قتل الفرح برصاص التهور
*هيام فؤاد ضمرة*
هي طلقة قاتلة تشكل كارثة مأساوية، تتفلت من يد متحد للنظام والقانون بامتلاكه للسلاح أولاً، وباستخدامه في الأفراح بين التجمعات البشرية، رغم تحذيرات الجهات الأمنية بالمنع واستخدام وسائل التحذير، والوعيد بالجزاء والعقاب، ليصل الأمر حدود القبض على العريس نفسه وأهله وزجهم بالسجن.
رغم حملات التوعية المكتوبة والمبثوثة عبر المحطات الفضائية والمواقع الألكترونية ، والمواجهة المباشرة من خلال جهود مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات المحلية والمساجد.. فلا حياة لمن تنادي.
لا تجاوب من جمهور اعتاد سياسة المعاندة لارتخاء يد القانون، وعدم الجدية في متابعة قضية الموت العشوائي من الجهات الأمنية، من خلال استمرار عملية المتابعة بوسائل الرصد من خلال العين الساهرة، والملاحظة وسرعة التدخل واتخاذ اللازم قبل استفحال الأمر بموت أحد المحتفلين، أو أحد جيرانهم الأبرياء.
وكان جديرا بالجهات الأمنية استخدام الطرق الرادعة للحد من هذه الممارسة الجنونية وعدم التراخي على طول المدى منعاً لاستفحالها، وقد لوحظ في الفترة الأخيرة عودة نشاط هذه الممارسة وتغاضي عيون الأمن عنها، فيما هي عادة لا تعبر عن فرح، ولا عن رجولة، والأولى ايقاف مثل هذه العادة الدخيلة على المجتمع الأردني المسالم، فهي عادة دخيلة تعكس صورة سلبية عن تخلف المواطنين تجاه خطورة استخدام السلاح في التجمعات البشرية خاصة الأفراح.. فكم من فرح انقلب ترحاً؟
يحدث هذا في زمن توفر البدائل الأكثر بهرجة، وأروع مشهد احتفالي، توفر ذات الصوت الذي يعشقونه المشابه لصوت السلاح، ليعلنوا للعالم عن مشاعر الفرح ويعبروا عن الإحتفال، الألعاب النارية تمنح جوا احتفاليا أكثر أمنا وأكثر جمالا للأفراح، بالإضافة لصوتها العالي.. وكفى بالعلم والسلامة نوراً ونارا.
كم من الضحايا سيقضون بالأعيرة النارية والموت العشوائي؟ والتسبب بالمآسي الإنسانية البالغة ألما وحزناً، ليستعرض المحتفلون بشكل فرحهم بصورة خطرة غير مسؤولة؟.. وكم تخفى وراء هذه الممارسة مرضى نفوس عن سبق قصد وترصد في محاولة قتل شخص محدد، فيختفي القاتل بلبوس المحتفل الفرحان ويرتكب جريمته دون أن يناله العقاب؟
كم من الضحايا سيعيشون مع عذابات الإعاقة لمجرد ثقافة الفرح العجيبة باستخدام السلاح الناري، وقد بات منتشراً كالهشيم بين أيدي أفراد العشائر وكأنه ملكية خاصة لاثبات الرجولة أو السطوة، أو لتحرير الوطن من الاحتلال.. وأي تحرير هذا؟
من أين دخل السلاح الناري في مظاهر العادات الاجتماعية العشائرية في المملكة الأردنية الهاشمية؟
حقاً بدأ هذا حين راحوا يمارسون اطلاق النار على رؤوس الكبوش المذبوحة كاستعراض على كرم أهل الاحتفال، لكنها تعدت هذا إلى مظهر استعراضي غير مسؤول راح ينتشر متخطيا العقل والحكمة.
رحمك الله يا عريس مدينة معان بالجنوب الأردني الشاب حمزة سطام الفناطسة آخر ضحايا هذا الجنون، وبدل أن يزف عريساً شاباً إلى عروسه الجميلة، زف شهيدا إلى لحد الغياب معفرا بدماء الفجيعة، تاركا أما مفجوعة مجرحة بالكلم، وأبا مكسور الخاطر غير قادر على الوقوف في حمأة الحزن، وإخوة يمورون بالقهر وشعور الفقد.. رحماك ربي.
-
hiyam damraعضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية