عندما كان الغلام يتردد على الراهب و الساحر ليتعلم منهما ، فعندما جاء وقت الإختبار الأول فى طريق المجاهدة لإستبيان الحق ، و إدراك صوابية دعوة الراهب و علمه ، هنا قال الراهب أنت الآن سبقتنى و ذلك عندما تعلم الغلام فعمل بما عَلِمهُ ، ثم إنطلق الغلام فى مواجهة الملك المعبود من دون الله خلال مواجهات عديدة كان يستعين بها بالله و يُنجيه الله بحوله و قوته ، إلى إنتهاء القصة بأصحاب الأخدود و ثباتهم على التوحيد .
المقصد أن جميع الدعوات تبدأ مراحلها الأولى فى الدعوة ثم تنطلق إلى المرحلة الثانية فى التطبيق ، فمنهج التربية و التصفية لتحويل الفرد المسلم فى المجتمع الجاهلى فى خصائصه إلى مجتمع يحمل خصائص المجتمع المسلم و الجيل الأول الفريد من المجتمع الإسلامى للصحابة لهو ضرب من ضروب التخدير ، حيث أننا كما يقول الأستاذ سيد قطب تقبله الله - نحن نعيش فى جاهلية نبنى حينا و تهدم هى أحياناً كثيرة - فنحن قد نبنى الفرد المسلم و لكنه فرد مذبذب لا يصل إلى مرحلة تكوين المجتمع المسلم بخصائصه ، فنعود إلى نقطة البداية و هى التربية و التصفية و التى لم توضع كمرحلة لها توقيت و تقييم و نتائج بل وضعت مرحلة سرمدية و هكذا ندور فى فلكها .
فإذا نظرنا لدعوة خير البشر رسولنا صلى الله عليه و سلم تجده مكث فى مكة ١٣ عام يدعوا الناس فأسلم ما يقرب من الثلاثمائة ثم أمره الله بالهجرة و إقامة الدولة المسلمة و توسعتها بالجهاد و نشر الدعوة فكان الدخول فى دين الله أفواجاً قرينا لمجىء نصر الله و فتحه ، فالسيف يعين القلوب على معرفة الحق لا على الإكراه بإعتناقه و شتان بين الإثنين ، فحال المشركين عندما سألهم صلى الله عليه و سلم ماذا تظنون أنى فاعل بكم قالوا أخٌ كريم و ابن أخٍ كريم ، هنا أدركت قلوبهم الحقيقة ، تلك هى المرحلية .
فللأسف أصبحت التربية و التصفية ذريعة للإرجاء و القعود عن نصرة دين الله فيجب أن تصل لمرحلة الصحابى الجليل تقيم الليل و تصوم الدهر كي تنصر دين الله و تكون مكتمل الإيمان بلا نقصان فهذا حقٌ أريد به باطل عن قصد أو عن جهل بحقيقة الدعوة و مرحليتها ، و بالتأكيد لا يختلف أحد على ضرورة التربية العقدية ، و لكن ليست التربية الأدبية و فقط فالعلم للعمل به ، حتى أصبح لدينا مسوخاً من العلماء أدبياتهم عقدية و أعمالهم كفرية و تبريراتهم وسطية و واقع و مصالح و مفاسد ، تعالى الله عما يصفون علواً كبيرا ، حتى الدعوة و التربية و التصفية فشلوا فيها .
فإياكم و التخدير ، فلتعلموا أن الأمور معظمها كانت يتحملها ثلة من قليل من قليل مع طالوت و ثلة و أولو بقية ينهون عن الفساد ، و رجل مؤمن لفرعون ، و الله يورث الأرض لمن يشاء من عباده ، و العاقبة للمتقين .
-
علاء الدين شامخالسعى لتصحيح المفاهيم فكريا و على أرض الواقع