هل سمعت عن الشجرة التي تنزف مادة تُشبه الدماء عند قطع ساقها و كأنها تشعر و تتأثر بجرحها !..
و ان كانت تلك المادة التي تنزفها تتميز بفوائدها ..
هل سمعت بأن كل شيء في الكون له عُمر يبدأ مولودا و شابا ثم شيخا لينتهي به المطاف الى الموت مثل الإنسان تماما و ان كانت تختلف طول الأعمار بينهما؟ .
دعاني ما قرأته و تعلمته في مجال دراستي (الجغرافيا) بأن أتذكر تلك الآية الكريمة
بسم الله الرحمن الرحيم
¤تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ¤
اذاً فالنجوم و الشمس و الجبال و الأنهار لهم أعمارا مثلنا ؟ بل يتحدثون ايضا و لا نفقه حديثهم ؟! ولكن في أي عُمر هم الآن ؟ وبأي لغة يتحدثون لكي نفهم ما يقولونه لنا ؟
سيسأل أحدكم : وهل يتحدثون إلينا من الاصل حتى نهتم لهم ؟! ... نعم من المحتمل جدا.
لذا دعنا نتجول في السطور التالية حتى نفهم و ندرك إن كانوا يتحدثون إلينا ؟ و ما مراحل أعمارهم.
و لنتحدث عن نهر النيل و الذي سيكون مقالي عنه خاصة ...
● نشأة النيل
تشير الدراسات البحثية أن النهر كان في الأراضي المصرية فقط الى أرض النوبة ثم اتصل بعد ذلك بالهضبة الاستوائية داخل إفريقيا و كانت دلتاه أكثر من فرعين حتى اتخذ وضعه على ما نراه الآن منذ نحو عشرة آلاف سنه و ذلك في نشأته و شبابه .. فهو الذي نحتَ مجراه و شق الأرض أمامه بقوة دفعه تجاه مصبه مثل إنسانا في شبابه يمتلكه الحماس و الطموح و يشق مساره يمينا و يسارا لا يوقفه احد حتى يصل لما يريد .
اما الآن فنهر النيل بمقتبل مرحلة الشيخوخة وهي التي يضعف فيه نحت و جريان النهر و تقل مقدرته على حمل الرواسب فيضطر للتخلص منها في قاعه أو على جوانبه ..أي أصبح كهلا يحتاج لمن يرعاه و يسانده على استمرارية جريان حياته ، على الرغم من النهر كان في استطاعته ان يظل شبابا لا يشيخ ابدا و يكون دائم الجريان و ذلك مرتبطا بكمية تساقط الأمطار التي ينبع و يندفع من خلالها وأيضا ما لم يقف أمامه شيء كالسدود والجُزر .
●السد العالي و تأثيره على النيل
تكمن أهمية السد في توليد الكهرباء و تخزين المياه في موسم الجفاف و التحكم في فيضان النيل الذي كان ينهار أمامه الإنسان و الحيوان و النبات و البناء ... إلا و أن السد له تأثيره السلبي ايضا على النيل في اضطراب النظام البيئي للنهر، فقد أدى احتجاز نسبة الطمي التي تصل من الفيضان خلف السد لاستنفاذ خصوبة التربة ، كما تقييد حركة جريان النيل و التي من دورها سببا في تعجيز النيل و تضييق مجراه بل و تكوين الرواسب التي لم يعد يستطع النيل حملها و التخلص منها فأصبحت الرواسب في قاع النيل تعرقل طريقه فهناك ما يقرب من ٤٠٠ جزيرة نيلية و التي تكونت أكثرها بعد بناء السد .
فمِن الممكن خلال السنوات القادمة أن نرى نهر النيل أصبح نهرا من الجزر المترسبة اذ لم تتحرك الدولة مع تعاون مواطنيها بالطبع ، فَمَن الذي لم يكتفِ بانحسار مياه النهر عن أراضيه و كان قديما يصل لأهرامات الجيزة !.
● مصر هبة النيل
قالها المؤرخ اليوناني هيرودوت نظرا لان الحضارة المصرية القديمة قامت عليه و لازالت مصر الى الآن ايضا تعتمد في حياتها و غذائها على نهر النيل ، و ان لم يكن اعتمادا كليا في الوقت الحالي فهناك تحلية مياه البحر ... فلولا وجود النيل ما كان للحضارة المصرية وجود ..
و لم تكن أهمية النيل في الزراعة قديما فقط بل و خلقت التجارة و طريقها عبر النهر بين دول إفريقيا .
كان النيل مقدسا للإنسان المصري القديم فجعل له أعيادا و آلهه تقديرا لأهميته و جريانه بينهم ، كما كان مطمعا للاستعمار الأوروبي من قبل ... و هذا يدل على أننا في نعمة عظيمة في كوننا شعبا من شعوب نهر النيل و الذي ندعوه شريان الحياة .
● تأثير الإنسان على النيل
كما ذكرت بأن النيل كان مقدسا للمصري القديم و الذي لا يؤذي مقدساته ، و ان كانوا أجددانا يرون ما نفعله الآن في النيل لندموا على ترك حضارتهم لنا من بعدهم .
فنحن قيدنا حركة و نشاط النيل و ألقينا بمخلفاتنا و مخلفات المصانع و المطاعم و المصارف و الحيوانات الميتة في النيل ، كما تعدينا على حدود النيل و مساحته الشخصية و تم استغلاله للرفاهية دون الاكتراث له .
● أين حقوق النيل ؟
تساهم الدولة بالطبع في حماية النيل ولكن ما زالت مساهماتها لا تُرى بالعين رغم وجود قانون دستوري ينص على حماية النيل من التعدي و لكنها لم تتفاعل القوانين بعد بشكل واضح ..
كما انحسرت ثقافة مراعاة الغير سواء إنسانا او طبيعة للأسف حتى مراكز الشرطة النهرية تطوفها المخلفات على ضفاف النيل ببعض المحافظات المصرية ، وعند استخدام كراكات النيل لرفع بعض الترسبات لتوسعة الطريق أمام السفن فهذا لمصلحة الانسان فقط وليس مراعاةً للنيل .
ما أقوله نهاية ..
بأن النيل نعم يتحدث و الطبيعة كلها و إن كان حديثها أفعالا و نشاطا لا يدركها الا من تأمل بها و تعامل معها كما يتعامل الإنسان مع إنسان غيره ، كما أشير و أنادي بحماية النيل فعليا لا دستوريا بيدٍ من حديد و نشر الوعي بالتعامل معه و مراعاته و النظر إليه ك كائن حي يتنفس و يشعر و يحتاج للرعاية و المساندة في كِبَر عُمره فهو متماسك حتى الآن أمامنا ... ايضا أحث على مراعاة الغير و إن كان جمادا صامتا ساكنا .
-
بسمه محمد السوهاجياسعى على أن توصل كلماتي ويكن لها التأثير في تغير العالم للأفضل