السياسة الملعونة
قراءة سريعة .. على حقيقة الامور !
نشر في 17 ديسمبر 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
في طفولتي لم اجد غير البكاء لأحصلَ على ما أريد .. ولم اكن اجدُ شيئاً ، مرتِ اْلسنون و كَبُرَ هذا الطفل و اصبح شاباً ، واجاد الصراخ عِوضاً عن البكاء فلم يحصل على شيء ايضاً .
و لا زال يتردد في ذهني فلانٌ و علانٌ من ابناء الجيرانِ الذين لا طالما تمنى اهلي أن اكون مثلهم ، وهم الذين اجادوا الحصولَ على ما يريدون بصوت خافت ! وكنا نسميهم "المُسايْسون"
ويالجنون هذه السياسة !!
فعندما حُكيَ لي عن قدرة السياسية ان تدمر بلدأ او تبنيه بأخرى كنت ارى ما يُحكى ضرباً من الجنون ، و عندما قِيلَ لي أنها تخيلك الشمس بدراً و أن الحاكم الظالمَ القاتلَ منقذً لشعبه ، و أن الثائرَ المناضلَ مجرمٌ منحل .. كنت ارد عمّا يقال بـ "لعلكم تتوهمون" ، ولم يكن المتوهم الوحيد شخصٌ غيري !
يبدأ التكوين الفكري للفرد في مرحلة الدراسة الابتدائية ، ليبدأ وعيه بالأوضاع المحيطة إلى حدٍ ما في مرحلته الإعدادية ، ولهذا في هذه المراحل يبقى المرجع الاول المستسقى للفرد هو مناهج تعليمه ، ولأنني عربي فحدث ولا حرج . فالمناهج التي ندرسها لا احسبها وضعت لكي تكون مصدراً للعلم ولتنمية هذا العقل العربي الذي لا يستخدم إلا إذا اخرج من بلاده التي اصبحت كالسجن له . لأنها سياسة !!
لن اتحدث عن نظرية المؤامرة ، ولن اتحدث عن كيف ان نيتنياهو و المجتمع الدولي لا ينام الليل لكي يجد طريقة لإيقاف العرب عن علمهم و تطورهم و بحثهم ... بلا جنون !! من يقتل العرب هم العرب انفسهم ، ومن اجل السياسة .
إنها سياسة حكامنا العملاء .. فمنذ صغري و انا اتعلم ان زعيمنا الثوري قام و عمل و اشاد ، وصوره في مقدمة كل كتاب من كتبي الدراسية ، و في كل كل حصة تاريخ يحكى لي عن امجاد تاريخهم الحاضر و قد صنعوا مالم يصنعه سابقوهم !
اكبر فيزداد المنهج تعقيداً .. و كذباً ، ولكن على مستوى آخر ، فعندما وصلت الإعدادية ، يروي لي المعلم كيف ان الخلافة العثمانية كانت حكماً ظالماً جائراً ، فلقد اغتصبت البلاد عن اهاليها و حكامها ، و ألزمت الشعوب بحكم للأتراك العثمانيين بتركيا ، ولا ادري كيفَ نسي كاتب المنهج ان هذه الدولة كانت دولة فتوحات و إنتصارات وعزة للمسلمين ، ومن ينكر ذلك فهو كمن ينكر وجود الشمس ! لكنها السياسة ..
و الغريب ان هذا الذي نتعلمه يتفق مع ما يريد العالم آخر منا تصديقه ، مع رعبهم المستمر من إقامة الخلافة التي لا طالما هزت مضاجعهم .. ونعود مرة اخرى و نقول انها نظرية المؤامرة .. إنها المؤامرة التي يصنعها طواغيتنا !!
تخرجت من الثانوية .. لأدخل الجامعة ، ولأرى السياسة من بعد آخر ، فأنا اعلم بأن طالب الطب ، لن يدرس عن تاريخ زعيمه و قائده ، ولن تعطى له المحاضرات في مناقب الحكام و فضائلهم . لكن ، كان ماهو اكثر فعالية و هو "الإعلام" ، فلقد قام سدد الله خطاه .. فخامة الاخ المشير ، جلالته رضي الله عنه بالتشييد و بالبناء و بالتحسين ، و كما يواصل سعادته بالسعي الحثيث في بناء علاقات افضل مع ... إلخ .
هل شاهدتهم رئيساً في العالم يتم شكره كما يتم شكر حكامنا العرب ؟!
لعن الله السياسة !! كم خُدعنا و شُربنا الجهل منهم ، حتى اضحى الجميع لا يرى جرائمهم و مصائبهم و سرقاتهم .. وان رآها تقبلها بصدرٍ رحب ، فهو لا يدري مالذي سيحدث له إن غاب عنه حاكمه.
هل لا زلت ترى ان السياسة لا يمكن ان تخدعك ؟
اخبرني عن الذي تعرفه عن نيلسون مانديلا ( و اقتبس من موقع اجنبي قرأتُ مقاله ) :
الصورة الموضوعة لنيلسون مانديلا كشخص مضحي ومتواضع و مكافح للحرية قد صنعت جيداً في الغرب ، ولكنه يمتلك اكثر من زلات تسترعي الانتباه .. فلقد وقع على قتل الكثير من الابرياء عندما كان رئيساً لحزب رمح الأمة ، وكان في الحقيقة مقرباً للكثير من الرؤساء الديكتاتوريين ولقد قاد كفاحاً مسلحاً ، ولم يكن يمشي بالورود كما يظن الجميع.
مقال آخر - غير مترجم - :
remembering mandela without rose colored glasses
و مقطع فيديو آخر هنا : https://www.youtube.com/watch?v=wIKqRpkB3T4
هل استعجبت ؟! و الامثلة كثير ..
فسأحكي ايضاً عن سياسة بلدي العجيبة ، ولا تستعجب لأنها سياسة !!
فلا تتفاجئ إن اصبحت تقتل لنفس السبب الذي كان يدافع عنك به .. لأنها سياسة !!
ولا تستغرب ان دعمت من دولة و دعم خصومك من اخرى لتتناحروا ، بغض النظر عن المخطئ و المصيب .. ثم تترك بعد ان تقوم الدولتان بتحشين علاقاتهما .. لأنها سياسة !!
لا تتعجب ان اصبت في احد الحروب ، بل لعلك فقدت احدى اعضاءك ، تبيت ليلك على ساحات المطار ، و تنتظر طائرة الإسعاف ان تنقلك .. و غيرك من "المحلحلين" في ابهى الفنادق و القصور .. لأنه سياسي يمارس السياسة !!
وهكذا هي السياسة ..
وفي الاخير .. دعوة للإستيقاظ على حقيقة الامور ، دعوة لإخلاء النعرات ، دعوة لتوحيد الصفوف ، بعيداً عن كذب السياسة .. هذا هو مرادي !!
-
محمد باذيبباحث عن ضوءٍ يُنيره !!