سأخبركم عن معناه، ليس هو الكلمة التي حصرناها في المناطق المظلمة فهو يضيء رغما عنا، وليس هو بمفهوم واحد أو حتى متعدد المفاهيم، إن هذا المخلوق هو قوة الحياة، إنه حلقات الوصل بين الأشياء وبين الأشخاص وبين الكون، إنه الانسجام، فإذا أصاب الضمور أحد حلقاته حدثت تلك الكوارث الإنسانية، وصاحبتها الكوارث الكونية في الجهات المختلفة من هذا الكوكب الصغير، إن هذا المخلوق يتجاوز هذا الكوكب وكل ما فيه، إنه واسع وأوسع من سعة الأكوان فهو من يتناغم مع كل الذرات والذبذبات والحركات والسكنات وحتى الأشياء الخفية التي يديرها هذا المخلوق المشع.
لكنني هنا حين أتمسك به في أغلب كتاباتي فإنني أعني به الحياة بكل ما فيها، العلاقات بمختلف أنواعها وأشكالها، فهو الرابط بين الآباء والأبناء، والرابط بين الناس بمختلف مسمياتهم، والرابط بين المدير والمعلم، والمعلم والطالب، والطالب والمعلومة، والمعلومة والعقول، والعقول والأكوان بكل ما فيها، إنه الأسطورة التي لا يمكن أن نصنفها بالخيالية أو الوهمية، فهذا المخلوق هو الأسطورة الحقيقة الذي يشرق مع الشمس كل يوم ورفيق حميم للقمر، صديق النهار ورفيق الليل يعيش معنا كل يوم يتعالى.. يتوسع.. يتعمق.. يغوص في حدقات الحياة ليعود بجديده المألوف، وكل مرة نكون أكثر دهشة.
جلجلتهُ العميقة تتمايل مع جميع الطرق، حتى طريق الشر ليعّلمه كيف يصغي له ويخضع لقانون الكون، فهو يقترب من أماكن العتمة لأنه يعرف تماما أن نوره سوف يصنع معجزة فيتبدل الظلام، فكلما اقترب من الظلام أنار.. لذلك فهو المعجزة التي تكون دليلنا بجميع حالاتنا، نعيش به مع الأدوات، نعيش به مع الأصدقاء، نعيش به مع الإخوة، نعيش به مع المرشدين، نعيش به مع علاقاتنا الخاصة، وأيضا الخاصة جدا.
لذلك يهزني العجب حين تتوارى الوجوه لذكر هذه الكلمة البسيطة العميقة التي تعبر عنا بكل براءة وجمال ونية نابعة من النور، وأتساءل كيف لا نعي سعتها، كيف لا ندرك معناها، كيف نخجل منها وهي نحن..
كلما كنا مسؤولون عمّا نقول، كلما تخلينا عن مسؤولية فهم الآخرين كل حسب إدراكه ووعيه ومعرفته بمفهوم الشيء، أنه المخلوق المتماوج معك الآن، وهو ذاته من يدفعك لإكمال قراءة هذه الكلمات، وهو نفسه من يجعلك تخرج للنزهة أو لشراء ما ترغب، وهو نفسه من يدفعك للحنان، والرحمة، والعدل، وهو هو من يعيش بك ويعيش في أدق التفاصيل التي نعرفها والتي لم نعرفها بعد والتي قد لا نعرفها للأبد، وهو أيضا مركز البدايات والنهايات وما بينهما، وحين تتداخل فيه السخائم تبدأ الاضطرابات والخلل وعدم التوازن، لذلك فليكن هذا الشعار معنا في كل الأوقات( إنه الحب).