد قال : كان في بدء الإِسلام قوم يزنون قالوا : أفلا نتزوّج النساء التي كنا نفجر بهن؟ فأنزل الله { الزاني لا ينكح إلا زانية . . . } (7) .

عن الضحاك { الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك } قال : إنما عني بذلك الزنا ولم يعن به التزويج (8) .

عن سعيد بن جبير { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } قال : لا يزني حين يزني إلا بزانية مثله أو مشركة (9) .

عن ابن عباس في هذه الآية قال : الزاني من أهل القبلة لا يزني إلا بزانية مثله من أهل القبلة ، أو مشركة من غير أهل القبلة ، والزانية من أهل القبلة لا تزني إلا بزان مثلها من أهل القبلة ، أو مشرك من غير أهل القبلة ، وحرم الزنا على المؤمنين (10) .

عن مجاهد قال : لما حرم الله الزنا فكان زوان عندهن جمال ومال فقال الناس حين حُرِّم الزنا : لتُطَلَّقْنَ فلنتزوّجهن . فأنزل الله في ذلك { الزاني لا ينكح إلا زانية . . . } (11) .

عن عبد الله بن عمر قال : كانت امرأة يقال لها أم مهزول ، وكانت تسافح الرجل وتشرط أن تنفق عليه ، فأراد رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوّجها ، فأنزل الله { الزاني لا ينكحها إلا زان أو مشرك } (12) .

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان رجل يقال له مرثد يحمل الأسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة ، وكانت امرأة بمكة يقال لها عناق ، وكانت صديقة له ، وأنه وجد رجلاً من أسارى مكة يحمله قال : فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة فجاءت عناق ، فأبصرت سواد ظل تحت الحائط ، فلما انتهت إليّ عرفتني فقالت : مرثد . ! فقلت : مرثد . فقالت : مرحباً وأهلاً هلم فَبِتْ عندنا الليلة قلت : يا عناق حرّم الله الزنا قالت : يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم قال : فتبعني ثمانية وسلكت الخندمة فانتهيت إلى غار أو كهف فدخلت ، فجاؤوا حتى قاموا على رأسي فبالوا ، وظل بولهم على رأسي ونحاهم الله أنكح عني ، ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبي فحملته حتى قدمت المدينة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله أنكح عناقاًً؟ فأمسك فلم يرد عليّ شيئاً حتى نزلت { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين } فلا تنكحها (13) .

عن عبد الله بن عمر في قوله { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } قال : كان نساء معلومات ، فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوج المرأة منهن لتنفق عليه ، فنهاهم الله عن ذلك (14) .

عن ابن عباس . أنها نزلت في بغايا معلنات كن في الجاهلية ، وكن زوان مشركات ، فحرم الله نكاحهن على المؤمنين (15).

سعيد مولى ابن عباس قال : كنت مع ابن عباس فأتاه رجل فقال : إني كنت أتبع امرأة فأصبت منها ما حرّم الله عليّ ، وقد رزقني الله منها توبة ، فأردت أن أتزوّجها فقال الناس { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } فقال ابن عباس : ليس هذا موضع هذه الآية ، إنما كن نساء بغايا متعالنات ، يجعلن على أبوابهن رايات ، يأتيهن الناس يعرفن بذلك ، فأنزل الله هذه الآية . تزوجها فما كان فيها من اثم فعلي (16) .

عن سعيد بن جبير قال : كن نساء بغايا في الجاهلية كان الرجل ينكح المرأة في الإسلام فيصيب منها ، فحرم ذلك في الإسلام ، فأنزل الله { الزانية لا ينكحها إلا زان . . . . } (17) .

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا ينكح الزاني المحدود إلا مثله » (18) .

عن الحسن { الزاني لا ينكح إلا زانية } قال : المحدود لا يتزوج إلا محدودة مثله (19) .

عن علي أن رجلاً تزوج امرأة ثم إنه زنى فأقيم عليه الحد ، فجاؤوا به إلى علي ففرق بينه وبين زوجته وقال له : لا تتزوّج إلا مجلودة مثلك (20) .

عن سعيد بن المسيب في هذه الآية { الزاني لا ينكح إلا زانية } قال : يرون أن هذه الآية التي بعدها نسختها { وأنكحوا الأيامى منكم } فهن من أيامى المسلمين (21) .

1- هذا ظن لا مصدق له.

2- هذا ظن لا مصدق له بل غريب جدا.

3- هذا ظن لا مصدق له.

4- هذا علم مصدق.

5- وهو علم مصدق.

6- هذا علم مصدق.

7- هذا علم مصدق.

8- هذا ظن لا مصدق له.

9- هذا ظن لا مصدق له.

10- هذا ظن لا مصدق له

11- هذا مصدق.

12- هذا مصدق.

13- هذا مصدق.

14- هذا ظن لا مصدق له وغريب جدا.

15- أي تزويجهن فهو مصدق.

16- هذا علم مصدق.

17- هذا ظن لا مصدق له وغريب.

18- النكاح التزويج فهو تام . والمنع منسوخ بالكراهة

19- وهو تام وهو منسوخ بالكراهة.

20- هذا ظن لا مصدق له.

21- وهذا علم مصدق.

وفي النكت والعيون : قوله : { الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً . . . } الآية . فيه خمسة أوجه :

أحدها : أنها نزلت مخصوصة في رجل من المسلمين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها أم مهزول كانت من بغايا الجاهلية من ذوات الرايات وشرطت له أن تنفق عليه فأنزل الله هذه الآية فيه وفيها قاله عبد الله بن عمرو ، ومجاهد . (1)

الثاني : أنها نزلت في أهل الصفة ، وكانوا قوماً من المهاجرين فقراء ولم يكن لهم بالمدينة مساكن ولا عشائر ، فنزلوا صفة المسجد ، وكانواْ نحو أربعمائة رجل يلتمسون الرزق بالنهار ويأوون إلى الصفة في الليل ، وكان بالمدينة بغايا متعالنات بالفجور مما يصيب الرجال بالكسوة والطعام ، فهمَّ أهل الصفة أن يتزوجوهن ليأووا إلى مساكنهن وينالوا من طعامهن وكسوتهن فنزلت فيهن هذه الآية ، قاله أبو صالح .(2)

الثالث : معناه أن الزاني لا يزني إلا بزانية والزانية لا يزني بها إلا زان ، قاله ابن عباس . (3)

الرابع : أنه عامٌّ في تحريم نكاح الزانية على العفيف ونكاح العفيفة على الزاني ثم نسخ بقوله تعالى : { فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النَّسَاءِ } [ النساء : 3 ] قاله ابن المسيب (3)

. الخامس : أنها مخصوصة في الزاني المحدود لا ينكح إلا زانية محدودة ولا ينكح غير محدودة ولا عفيفة ، والزانية المحدودة لا ينكحها إلا زان محدود ، ولا ينكحها غير محدود ولا عفيف ، قاله الحسن ، ورواه أبو هريرة مرفوعاً (4).

1- هذا علم مصدق.

2- هذا ظن لا مصدق له بل غريب جدا.

3- هذا ظن لا مصدق له.

4- هذا ظن لا مصدق له

5- هذا علم مصدق والآية كمثال له.

تعليق

النكاح هنا هو التزويج والقول انه النكاح ظاهر الضعف لانه خلاف المصدق ولانه فاسد المعنى اذا لا معنى ان الزاني لا يطأ الا زانية. ولا يمكن القول ان الزنا مخرج للانسان من الاسلام فالزانية مسلمة وهنا جوز نكاحها من المشرك. واما تحريمها على المؤمن وهو التقي فيكون خاصا بالمعروفة والمشهورة وليس بمن تأتي الزنا مطلقا وهو منسوخ بالكراهة. وهذه الاية نص في جواز زواج المسلمة (وان كانت زانية) بالمشرك. والاية عامة تشمل المحصن وفيها دلالة على عدم الرجم.

أصل

قال الله تعالى (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [النور/26]

بحث

قال في تفسير مجمع البيان - الطبرسي : قال سبحانه « الخبيثات للخبيثين و الخبيثون للخبيثات » قيل في معناه أقوال ( أحدها ) أن الخبيثات من الكلم للخبيثين من الرجال و الخبيثون من الرجال للخبيثات من الكلم و الطيبات من الكلم للطيبين من الرجال و الطيبون من الرجال للطيبات من الكلم أ لا ترى أنك تسمع الخبيث من الرجل الصالح فتقول غفر الله لفلان ما هذا من خلقه و لا مما يقول عن ابن عباس و الضحاك و مجاهد و الحسن (1) ( و الثاني ) إن معناه الخبيثات من السيئات للخبيثين من الرجال و الخبيثون من الرجال للخبيثات من السيئات و الطيبات من الحسنات للطيبين من الرجال و الطيبون من الرجال للطيبات من الحسنات عن ابن زيد(1) ( و الثالث ) الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال و الخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء و الطيبات من النساء للطيبين من الرجال و الطيبون من الرجال للطيبات من النساء عن أبي مسلم و الجبائي (3) و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام) قالا هي مثل قوله « الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة » الآية أن أناسا هموا أن يتزوجوا منهن فنهاهم الله عن ذلك و كره ذلك لهم (4)

1- هذا ظن بلا مصدق.

2- هذا ظن بلا مصدق.

3- هذا علم مصدق.

4- هذا علم مصدق.

قال في التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي : قيل في معنى الآية أربعة اقوال:

احدها - قال ابن عباس ومجاهد والحسن والضحاك: معناه (الخبيثات) من الكلم (للخبيثين) من الرجال أي صادرة منهم. (1)

الثاني - في رواية أخرى عن ابن عباس: أن (الخبيثات) من السيآت (للخبيثين) من الرجال، والطيبات من الحسنات للطيبين من الرجال. (2)

الثالث - قال ابن زيد: (الخبيثات) من النساء (للخبيثين) من الرجال، كأنه ذهب إلى اجتماعها للمشاكلة بينهما. (3)

والرابع - قال الجبائي: (الخبيثات) من النساء الزواني (للخبيثين) من الرجال الزناة (فلا يتزوج منهم المؤمن الصالح)، على التعبد الاول ثم نسخ،(4)

وقيل الخبيثات من الكلم إنما تلزم الخبيثين من الرجال وتليق بهم. والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات عكس ذلك على السواء في الاقوال الاربعة. والخبيث الفاسد الذي يتزايد في الفساد تزايد النامي في النبات، ونقضيه الطيب. والحرام كله خبيث. والحلال كله طيب.

1- هذا ظن لا مصدق له

2- هذا ظن لا مصدق له.

3- هذا ظن لا مصدق له بل الواقع خلافه.

4- هذا علم مصدق. فيكون نهيا عن التزويج.

تعليق

المعنى ان الطيب أي المؤمن الصالح منهي عن الزواج بالخبيثات من كافرات وغير الصالحات، والمؤمنات الطيبات منهيات عن الزواج بالخبيثين، وان الخبيثون من كفار وغير صالحين لهم ان يتزوجوا الخبيثات من كافرات وغير صالحات. وهو بمعنى (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور/3) وما يهمنا هنا هو جواز زواج الخبيث الكافر من المسلمة الخبيثة غير الكافرة، ونهي المؤمن الصالح من الزواج بها وهو نهي تنزيه وكراهة.

أصل

قال الله تعالى (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) [هود/78-80] ولا ريب في دلالة الايات على انهم كفار محاربون. والاية نص في جواز نكاح المؤمنة من الكافر بدلالة ما سبق بان اهله مؤمنون الا امراته. قال تعالى (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ [القمر/33-35] والشكر هنا ايمان وتقوى فهو ثابت لبناته. وقال تعالى (قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [الذاريات/31-36]

بحث

قال في التبيان : وقوله " قال ياقوم " يعني لوطا لما رآهم هموا باضيافه عرض عليهم النكاح المباح (1) ، وأشار إلى نساء فقال " هؤلاء بناتي هن اطهر لكم " قال قتادة، كن بناته لصلبه (2). وقال مجاهد كن بنات امته فكن كالبنات له (3)، فان كل نبي ابو أمته وأزواجه امهاتهم وهو أب لهم.

1- هذا مصدق فهو علم.

2- هذا مصدق فهو علم.

3- هذا ظن بلا مصدق.

قال في تفسير مجمع البيان : « قال » لوط « يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم » معناه أن لوط لما هموا بأضيافه و جاهروا بذلك فألقوا جلباب الحياء فيه عرض عليهم نكاح بناته (1) و قال هن أحل لكم من الرجال فدعاهم إلى الحلال و اختلف في ذلك فقيل أراد بناته لصلبه (2) عن قتادة و قيل أراد النساء من أمته لأنهن كالبنات له (3) فإن كل نبي أبو أمته و أزواجه أمهاتهم عن مجاهد و سعيد بن جبير.

و اختلف أيضا في كيفية عرضهن فقيل بالتزويج (4) و كان يجوز في شرعه تزويج المؤمنة من الكافر (5) و كذا كان يجوز أيضا في مبتدإ الإسلام (6) و قد زوج النبي (صلى الله عليهوآله وسلّم) بنته من أبي العاص بن الربيع قبل أن يسلم (7) ثم نسخ ذلك (8) و قيل أراد التزويج بشرط الإيمان (9) عن الزجاج و كانوا يخطبون بناته فلا يزوجهن منهم لكفرهم (10) و قيل إنهم كان لهم سيدان مطاعان فيهم فأراد أن يزوجهما بنتيه زعوراء و رتياء (11).

1- هذا مصدق فهو علم.

2- هذا مصدق فهو علم.

3- هذا بلا مصدق فهو ظن.

4- هذا مصدق فهو علم.

5- هذا مصدق فهو علم.

6- هذا مصدق فهو علم.

7- هذا مصدق فهو علم.

8- هذا بلا مصدق فهو ظن.

9- هذا بلا مصدق فهو ظن.

10- هذا بلا مصدق فهو ظن.

11- هذا بلا مصدق فهو ظن. الا انه يدل على ان السيدان كانا كافرين وعرض بنتيه المؤمنين عليهما فيكون من ادلة الجواز.

أصل

قال الله تعالى (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الفتح/24، 25] ) والاية تشير الى وجود مؤمنات لا يعلم بايمانهم المسلمون، أي غير مجاهرات بايمانهم يعشن مع الكفار والقول بانهن كلهن لسن زوجات قول فيه مجازفة بل الظاهر ان اكثرهن زوجات. فهن مؤمنات بقين مع ازواجهن الكفار المحاربين، ولم يؤمرن بالهجرة.

أصل

قال الله تعالى ( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا [النساء/75] فالمؤمنات المستضعفات بالعادة موجودات بين الكفار مع ازوجهن الكفار المحاربين ولا يجب عليهم اظهار ايمانهم ولا يجب عليهم مفارقة ازواجه وانما هن يدعون الله تعالى ان ينجيهن. وهذه الاحكام والتسامح مع المؤمن في حياته يشير الى منطقية وحضارية للاسلام وفهم عميق للنفس الانسانية وهو يقع في خانة نفي الضيق والحرج والعسر لان مفارقة الزوج امر قاس وعسير وربما حرج في هذه الحياة المعقدة في معيشتها وربما يترتب عليه ضرر لا يحتمل فليس من المصدق في الشريعة ان يوجب المفارقة، فضلا عن اظهار الايمان. كما انه يشير الى ان الغاية والمقصد في الايمان هو القلب واما الممارسات العبادية فتكون بحسب المستطاع والامكان من دون حرج او ضيق.

فصل: محكم السنة

س

(عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع ، وكانت هجرتها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول ، ولم يحدث شهادة ولا صداقا . رواه الإمام أخمد (1/261) ، وأبو داود (2240) ، والترمذي (1143) ، وابن ماجة (2009) . والحديث من رواية داود بن الحصين عن عكرمة ، وقد قال عنها أبو داود : أحاديثه – أي داود بن الحصين – عن عكرمة مناكير ، وأحاديثه عن شيوخه مستقيمة . قال الحافظ في التقريب : ثقة إلا في عكرمة . المصدر

تعليق: الرواية مشهورة ومصدقة وهي من ادلة الجواز، ورد الادلة المصدقة بالتخريجات السندية لا مجال له ويبطل كثيرا من العلم والحق فيجب تركه.

س

( روى الإمام مالك في الموطأ (2/543) فقال : حدثني مالك عن بن شهاب انه بلغه ان نساء كن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلمن بأرضهن وهن غير مهاجرات وأزواجهن حين أسلمن كفار منهن بنت الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لصفوان بن أمية ودعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام وان يقدم عليه فإن رضى أمرا قبله وإلا سيره شهرين فلما قدم صفوان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه ناداه على رؤوس الناس فقال يا محمد إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك وزعم انك دعوتني إلى القدوم عليك فإن رضيت أمرا قبلته وإلا سيرتني شهرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انزل أبا وهب فقال لا والله لا أنزل حتى تبين لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل لك تسير أربعة أشهر فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هوازن بحنين فأرسل إلى صفوان بن أمية يستعيره أداة وسلاحا عنده فقال صفوان أطوعا أم كرها فقال بل طوعا فأعاره الأداة والسلاح التي عنده ثم خرج صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر فشهد حنينا والطائف وهو كافر وامرأته مسلمة ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته حتى اسلم صفوان واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح . قال ابن عبد البر في التمهيد (12/19) : هذا الحديث لا أعلمه يتصل من وجه صحيح ، وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير وابن شهاب إمام أهل السير وعالمهم وكذلك الشعبي ، وشهرة هذا لحديث أقوى من إسناده إن شاء الله .ا.هـ. المصدر

تعليق: هذه الرواية مصدقة ولها سواهد، وهي حتى من قبل الاصولية السندية غير مردودة وهي نص في الجواز. ولا اعلم كيف يرد المانعون عليها.

فصل: محكم الحكمة

ح

(علي عن أخيه قال: سألته عن امرأة أسلمت ثم أسلم زوجها أتحل له ؟ قال: هو أحق بها ما لم تتزوج ولكنها تخير فلها ما اختارت. المصدر

تعليق: الرواية ساكتة عن نوع الكفر وظاهرها العموم، كما ان قوله احق بها ظاهره عدم انفساخ العقد وهو المصدق واما معنى انه احق بالعقد فلا يتناسب مع اختبارها فيكون المراد البقاء على العقد السابق.

ح

(فقه الرضا: أبي عن جعفر، عن أبيه عليهم السلام في امرأة تسلم تحت نصراني قال: هي امرأته ما لم يخرجها من دار الهجرة. المصدر

تعليق: هذه الرواية المجوزة من الدلائل على ان اية التحريم على الكفار متشابهة.

ح

( عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : إن أهل الكتاب وجميع من له ذمة إذا أسلم أحد الزوجين فهما على نكاحهما ، الحديث .المصدر

ح

(عن أبي مريم الانصاري قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن طعام أهل الكتاب ونكاحهم ، حلال هو ؟ قال : نعم. المصدر

ح

(عن جميل بن دراج ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) ، أنّه قال في اليهودي والنصراني والمجوسي إذا أسلمت امرأته ولم يسلم قال : هما على نكاحهما ولا يفرق بينهما ، ولا يترك أن يخرج بها من دار الاسلام إلى الهجرة. المصدر

ح

(عن السكوني ، عن جعفر عن أبيه ، عن علي ( عليه السلام ) : أن امرأة مجوسية أسلمت قبل زوجها ، فقال علي ( عليه السلام ) : ( لا يفرق ) بينهما ، ثم قال : إن أسلمت قبل انقضاء عدتها فهي امرأتك ، وإن انقضت عدتها قبل أن تسلم ثم أسلمت فأنت خاطب من الخطاب . المصدر

تعليق: الحديث محكم ودال على الجواز، ونهايته بعد العدة لا شاهد له فهو متشابه. وبينا في محله ان المعتمد هو المضمون وليس الرواية، فاذا كانت الرواية مركبة من اكثر من مضمون وكان احدهما محكما والاخر متشابه اخذ بالمحكم وترك المتشابه.

ح

عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ان أهل الكتاب وجميع من له ذمة إذا أسلم أحد الزوجين فهما على نكاحهما ، وليس له أن يخرجها من دار الاسلام إلى غيرها ، ولا يبيت معها ولكنه يأتيها بالنهار ، وأما المشركون مثل مشركي العرب وغيرهم فهم على نكاحهم إلى انقضاء العدة ، فان أسلمت المرأة ثمّ أسلم الرجل قبل انقضاء عدتها فهي امرأته ، وإن لم يسلم إلا بعد انقضاء العدة فقد بانت منه ولا سبيل له عليها ، الحديث .المصدر

تعليق: النصف الاول من الحديث مصدق محكم، واما النصف الاخر بالتفريق فلا شاهد له فهو ظن.

ح

عن يونس قال : الذى تكون عنده المرأة الذمية فتسلم امرأته قال : هي امرأته يكون عندها بالنهار ولا يكون عندها بالليل ، قال : فان أسلم الرجل ولم تسلم المرأة يكون الرجل عندها بالليل والنهار .المصدر

تعليق: اول الحديث مصدق محكم، لكن التفصيل ظن متشابه بلا مصدق.

المتشابه في زواج المسلمة من غير المسلم

فصل: متشابه القرآن

ما خالف المصدق من ايات قرآنية هي من المتشابه يحمل على ما يوافق المحكم.

آية

قال الله تعالى (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُو [البقرة/221] هذه الاية من اقوى ما يستدل به على المنع من الزواج بالمشركين نساء ورجالا، وان غاية الايمان فيها جعله شرطا قال (حَتَّى يُؤْمِنَّ) و (حَتَّى يُؤْمِنُوا) الا ان ظاهر الاية هذا فيه امران لا بد من مراجعتهما:

الاول: ان هذا الظاهر مخالف لاصول تقدمت جوزت نكاح المشركات من قبل المؤمنين والمشركين من قبل المؤمنات. فيكون هذا حكم خاص بمشركي قريش المعادين فلا يعمم. ووجه التشدد هنا بخصوصهم لاجل عمق علاقاتهم بالمؤمنين وخصوصا المهاجرين، ولاجل اهمية مكة ، فيكون هذا الحكم لاجل منع الفتنة والافتتان.

الثانية: ان الايمان هنا هو الايمان برسول الله محمد صلى الله عليه واله وليس مطلق التوحيد ليخرج منه الكتابي، لكن عرفت صراحة النص في الكتابيات و ظاهره في الكتابيين والكلمات التي ستعرفها من البعض في جواز ذلك وعدم النص على منعه، وحمل الايمان هنا على مطلق الايمان بكتاب ممنوع، فيكون واجبا حمل هذا الظاهر على ما بينته من انه حكم خاص بمشركي قريش المحاربين فلا يعمم ووجهه قد تقدم.

آية

قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الممتحنة/10]

اولا: قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ) يدل على التخيير او على عدم اللزوم مع عدم الامر، فيكون رغبتهن بالهجرة شرط اخر غير اسلامهن. فلو امنت ولم تهاجر لم يكن امر بالمفارقة.

ثانيا: الامر باختبار المؤمنة - وهو شرط اخر غير اسلامهن- وهو خلاف ذاتية ترتب الحكم على الاسلام الذي يكفي فيه اظهار الشهادة، ولا ريب ان الاختبار ليس الغاية للحكم باسلامهن بل لاجل عدم ارجاعهن، وهو يعني امكان انفكاك الارجاع عن الايمان وهذا لا يتناسب مع الحرمة المانعة من البقاء مع الكافر.

فهنا شرطان اخران غير اسلامهن وهو هجرتهن وامتحانهن، مما يعني قطعا ان اسلامهن وحده ليس موجبا للفرقة، فمن لا يحل للكفار هي من هاجرت وامتحنت وعلم ايمانها واما غيرهن ممن لم تهاجر او لم يعلم ايمانها فلا تؤمر بالفرقة، كما ان بيان عدم الحل هو توجيه لعدم الارجاع وليس ظاهرا انه امر موجه الى النساء انفسهن بل هو امر موجه الى الامام.

ثالثا: قوله (وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا) و قوله (وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ) وهو شرط اخر غير اسلامهن، فهو دال على ثبوت حق للزوج الكافر، فيكون هنا مسكوت عنه يحتاج الى تفاوض وتراض بين الطرفين، ويكون رد المهر بقوة الطلاق وربما يحتاج الى بيانه الطلاق، وعلى كل حال فان هذا لا يتناسب مع الابطال الذاتي للنكاح بمجرد الاسلام.

فالمصدق ان الحكم هنا تكليفي تنزيهي وليس وضعي مبطل للنكاح وفاسخ له، كما انه حكم خاص باولئك الكفار المحاربين من اهل مكة وليس من عموم مصدق لغيرهم لا زمانا ولا مكانا.

فصل: متشابه السنة

ما خالف المصدق من احاديث سنية عن النبي صلى الله عليه واله اما ظن لا يثبت او متشابه يحمل على ما يوافق المحكم.

س

(عن جابر – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا . والصحيح أن الحديث موقوف على جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما - ، كما رواه البيهقي في الكبرى (7/172) . المصدر

تعليق: الاصل في قول الصحابي انه مأثور عن النبي صلى الله عليه واله الا ان يكون له مدرك قراني واضح او قرينة تدل على الاجتهادـ والاول هو الظاهر هنا. والحديث ليس له شاهد ولا مصدق، بل ان الشواهد النصية وغير النصية بخلافه فيكون ظنا.

س

(روى ابن جرير الطبري في تفسيره (4/366) بإسناده عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه قال : المسلم يتزوج النصرانية ، ولا يتزوج النصراني المسلمة . المصدر

تعليق: الاصل في قول الصحابي انه مأثور عن النبي صلى الله عليه واله الا ان يكون له مدرك قراني واضح او قرينة تدل على الاجتهادـ والاول هو الظاهر هنا. لكن هذا لاثر لا شاهد له ولا مصدق، بل الشواهد على خلافه، فيكون ظنا لا يصح العمل به ولربما يكون لاجل راي سياسي احترازي.

فصل: متشابه الحكمة

ما خالف المصدق من الحكمة الامامية عن الاوصياء عليهم السلام اما ظن لا يثبت او متشابه يحمل على ما يوافق المحكم.

ح

(عن ابن أحمد بن أبي نصر قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل تكون له الزوجة النصرانية فتسلم ، هل يحل لها أن تقيم معه ؟ قال : إذا أسلمت لم تحل له ، قلت : فإن الزوج أسلم بعد ذلك أيكونان على النكاح ؟ قال : لا بتزويج جديد . قال في الوسائل: أقول : هذا محمول على الاستحباب أو خروج العدة كما أشار اليه الشيخ أو عدم الدخول . المصدر

تعليق: قول الشيخ والحر بناء على انه لا بينونة قبل العدة بعد الدخول. لكن هذا لا شاهد له وهذا الحديث لا شاهد له ولا مصدق فهو ظن متشابه.

ح

(عن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل مجوسي كانت تحته امرأة على دينه فأسلم أو أسلمت ، قال : ينتظر بذلك انقضاء عدّتها ، فان هو أسلم أو أسلمت قبيل أن تنقضي عدتها فهما على نكاحهما الاول ، وإن هي لم تسلم حتى تنقضي العدة فقد بانت منه. عن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) : عن رجل مجوسي أو مشرك من غير أهل الكتاب كانت تحته امرأة فأسلم أو أسلمت . ثم ذكر مثله .المصدر

تعليق: الحديث لا شاهد له ولا مصدق فهو ظن لا يعمل به.

ح

عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا أسلمت امرأة وزوجها على غير الاسلام فرق بينهما. المصدر

تعليق: الحديث بلا شاهد ولا مصدق فهو ظن.

ح

( تفسير النعماني ) بإسناده الآتي عن علي ( عليه السلام ) قال : وأما الآيات التي نصفها منسوخ ونصفها متروك بحاله لم ينسخ وما جاء به من الرخصة في العزيمة فقوله تعالى : ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولامة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ) وذلك أن المسلمين كانوا ينكحون في أهل الكتاب من اليهود والنصارى وينكحونهم حتى نزلت هذه الآية نهيا أن ينكح المسلم من المشرك أو ينكحونه ، ثم قال تعالى في سورة المائدة ما نسخ هذة الآية فقال : ( وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم ) فأطلق الله مناكحتهن بعد أن كان نهى ، وترك قوله : ( ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ) على حاله لم ينسخه . المصدر

تعليق: الحديث بلا شاهد او مصدق فهو متشابه.

ح

عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ان أهل الكتاب وجميع من له ذمة إذا أسلم أحد الزوجين فهما على نكاحهما ، وليس له أن يخرجها من دار الاسلام إلى غيرها ، ولا يبيت معها ولكنه يأتيها بالنهار ، وأما المشركون مثل مشركي العرب وغيرهم فهم على نكاحهم إلى انقضاء العدة ، فان أسلمت المرأة ثمّ أسلم الرجل قبل انقضاء عدتها فهي امرأته ، وإن لم يسلم إلا بعد انقضاء العدة فقد بانت منه ولا سبيل له عليها ، الحديث .المصدر

تعليق: النصف الثاني من الحديث لا شاهد له فهو ظن. اما النصف الاول فمصدق وقد تقدم.

ح

عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي الحسن ( عليه السلام ) ، في نصراني تزوج نصرانية فأسلمت قبل أن يدخل بها ، قال : قد انقطعت عصمتها منه ولا مهر لها ولا عدة عليها منه .المصدر

تعليق: الحديث لا شاهد له ولا مصدق فهو ظن.

ح

عن السكوني ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في مجوسية أسلمت قبل أن يدخل بها زوجها ، فقال : أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لزوجها : أسلم فأبى زوجها أن يسلم فقضي لها عليه نصف الصداق ، وقال : لم يزدها الاسلام إلا عزا. المصدر

تعليق: الحديث بلا شاهد او مصدق فهو ظن.

ح

علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ( عليه السلام ) قال: سألته عن امرأة أسلمت قبل زوجها وتزوجت غيره ، ما حالها ؟ قال : هي للذي تزوجت ولا ترد على الاول .المصدر

تعليق: حديث متشابه لا شاهد له.

اشارة:

مقتضى صناعة الفقه الاصولي (الاستقلالي) السائد هو الجمع بين الادلة المجوزة والمانعة بحمل النهي على الكراهة، فيكون الحكم هو الجواز على كراهة. والادلة المجوزة في الكفار المشركين، بل والمحاربين الا صفوان بن امية فقد كان حينها مشركا غير محارب. فيكون هذا الحكم شاملا للجهتين أي زواج المسلمة بالكتابي وبالمشرك والملحد. مع ان ادلة المنع فيها قرائن متصلة تشير الى عدم الالزام ففي الاول هناك عبارة (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ [البقرة/221]) وهو دال على التخيير ، وفي الثاني (وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا [الممتحنة/10]) (وَآَتُوهُمْ ) أي الكفار (وَلْيَسْأَلُوا) أي الكفار ايضا. وهو دال على ثبوت حق لهم وعدم انفساخ العقد، وقول ابن عباس ( هي املك لنفسها) وهو دال على التخيير، والاجماع تسالمي تقليدي تسامحي ومدركي كما ان الاجماع ليس حجة من الاساس.

هذا وفق الفقه الاصولي الاستقلالي السائد، اما وفق الفقه العرضي الذي اعتمده فان الحجة ليس فقط ظاهر الدليل الخاص بل هو الدليل الخاص مع الاصل المصدق له ومدى اقتراب الدليل الخاص من الاصل. وهناك اصول كثيرة نصية وغير نصية كالإحسان الاسلامي وحضارية الدين تصدق وتشهد للجواز في الجهتين، فتكون ادلة المنع ظاهرية لأجل غرض سياسي منعا للفتنة والافتتان واضعاف دولة الايمان الفتية حينها.

واما بحث المسالة من حيث الابتداء بالنكاح او الاستمرار فيه فرغم افتاء المجمع الفقهي الاوربي بجواز الاستمرار ومنع الابتداء، وربما اعتمادا على ما تقدم من حالتي ابي العاص وصفوان الا ان ادلة الجواز المحكمة لا تساعد على التمييز بينهما فلا اختلاف بين الحالتين بل كل حالات الجواز وادلتها مصاديق لحكم واحد ابتداء او استمرارا.

ولا يقال ان ادلة التحريم نصية دلالة ومتفق على العمل بها، فان هذا لا كلام فيه، وانما الكلام في احكامها أي في كونها محكمة، مع وجود اصول كثيرة نصية وغير نصية اسلامية لا تتوافق مع المنع والتحريم ومن هنا ولأجل الظنية المستقرة في جهة المنع لعدم احكام دليله يكون العلم بمنع التزويج غير محقق بل ان لم يكونوا محاربين فالمنع ضعيف، نعم الادلة ظاهرة في النهي عن المحارب كتابيا كان او غير كتابي، والمتيقن منها الكراهة.



   نشر في 22 ماي 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا