إحساس مرتطم باليأس وجدار ينوح بالبأس،الدموع حرمة مقدسة وآلتئام جرحها هو إنتهاك للمتعة، العيون مفتقعة بالنسيان مسهدة طوال ليل داج لا ينقضي وتبكي نياابة عن جدار البيت المحترق،
أستيقظ كل صباح مع ثماني وعشرين فراشة يحملها صدري مكدسة تكدس الموتى في مستشفيات بلدي الدامي ترفرف أجنحتها عبق أتربة بيتنا المنقظية وأشتم فيها رائحة الحريق المفتعلة..
تكرر أمي أن بيتنا بارد و أقول أنا أنه كأجساد الموت الخاوية المتعفنة داخل قبرها،الموتى هناك أرحم منا فالأروح قد غادرتهم لكن أرواحنا منهكة وهي تصتك ببعضها وتئن ..بسبب البرد القارص بسبب ثلوح الألم المتساقط بسبب فصل شتاء أخر،بسبب البرد المنسكب داخل عظامنا ...نحترق،لذا نتدفأ بالجدران نلتحف بها !كأشباح أبت مفارقة موكب العزاء ولا تحن كطفل الحقيقة المنعدم وجوده نحن وهذا الخذلان واحد..
نحاول أن ندفأ البيت أحيانا لكن لا تصمد نيران الخيبة المحشورة داخل أجسادنا سوى بضع ثوان فالخشب الذي تحظره أمي لا ينفع هو مرتوي حد الثمالة من صنوبر عاكف في جسدها، تبلله بدموعها حتى يتشرب ألمها ثم تحرقه كي نتدفأ ،هذا ليس ذنبها ولكنها لا تفهم تردد كعجوز خائر ورقاص ساعة ضائع «منزلنا بارد يحب أن نحترق» هي محقة هو بارد،خال من كل أمل وحالك كجوف بطن الحوت الأكل لسليمان، لذا وجب أن نحترق..أردت أن أشعرنا بالدفئ وألبي رغبة أمي ذات مساء لذا جمعت الخشب من كل وقت ومكان.. أحظرته من صور الماضي السوداء،من سواري الضائع بالتراب،من ساعة جدي النائم في المقابر،من دفتر ذكرياتي الملساء حتى أنني إقتلعته من جذور أغاني الأطفال،من صوت الفؤاد، من ريح كانت تربت فوق جباهنا،من بقايا سجائري والدي ،من خلف قضبان البيت،من زهور ذبلت بالأمس ،حملت ما أمككني حمله وعدت به لثلاجة الموت،لصقيع الجحيم..كنت أريد أن أجعلنا نتدفأ مرة وإلى الأبد كنت أريد ذالك حتى لا تضربنا عاصفة برد حتى نخرج من عهد سيبيريا المحترق...لذا أحرقت المنزل بكل من فيه...
المكان دافئ الان نعمت أمي بجنة مستعرة أخيرا تماما كما أرادت «تدفأنا حتى إحترقنا»وفحم جثتها شاهد وغبار دهشتها واجف ورماد ضحكتها دافئ حتى هذه الساعة....
.يقف صوت مزعج على رأسي كل يوم ويصرخ«أنت مجرمة أحرقت بيتك وقتلت أمك سيحرقك الرب !» لكنني لا أفتح عيني له أبدا لا يفهم أنني حققت رغبتها ونعمت في هذا التراب الدافئ أنا وأمي... ومعنا الرب.
رغما ذلك مزالت الفراشات نائمة فوق جسدي لا أفهم السبب إعتقدت أنها سترحل حين نحترق ولكن هي أشد سواد الأن وتتكاثر أسرع من ذي قبل تنغرز أعمق ويتساقط منها رماد منزلنا المحترق نحو فجوة مجوفة داخلي وهذا لا ينتهي... لكن المكان دافئ والنيران لا تخمد أبدا هنا.
التعليقات
لكن للتعلم من بعضنا أحوج منا إلى المجاملة. النص كتب على عجالةٍ شديدة ويحتاج إلى مراجعةٍ لغوية شاملة. النص بديع جداً لمن يقرؤه بنفس العجالة التي كتب بها.
سامحيني. لا أحب أن أقيد حريتك ولا أن أقلل من قيمة كتاباتك. لكن غيرتي على قصتك الجميلة دفعتني لهذه الملاحظة. أتمنى أن أقرأ لك مستقبلاً نصوصاً أرقى شكلاً ومضموناً. وسيأتي ذلك اليوم حتماً.
في البداية شدّني العنوان لكن الموضوع أصابني بصداع ، ذلك الصداع الذي أعشقه !
والذي لا يصيبني إلا عند قراءتي لروايات (وائل رداد) فما كتبتيه اليوم اشبه بما يكتبه ذاك الكاتب ، فقد دارت الاسئلة فورا في رأسي كعاصفة تأبى الرحيل ،
قلمكِ مبدع ، اكملِ الكتابة على هذا المنوال و سيكون لكِ بصمة مؤثرة في عالم الادب ، ان شاء الله ، احسنتِ . واستمري في الكتابة والقراءة بشغف .