لا لم أستطع التعرف عليك ، كيف لي أن أتعرف عليك يا ساجد وأنت لم يكن لك معالم لوجهك ، أغفر لي أرجوك لكن لم أعرفك ماذا أفعل ! لم يخطر في عقلي أنني سأفتقدك بهذه السرعة ! ساجد ( من كتر ما ناديتك وسع المدى وسع المدى ) ! ، لماذا لم تجب ، عندما ناديتك بإسمكَ صرخت بكل ما أملك من قوة ! ناديتك لكنك لم تجب ! كان الليل قد خّيم منذ مُدّة لم أستطع أن أُميزك بسرعة من بين تلك الأشلاء المتناثرة بكل مكان ! أنت لم تمت ! هم يكذبون عليّ ! ساجد المهدئات لا تقوم بعملها كما يجب ! لم تجعلني أنساك ! ( لو كِلن نسيوك وحدي ما بنساك ) ! أنا أشعر بك بجانبي بكل ما أقوم ! رجوتهم أن تدفن بالقرب من منزلنا ! لكن لا أحد يسمعني ! أشعر وكأنني جننت بعد رحيلك ! أتخيلك بكل مكان ترافقني دائماُ ! أنك ستفتح الباب في أي لحظة !
تخصصت علم النفس في الجامعة ! لكن كل هذا لم ينفعني في تجاوز هذه المرحلة ! كيف لي أن أساعد الناس وليس لي المقدرة على مساعدة نفسي أولاً ! عندما هممتُ برسمك نسيت ملامح وجهك كل ما أتذكرة صورتك عندما وجدتك ملقى على الأرض لم أعرفك سوى من قميصك الذي أحبه كثيراً ، عرفته رغم الدماء المُكتَظة ! مخيلتي لا ترسم صورة أخرى لك ! كيف لي أن أرسمك وأنا لم أعرفك ! كانت الدماء في كل مكان ! لم تغسل بالماء والثلج والبرد بل غُسلت بالدماء ! لكنني عرفت لاحقاً أنك لم تفارقني جراء القصف وحسب بل كان القناص يتربص لك بالمرصاد ! الهذه الدرجه كنت تشكل خطر كبير عليهم !
يا أُمي ساجد رحل دون أن يقول كلمة يودعني بها ! رحل دون سابق إنذار ! أُمي قولي كلمة واحدة لأصحو من هذا الكابوس ! ساجد أنت لم تمت أنا أكتب رسائل يوميه لك أرسلها لمنزلنا لابد أنك ستقرأ ! أنا سأبقى في بيت والدي لفترة قصيرة وسأعود إلى منزلنا ! سأنتظرك دائماً ! قولي ليّ يا أُمي أنه سيقرأ ! أنتظرته في مكاننا المعتاد لكنه لا يأتي ! النادل يخبرني أنه عليّ العودة إلى المنزل لأنك لن تأتي ! أنا أُكذبة لكن في كل مرة أعود خائبة ! (نطرتك ع بابي وع كل البواب ) ! كُسر جناحان ذاك العصفور القوي من بعدك يا ساجد ! حتى عندما أكتب إسمك أناديك أن تأتي من قبله ! أيعقل أنني جننت ! إنها اعراض الجنون !
ساجد أريد أن أقول لك الكثير ، قرأت عناوين الصحف وكان إسمك يتربع وسطها ! يا ساجد ما أريد أن أقول أنني أتحدث معك دائماً لكنك لا تجيب ! كيف لي أن أبكي وأنت لست معي لتربُت على كتفي بكل حنان ! من الذي كان يكذب عندما قال انه لن يقف الموج بعد رحيلك ! كل شيء بالنسبة لي توقف بعد رحيلك ! ساجد ( التلج إجا وراح التلج عشرين مرة إجا وراح التلج ) ! كان عليّ أن أحسب حساب هذا اليوم ! يوم رحيلكّ ! لكن لا يمكن أن نهرب من قدرنا ! عليّ أن أجتاز هذا الإختبار بجدارة ! لكنه ليس ككل الإختبارات ! كيف ليّ أن أجتازة وأنت لست بجانبي ! من سيساندي من بعدك ! لم أملأ روحي منك بعد ! كان رحيلك سريع ووداعي لك سريع ! لكن من بعد رحيلك كل شيء توقف عن التحرك ! رحيل كهذا الرحيل يا ساجد يحتاج حُزناً عظيماً !
عندما غمر الفرح قلوبنا يا ساجد نسينا أن نسجله بأيدينا على دفاتر ذكرياتنا ، ربما لم يكن الوقت كافٍ لحفظ مثل هذه الذكريات لأيامنا العصيبة هذه ، ربما في حينها لم تكن الدنيا تسعنا بكل ما رَحِبتّ ، ومع ذلك كُله عشا الحزن وتعايشنا معه إعتدنا عليه وإعتاد علينا ، كان لدينا الوقت الكافي لكي نسجل ونكتب ونُخطأ ونعيد التكرار مئات المرات لِنُجمِّل مثل هذه اللحظات السيئة ،
والأن ؟! حل الشتاء يا ساجد باكراً وأصبح كل ما حولي معتم والهواء لا يكفي ليملئ رئتي ! أشعر بالإختناق ! أصبحت الصورة من أمامي غير واضحة ! مشوشة ! وليس بيديّ سوى الصمت ! ويا ساجد إنتا بضل وردة إنقطفت على بكير !