الغائب .. الحاضر
الغائب .. الحاضر
نشر في 22 فبراير 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
غرفٌ عاليةُ الجدرانِ ، منقوشةُ السقوفِ و نوافدُ مطلةٌ على رياضٍ و بساتينَ، و يجلسون متقابلين و الكتفُ بالكتفِ أو بأيادٍ متشابكةٍ، و الظاهُر أنهم حضورٌ و لكنَ في العقلِ سواقي تدور : يا ترى ما بالغدِ من أمور؟ و القمرُ في السماءِ على ميعادهِ لا يخلفهُ، و تشتكي للنجوم ِ من الغيمِ يحجبهُ، و حينَ تصفو الليالي تنامُ على وسادتك َو تنسى القمرَ الساهر وحيداً ينادي!
و في صحافٍ ممتلئةٍ بطيرٍ و أرزٍ و لوزٍ و صنوبرِ و تسألُ عن اللحمِ ما أطيبهُ .. و كمْ من أسابيعٍ غابَ لم تذقهُ، وُ تلبس الصوفَ يحتضنكَ دافئاً من بردٍ، و يشردُ بكَ الفكرُ كيفَ الحريرُ ناعماً ملمسهُ. و يمتليءُ البيتُ حولكَ بصياحهم و لعبهم و أياديهم التي تنازعك َالأرائكَ تتركها لتشاركهمُ اللهوَ، و يغمُ على قلبكِ أيُ مدرسةٍ أو جامعةٍ ترسلهمُ .. و كمْ من المالِ ستنفقهُ عليهم.
أتدري ما الفرقُ بينَ الحضورِ و الغيابِ .. كما الفرقُ بين السجنِ و الحريةِ … من قالَ أنَ السجنَ ليسَ له نافذةٌ أو باب؟ الفرقُ في مفتاحٍ تملكهُ لكل باب ٍتُشرعهُ متى شئتَ أو تختار طواعيةً و عن قصدٍ إقفالهِ و الغياب. الفرقُ قلبٌ شاكرٌ حاضرٌ مفتّحُ العيونِ يرى النعمَ قبلَ الزوال. و وتدٍ تدقهُ راسخاً حيث شئت أن تنيخَ عقلك و فِكَّرهِ و تأمرهُ بالحضورِ قبلَ أن تُؤمرَ بالغياب.
-
راوية واديكاتبة و رسامة فلسطينية .مدونتها الخاصة علي الإنترنت Rawyaart : (https://rawyaart.com) متفرغة للكتابة و الرسم في الوقت الحالي.