قد تجبرك الحياة على ان تفقد عفويتك
ريم وليليا كانتا صديقتين مقربتين،بل شقيقتين ،هكذا كانتا تصفان علاقتهما،في يوم مختلف باحداثه كانتا سائرتين نحو الجامعة المركزية اقترب منهما عبد السلام، هكذا سمى نفسه،موظف في ادارة الجامعة، قال بانه راقي ، و ادعى انه يرى علامات العين بادية على ليليا،وكانه وجد حل اللغز ،فجأة وجدت تفسيرا لكل خيبات املها..العين ،متدين وطيب ،هكذا بدا لهما،طلب ان يرقيها في ذهب او فضة ،ناولته ريم الطيبة خاتم خطوبتها لمساعدة صديقة الطفولة،بلله بماء المطر الطاهر ،ففجأة تساقطت الامطار لتزيد في تأثير الرقية، قرأ بضع ايات ووضعه داخل ورقة،قال لا تفتحيها حتى آذان الفجر، دعا لهما بالتوفيق ولم ينسى ان يذكرهما :عبد السلام في الطابق السابع اذا احتجتما لشيء.واختفى بين الطلاب.
عندما غاب عن الانظار،انتبهت ريم ،طلبت ان ترى خاتمها،كان حجرا،جرت في كل الاتجاهات لعلها تلمحه،لفت ارتباكها نظر احد افراد الشرطة بالزي المدني ،كان صارما وهو يسألها عن سبب توترها ،قصت عليه ما حدث معها بتردد ،لم يكن موظفا بادارة الجامعة ولم يكن راقيا ،كان محتالا،لم ترافقها صديقتها لمركز الشرطة لتقديم البلاغ ،خافت على سمعتها!،وكانه القى علي سحرا شل تفكيري،هكذا وصفت ما حدث معها للضابط،لم تذكر ان صديقتها هي من ارادت تلك الرقية،راعت انها لم ترد ان تذكر بالموضوع،بكت عندما حدثها الضابط باستهزاء:ماذا اكتب طالبة جامعية سرق منها خاتمها عن طريق الشعوذة،القانون لا يحمي المغفلين.(لا كانت تساعد صديقة فقط) ، هي من انبل الاشخاص الذين عرفتهم في حياتي ،لم تحزن كثيرا على خاتم الخطبة،فقد اهداها خطيبها خاتما اجمل ولكنها حزنت جدا على صديقة تنكرت لها ،ورغم ان الجميع نسوا القصةالا ان ليليا لم تعد تتحدث الى ريم،لماذا؟لانها لم تكن صديقة حقيقية،بالنسبة الينا فقدنا جزءا من شخصية ريم الزميلة البشوشة و العفوية،محترمة كانت وظلت بالنسبة الينا.
حكاية ثانية....اخت
لم تكن جارتها،كانت اختها،تقاسمتا الطعام والاحلام والاسرار ،هكذا حسبتها،وفجأة تجد انها تتحدث للجميع بالسوء عنها ،تلفق الاكاذيب،و تخترع الحكايات لتجعل جلسة الجيران اكثر تشويقا،لم تعلم بان البهتان ذنب عظيم،قرأت في دموع نزلت وهي تقص علي اذى جارتها حجم حزنها على من كانت اختا من طرف واحد ،لن انسى تلك المرأة الطيبة التي تحمل كل براءة الزمن الجميل ،لم تتمكن من مواجهتها،لم تجد الكلمات، فضلت الصمت .
حكاية اخرى....لست من مستواي
كان جامعيا،اطارا باحدى الادارات الحكومية،وهي زوجة لم تتحصل على الباكالوريا،شجعها على الدراسة،سهر معها اعواما لتكمل دراستها،كان نعم الزوج،اهتم بطفليه ومنزله رغم عمله الشاق حتى تتفرغ تماما لدروسها،الليسانس ،الماجستير،الدكتوراة،سفر الى هنا وهناك،واتمت دراستها واصبحت استاذة جامعية ذات شأن ،اهملت اسرتها تماما ،لم يطلب منها ترك العمل،لم يصرخ ،لم يعاتب،فقط طلب منها بلطف ان تهتم قليلا باسرتها الصغيرة ،طلبت الطلاق فورا وكانها كانت تنتظر تلك الفرصة ،بعد زواج دام عشرة اعوام ،قالت له بكل وقاحة:لست من مستواي.
لم يكن من مستواها حقا،تعرض لصدمة،دخل المستشفى ،و انقطعت اخباره مدة...بعدها باشهر يجلس في الحديقة مبتسما يشاهد طفليه وهما يلعبان الكرة،حزين ولكنه سيجد المواساة ذات يوم فقد تغلب على الصدمة وهذا هو الاهم.
جنازة
_اريد ان ابيع هذه المجوهرات.
_حسنا عد بعد ساعة ساتاكد من انها حقيقية وازنها .
وافق وانصرف ،استغل الصائغ الفرصة وارسل من ينادي صاحبة المجوهرات ،كان هو من صنعها تعرف عليها فورا،اخبرته بانها سرقت في جنازة زوجها ،فالحاضرون كثر ،ولم ترد تقديم بلاغ ضد اقربائها،جلست تنتظر السارق واذا به ابن شقيقتها ،خبأت دموعها ،كانت تساعده بكل ما تستطيع،احبته كابن حرمت منه ،لكن ذلك لم يشفع لها. سرق حليها في جنازة زوجها !!،«انا الغريق فما خوفي من البلل»،حزن بعد حزن، نظرت الى ابن اختها وكانها تبحث عنه قالت له بعد صمت طال:"شكرا"و انصرفت،لم تبلغ عنه،طرده الصائغ وهو يقول:
_خالتك ابنة اصل،اما انت فلا.
ربما احس بذنبه وربما لا،من يدري!
حسابات
نرى خيانة وخداعا في كل مكان،صرنا نفتح باب المنزل بعد حسابات،نتحدث مع اصدقائنا بعد حسابات،نحسب الكلمات ،هذا يمكنني قوله ،هذا سيستعمل ضدي ساحتفظ به لنفسي،زوجة اخي بخيلة لن اهنئها على المولود الجديد فهي لن ترد لي الهدية،امي تفضل اختي لن ازورها كثيرا حتى تحس بقيمتي،عمتي مريضة لن اعودها فقد مرض ابني ولم تسأل عنه،لن اشكر معلمة ابنتي على تعبها فهي تتقاضى اجرا على عملها،لن ازور حماتي فهي ليست صلة رحم،لن اعيد المال لصاحب المحل حين اجد زيادة في الباقي فهو محتال .اتفقد نفسك لانك لست راضيا عن الاخرين؟،هل تصير مثلهم ؟،هل تعاملهم بنفس الطريقة السيئة التي عوملت بها؟ اكسب نفسك على الاقل، فلن يهمك من تفقدهم على الطريق اذا لم تضيع نفسك.
ظالم او مظلوم
لا تكن ظالما ولا تكن مظلوما، ضع حدودا في تعاملاتك مع الناس سمتها العدل والوضوح،تعلم ان تدافع عن خصوصيتك،تكلم بكل بساطة ،اشرح اسبابك،بين وجهة نظرك،اذا ما قدر لك وقابلت انسانا بلا انسانية تعامل معه بذكاء،لا تترك له مجالا كي يؤذيك،واذا خدعك بوجهه البريء ،لا تضبط ذاكرتك على خيانته ،فتراه في كل الوجوه،خذ قليلا من وقتك ،و تفهم بانها تجربة رغم انها قد اخذت تلقائيتك معها،تجربة وانتهت لا تجعلها الحاضر و المستقبل لكن حذار ان تلدغ من نفس الجحر.
طيبتك نعمة
لا تندم على طيبتك،لا تندم على وفائك ،لا تندم على اخلاصك ،فحسن تعاملك مع الناس نعمة ،مكارم الاخلاق من شيم الرجال،وحتى لو اصبحت في زمننا هذا عملة مفقودة ،فذلك لا يقلل من قيمتها بل يزيد،واذا تعرضت لتجربة سيئة ،فذلك سيجعلك اكثر خبرة في التعامل مع الاخرين،لا تهتم كثيرا بمن تفقد اهتم اكثر بمن يبقى على القائمة،اولئك هم الاصدقاء الحقيقيون ،قد يكون صديقا او اخا او اما او زوجا.......قد يكون اي احد،وجهه غير معروف ولكن صفاته معروفة واهمها "" الوفاء"".
التعليقات
بتُ أخاف الناس والقرب منهم صدقََا ليس حولي أحد وشعور الوحدة بات يمرضني جسديََا ولكنني أرفض البوح به.
تعبت الوحدة وأرفض القرب هي مرحلة المنتصف المميتة، لا استطيع القول بأنني وحيدة حينما اقرأ لكِ أنا هنا من أجل كتاباتك ومن أجل عبيرك ...سلسبيل الذي يتسلل في خِفة ليستعمر حبََا كل حجرات قلبي... دام عطاء قلمك وإبداعه يا كاتبتي المفضلة <3 .
أحسنت..كم تبدو لي رجاحة عقلك كبيرة و متزنة بل مثقلة بالمفاهيم..رائعة أنت سلسبيل في تل التجربة تقرئين ، تحللين ، تفهمين ثم تنصحين ، من انت حتى اعجب بحرفك و أعجب بكلماتك؟ ، هل انت كاتبة و كفى ام انت موسوعة ابداع توحي لي ان مستقبلك سيكون زاهرا..سيكون هكذا باذن الله لأني أثق في عبقريتك.
مقال موجع , لكن أسلوب السرد جميل كعادتك .
بالتوفيق و في إنتظار مقالاتك القادمة .