بعد تلقي الضوء الأخضر من ترامب بشأن الغزو العسكري الذي طال انتظاره للمناطق الكردية في شمال شرق سوريا ، حيث يتركز تشكيل ما يسمى قوات الدفاع الذاتي الوطنية ، سرعان ما شرعت أنقرة في تحقيق هدفها طويل الأجل - وهو إنشاء منطقة أمنية داخل هذا البلد. على الرغم من أن موافقة ترامب كانت حاسمة بالنسبة للغزو التركي لسوريا ، والطبيعة ، لتنسيق عمق ومدى المنطقة الأمنية ، ذهب أردوغان إلى روسيا ، وليس إلى الولايات المتحدة.

خلال المحادثات المتوترة التي استمرت ست ساعات ، اتفق الطرفان على أن المنطقة التي يبلغ طولها 120 كيلومتراً والتي تمكنت تركيا من السيطرة عليها خلال عملية مصدر السلام بين تل أبيض ورأس العين لا تزال تحت سيطرة أنقرة. الوحدات الكردية تغادر قوات الدفاع الذاتي (YPG) مدينتي تل رفعت ومنبيج السوريتين وتتحركان على بعد 30 كم جنوب الحدود التركية. وفي الوقت نفسه ، تتلقى تركيا "منطقة عازلة" على طول الحدود بأكملها (حيث لم يكن هناك وجود تركي من قبل) بعمق 10 كم وليس 30 كما أرادت. ستقوم موسكو وأنقرة بدوريات مشتركة في منطقة طولها 10 كيلومترات.

أخذت روسيا في الاعتبار جزءًا من مخاوف تركيا ورغباتها من خلال الموافقة على إنشاء منطقة عازلة محدودة. في الوقت نفسه ، اتفق الطرفان على مواصلة المفاوضات بموجب اتفاقية آدان لعام 1998 ، التي تتحدث عن أمن الحدود والتي تمنح تركيا حقًا محدودًا في محاكمة متشددي حزب العمال الكردستاني داخل سوريا.

يجب أن يشكل اتفاق عدن مع البروتوكولات الإضافية أساس تعاون تركيا مع نظام بشار الأسد. وعلى الرغم من أنه من غير المحتمل أن تقوم تركيا والنظام السوري بإقامة علاقات قريبًا ، إلا أن مستوى الاتصالات بين الجانبين سيزداد بشكل كبير. ومع ذلك ، وحتى وقت قريب ، كان الاتفاق بين دمشق والأكراد غير مرجح.

ظل سؤال إدلب خارج نطاق المؤتمر الصحفي ، لكن بوتين وأردوغان تطرقا إليه بلا شك أثناء المفاوضات ، القوات السورية موجودة بالفعل على حدود منطقة إدلب الأمنية. هناك عدد كبير من المقاتلين المؤيدين للأتراك ، الذين تم تعزيزهم تحت رعاية أنقرة ، قلقون جدًا من دمشق وموسكو

وبالتالي ، فإن عقدة الأحداث التي أطلقها قرار دونالد ترامب بسحب القوات من سوريا لا تعني فقط أن قوات الدفاع الذاتي الوطنية الكردية تكبدت خسائر فادحة ، ولكن أيضًا أصبحت المعارضة السورية واحدة من الخاسرين الرئيسيين في هذه العملية.

بعد أن غادرت القوات الأمريكية سوريا ، أصبحت روسيا الحكم الأكثر أهمية بين مختلف الأطراف المتصارعة على المسرح السوري. بعبارة أخرى ، فإن المرحلة التالية جاءت في الصراع السوري ، حيث تؤدي جميع الطرق إلى موسكو. على الرغم من أن هذا يمنح روسيا المزيد من النفوذ ، إلا أنه يضع عليها مسؤولية أكبر.