درس يورغن كلوب
متى يتوقف غير المتخصصين عن مجادلة المتخصصين
نشر في 11 أبريل 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
في الشهر الماضي سُئِل "يورغن كلوب" مدرب فريق ليفربول الانجليزي عن رأيه في فيروس كورونا ، فكانت إجابته في غاية الحكمة والذكاء ، "ما لا أحبه بالحياة هو أن يعتبر الناس أن رأي مدرب كرة قدم مهم جدا، حول أمور جدية جدا"، في إشارة إلى أن قضية فيروس كورونا أكبر من أن يتم مناقشتها مع مدرب كرة قدم.
هكذا وجد مدرب كرة القدم نفسه أمام سؤال في مجال الأوبئة ، حسب المدرب كان سيكون الأمر مقبول له لو سُئل عن خطط مباريات أو لاعبين أو فرق مثلا ، فلماذا سيهتم الناس برأيه مثلا في موضوع هو نفسه لا يعلم عنه شيء .
هذه الإجابة يجب ان نتوقف عندها قليلا ، لماذا الناس يهتمون برأي أشخاص مشهورين رغم أنهم غير متخصصين في المجال المطروح ؟ ماذا يمكن أن يضيف رأي شخص مشهور غير متخصص في موضوع يدخل في مجال علم الأوبئة مثلا ؟
نرى اليوم أن الكثير من الأشخاص المشهورين خصوصا يقدمون نصائح في مواضيع بعيد كل البعد عن مجال دراستهم وتخصصاتهم ظنا منهم أن ذلك يضفي عليهم مظهر الإنسان المثقف الذكي ، فنرى الممثل مثلا يجادل رجال الدين بكل ثقة حول مواضيع دينية ، و رجال الدين يجادلون علماء الإحياء حول نظريات علمية ، والرجل العادي يبث من على صفحته الاجتماعية بث مباشر يخاطب الجمهور ويقدم حلولا سطحية حول مواضيع الاجتماعية أرقت كبار المسؤولين والأكادميين وهو كل مايطرحه إلا اجترار لما قرأه في صفحات التي تبحث عن "الجيم والبارطاج" ، وهكذا اختلط علينا الأمر وأصبح الكل يفهم ويجادل في أي قضية طرحت امامه بدون استحياء .
نحن لا نقول هنا أن لا يكون لك رأيك الخاص أو فكرة حول موضوع محدد، لكن ذلك لايخول لك مخاطبة الجمهور وإعطاء النصائح لمجرد فكرة سمعتها او مقالة قرأتها ثم تذهب بعدها لمجادلة أهل الاختصاص .
فما أحوجنا الى أشخاص مثل يورغن كلوب في حياتنا يتحدثون فيما يفهمون بدون تطاول على الأمور الاخرى ، فلكي تكون ذكيا ومثقفا يكفي أن تقول في موضوع لا تفهمه أوبعيد عن تخصصك " أنا فلان أدرس أو أعمل في مجال فلان فبماذا يهمكن رأيي " .