من هو الله؟ لعل هذا التساؤل هو أول مايطرأ على طفلك الصغير حين تخبره بديننا وهذا نفس السؤال الذي سيطرحه عليك الكافر حين تحاوره عن دينك.

حتى قريش لم تطق صبرا حتى راحت تسأل نبينا عليه السلام فقالت: "انسب لنا ربك". فنزلت حينها سورة الاخلاص.

وقبل أن أعرج بالذكر عليها، أتأمل الحال قبل أن تنزل السورة.  فلو قدر أننا علمنا بأن الوحي سينزل بما يبين لنا من هو الله، لكان المتوقع آيات كثيرة تبين عظمته سبحانه. لكنها جاءت فقط أربعة آيات، كأن كلمات يسيرة فيها من المعاني ما يكفي لأن تدرك من هو الله حقا..

"قل هو الله أحد"

واحد، تخبرنا الآية أن الله واحد فقط. ليس اثنان ولا ثلاثة. تشعر بها أن قلبك متجه باتجاه واحد يملئك هذا شعورا بالصفاء والارتياح فكرة أن تكون عبدا لآله واحد مريحة للنفس الانسانية بل ومطابقة للتفكير المنطقي العقلاني "وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ".

"الله الصمد"

الصمد افهمها بأنه الواقف (معنى لا وصفا تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا)، الكل باستثناء الله، يتحرك يتغير تجري عليه الأيام هو الآن ليس كما بالأمس أو قبل ملايين السنين. تؤثر فيه الأحداث والتي لم تؤثر فيه للآن هو لازال يرقبها حتى تجيء. لا أحد مسيطر سيطرة كاملة عن تفاصيل وجملة ذاته أبد الدهر. وإن وجد، فهو قطعا لايملك السيطرة على ماحوله. وصف الله نفسه بالصمد الذي لا يؤثر فيه أي شيء لا الزمن الذي هو من خلق الله فهو سبحانه فوقه، ولا يحتاج إليه، ولا يحيط الزمن به. ولا أي شيء يؤثر فيه من ذلك تفهم قوله سبحانه "والله غالب على أمره". وما دام هذا وصفه سبحانه لذاته، فإن كل ماعداه محتاج إليه الكل يحتاج الصمد وهو مستغني عن كل أحد وشيء.

"لم يلد ولم يولد"

جاء البيان هنا إجابة لتسؤل لاح في الأذهان بعد قراءة ماسبق، "إذا من أين جاء الله؟" وكما قال المشركون مرة لنبينا "حدثنا عن أول هذا الأمر" فقال عليه السلام: "كان الله ولم يكن شيء قبله". 

لم يلد: تأكيد لوحدانيته، لم يأتي أحد منه هو واحد ولا أحد مساوي له او حتى فيه جزء من ذاته. لم يولد: أي لم يأتي من فراغ من ماضي، لم يكن ثم كان، كلا بل هو سبحانه له الحضرة الدائمة المتعالية على الزمان والمكان.

"ولم يكن له كفوا أحد"

وبعد تلك الصفات العظيمة التي لا يقدر على الإحاطة بها أحد ولو بجزء يسير يأتي تساؤل بديهي في الذهن: إن كنا لانحيط به إدراكا  فعلى الأقل أرنا مايشبه ربك من حولنا لتقترب لنا الصورة؟. فيأتي الجواب قاطعا من الله سبحانه كل فكرة تساور ذهن البشر بهذا الشأن، بأنه لا شبيه له ولا مثيل ولا حتى بجزء بسيط. 

كلمات يسيرة حوت معاني عظيمة.أحب هذه السورة وقرائتها دوما تشعرني بأني بحضرة الله سبحانه...