هزو بنا العلام... زيدوا بنا القدام.... إيلا خيابة دابا تزيان...
قصة
نشر في 21 يوليوز 2015 .
هزو بنا العلام... زيدوا بنا القدام.... إيلا خيابة دابا تزيان...
رجع من عمله منهكا، وجد زوجته في انتظاره أمام صينية الشاي تدندن:
هيا هيا جايا تخضار أو تصفار...
هيا بعدا ... لايحا السالف على ليزار
أه...أه...
أنا بعدا مقبلا البحر لا يرحل...
أنا خصني جيلالة ونطيح...
هنا وليدي...
أخذ كأسين فارغتين وبدأ ينقر بهما على حافة الصينية، عازفا لحن أغنية "أ الليل أوا..." التي تحبها زوجته. بدأ يردد لازمتها داعيا إياها بحركة من رأسه، إلى مواصلة الأغنية التي تحفظ كلماتها عن ظهر قلب. لكن الزوجة ظلت صامتة، على غير عادتها...
- ما بك؟ لماذا لا تغنين؟
- لم يعد هناك ما يشغلني غير الغناء... قالت بلهجة ساخرة.
- الغناء هو الشيء الوحيد الذي يعالج الروح. منذ توقفت عن العزف وغرقت في المشاكل وأنا مهموم ... هيا غني وأنا وابنتنا نرد عليك...
صاحت البنت وهي تجر قفطان أمها:
- ماما... ماما.. ارقصي لنا...
- كيف أرقص وهذا البطن بارز أمامي؟
- أرجوك ماما... أحب رقصك...
- ارقصي أنت .. لقد أصبحت ماهرة في الرقص..
التفتت الطفلة إلى والدها قائلة:
- الكنبري أفضل من الصينية... أبّا... هل أحظره لك؟
لم تنتظر جوابه... أسرعت تحظر الآلة الموسيقية التي ظلت معطلة زمنا طويلا. احتضن الكنبري بشوق، وراح يعزف على أوتاره أنغاما هزت الزوجة. فإذا بها تردد الأغنية وتصفق بيديها في انسجام تام مع ايقاع الأوتار..
آ الليل أوا...
آ الليل الليل آ سيدي عمارة ...
آ الليل أوا...
علموك آ سيدي أولاد النصارى...
آ الليل أوا...
علموك السبسي و جلوس الكرسي
آ الليل أوا...
آ الليل الليل آ سيدي حميدة...
علموك أ سيدي بنات النصارى
آ الليل أوا...
علموك الضسارة و شغل النصارة...
فهم الزوج قصدها من تغيير اسم "اعمارة" باسمه المصغر، وانحرافها عن كلمات الأغنية الأصلية، لترتجل أخرى، تعبر عن مشاعرها الخاصة. لكنه ساير الأغنية رائق المزاج، وهو ينظر إليها نظرة تلمع شهوة. التقطتها بدورها بإبتسامة عريضة وهي تواصل:
آ الليل أوا...
آ الليل الليل آ سيدي حميدة...
عرصوك عليّ بنات المدينة..
آ الليل أوا...
علموك السيبة و تزواق الحيلة...
آ الليل أوا...
انضمت البنت الصغرى التي ظلت تلعب بدميتها إلى أختها داخل حلبة الرقص، ما زاد حماس كل من الزوجة وأحمد زوجها وهما يتابعان الجسدين الصغيرين المتمايلين على إيقاع الأنغام والمرحة..
ظلت تغني والجوقة الصغيرة تردد معها اللازمة. أخرج الأب من جيبه أوراق نقدية، علقها فوق صدر زوجته على غرار ما تفعله النساء المغنيات في الأعراس والحفلات عندما يذكرن في الأغنية أسماء أزواجهن...
- وأنا؟ قالت البنت الكبرى...
- حتى أنا؟ تبعتها الصغرى..
بعد تناول العشاء، حملت الزوجة الأواني إلى المطبخ، غابت قليلا، ثم عادت تحمل صينية الشاي وإناء مليئا باللوز والجوز. وجدت الطفلتين جامدتين في مكانهما تغطان في نوم عميق والزوج منهمك في البحث عن أوراقه النقدية... آثارته رائحة عطر.
رفع رأسه، ليفجأ بزوجته في كامل أناقتها وزينتها لم يشعر إلا وهو يقف ليعانقها ويقبلها قبلة محمومة قبل أن يساعدها على الجلوس بجانبه...
- هكذا أريدك أن تكوني دائما... أريد زوجتي التي سلبت عقلي وجعلتني لا أرى من النساء غيرها...
- وهذا البطن... أين أضعه؟
- في نفس المكان الذي كنت تضعينه فيه سابقا..
- ولكن...
باغتها بقبلة طويلة كتمت أنفاس الكلمات داخل حلقها...
سعيد تيركيت
مقهى المنظر الجميل - الخميسات - المغرب- 21 / 07 / 2015