أصبحنا نعيش أزمة حب خانقة في زمن طغت فيه المادة والجسد على العقل والروح، شوشتنا وسائل الإتصال الحديثة وقصص العشق الدرامية،وانتقلت إلينا عدوى المفاهيم والفلسفات الغربية التي تبدو براقة أنيقة تنضح بالرومانسية الحالمة بما فيها مفهوم الحب والإغراء،ليتم تسويقها بشكل جذاب يقبله الجميع،حتى أصبح السواد الأعظم من العشاق يعبرون عن مشاعر مزيفة لمجرد الإعجاب والإنبهار الأول ويبوحون بكلام آلي متكرر بلا روح ولا عاطفة.
ومع ترسخ ثقافة المواعدة في أذهان الشباب وتقليدهم الأعمى للغرب المتحرر،أضحت العلاقات الغرامية أمرا ضروريا في حياة كل شاب ومحور اهتمامه،وإلا اتهم بالغرابة والتخلف والرجعية من قبل أقرانه،واستجابة لنداء العاطفة ونظرا لغياب الوازع الأخلاقي،ينسجون في الظلام قصصهم الوهمية ويتسابقون من أجل الظفر بلذة عابرة والخوض في مغامرات جديدة،مما يولد الرغبة في التجديد والتنويع ودس مزيد من الحطب إلى لهيب الشهوة الخامدة،لهذا مايلبث الحب أن يتداعى ويسقط في مستنقع آسن مليئ بالشك والغيرة والقسوة.
وهكذا يتحول الحب من فطرته السليمة القائمة على ائتلاف الأرواح والقلوب،إلى سلعة مادية مستهلكة في إطار علاقات مريضة يشتغل أصحابها بالتنكيل والانتقام لشعورهم الدفين بالتعاسة والألم،فالحب المادي محكوم عليه بالخيبة والملل والفشل ومقضي عليه بتغير القلوب وتقلبها إلى الأسوأ.
ولهذا اهتم الإسلام بالتوافق الروحي بين الأزواج،ووضع هذه العاطفة السامية في إطارها الصحيح لتنمو وتثمر فتسمو معها العلاقات الإنسانية،وتظهر معانيها العظيمة على المتحابين في طاعة الله،وما رد إلا الحب الذي يتخلله الرجس والفحش فيكون آخره الزنا والعار،في حين كانت الكنيسة تدعو إلى الترهب وتحرم الزواج وتعتبره أمرا مذموما، والقرآن الكريم تحدث عن الرحمة والمودة وهما من أسمى معاني الحب.."ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" فبهذه العواطف السامية تمتزج قيم المحبة والصداقة والرقة والحنان،بعيدا عن الحب المادي الذي يجر أتباعه إلى دوامة الفشل والاحباط كما تجر الخيول عربتها.
لذلك حافظوا على قلوبكم بيضاء..سليمة..نقية..طاهرة كما فطرها الله أول مرة،لا تدعوا المادة تقيد مشاعركم،وتزرع الحقد والكراهية في قلوبكم فتتغير معها نظرتكم إلى العواطف السامية التي حبانا الله تعالى بها..ولا تفقدوا الأمل في إيجاد قلوب وفية صادقة حتى وإن أصبحت كأقصوصة خرافية في عصرنا هذا..لحب أقوى وأدوم..أحبوا لوجه الله!
بقلم: هدى وضاف
التعليقات
ليس من النوع الذي حذرتى منه في ثنايا مقالك القيم يا هدى.. فليس حبا .. اذا احتوى
( على مشاعر مزيفة لمجرد الإعجاب والإنبهار الأول و بلا روح ولا عاطفة.)
(فالحب المادي محكوم عليه بالخيبة والملل والفشل ومقضي عليه بتغير القلوب وتقلبها إلى الأسوأ)
هنا نأتي الي الحب الصادق ( المشتمل على عواطف سامية تمتزج فيه قيم المحبة والصداقة والرقة والحنان،بعيدا عن الحب المادي الذي يجر أتباعه إلى دوامة الفشل والاحباط كما تجر الخيول )
. اعجبتني هذه النصيحة التى ختمتى به المقال ( لا تدعوا المادة تقيد مشاعركم،وتزرع الحقد والكراهية في قلوبكم فتتغير معها نظرتكم إلى العواطف السامية التي حبانا الله تعالى بها..ولا تفقدوا الأمل في إيجاد قلوب وفية صادقة...)
هدى ... لقد نصحت القراء الي هدى
" والصورة التي يرسمها الله للعصبة المختارة هنا صورة واضحة السمات قوية الملامح وضيئة جذابة : (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) …فالحب والرضى المتبادل هو الصلة بينهم وبين ربهم…الحب…هذا الروح الساري اللطيف الرفاف المشرق الرائق البشوش هو الذي يربط القوم بربهم الودود، وهنا - في صفة العصبة المؤمنة المختارة لهذا الدين - يرد ذلك النص العجيب : ( يحبهم ويحبونه) ويطلق شحنته كلها في هذا الجو، الذي يحتاج إليه قلب المؤمن وهو يضطلع بهذا العبء الشاق، شاعراً أنه الاختيار والتفضل والقربى من المنعم الجليل." (في ظلال القرآن918-919/2). ..أن ما يجول لكثير من الشباب فى عقولهم من فهم خاطىء من معنى سامى للحب إلى معانى آخرى تتبع هواه لهو محصلة لانهيار خلقى كبير نعانيه اليوم وبعد كبير عن الدين وتشبه أعمى للغرب الذى ينظر للمرأة نظرة الصائد لفريسته حتى ينال منها ما يريد فاذا حصل على فريسته القاها وتركها غير عابىء بدين أو خلق أو قوانين تحكمه.
لو كنا فعلا انبساطيين و مرنين كديننا الحنيف لأحب و ارتبط كثير من الشباب في وضح النهار من بداية العمر و تعلموا بذاك تحمل المسؤولية ليس فقط لبناء أسرة صالحة بل لتشييد أوطان تتحدى و تعتمد على قدراتها أيضا و ما عايشنا كثبرا من قصص الجبن في الخفاء.