الشيطان يجتاح العالم - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الشيطان يجتاح العالم

الشيطان يجتاح العالم

  نشر في 19 فبراير 2020 .

الشيطان يجتاح العالم

عودة تاج الشيطان، هذا ليس فيلم رومانسي كوميدي، لكنه حقيقة، هكذا بدأ مقدم النشرة الإخبارية في قراءة الخبر الذي صدم كل من سمعه، عن أي فيلم مصاص الدماء يتم الحديث، وأي تاج هذا الذي يتقوقع فيه الشيطان يتمثل فيه، الجميع تمنى أن يكون الخبر عبارة عن إعلان لفيلم كوميدي بالفعل أو حتى عن شرير وهمي أو أساطير وخرافات، لكن الشيطان يتنقل سريعا بين الأجنة في أرحام الأمهات، ويختار النحيفات منهن، المذيع يتصبب عرقاً وهو يعلق على المشاهد المرعبة التي تأتي له تباعا، وتنشر عبر شاشة عملاقة مثبتة أمامه في وسط العاصمة، جماجم صغيرة يتم سحقها وتذويبها في سائل غريب لونه أحمر قاني، ويقوم الشيطان بشربه بنهم. هل عاد مصاصي الدماء، هل يمكن قتل الشيطان الدموي، هل هذه عودة لأسطورة تيكانانا الشيطان الذي لا يمكن قتله لأنه يعود للتخلق من جديد من أي عضو في جسده، المذيع يتكلم بسرعة فائقة لا يتوقف، وهذا ليس فيلم كوميدي، هذه ليست رومانسية، لم يعد فيروس "كورونا" يمثل شيئا في نشرات الأخبار، ولم تعد الإبل التي ولد فيها تمثل شيئا، ولا حتى الخفافيش ولا النمل ولا عادات الأكل ولا كل ما يمت للخرافات بصلة، العالم في قبضة الشيطان، هذا الشيطان يشبه التاج، صورته أفظع وأكثر رعبا من صور المخلوقات الغريبة والشاذة، يقول المذيع الخائف، إن يُعتبر مصاص الدماء من الشخصيات التي ذُكرت في الأساطير القديمة منذ آلاف السنين، واحتوت على قصص عن مخلوقات شيطانية، وأرواح ماصة للدماء البشرية، ولقد أنتجت مئات الأفلام عنه، بعضها كان مرعب وبعضها كوميدي، ولعل "دراكولا" الذي جاء اسمه من ذاك الكائن الخرافي الوحيد المشابه لقصص مصاصي الدماء وهو عبارة عن جثة لا تموت، يسكن القبور، لكن هذا الشيطان يسكن في أرحام الأمهات، لقد اختار طريقة فظيعة للقضاء على البشرية، وكل امرأة حامل تشاهده تصاب بالخدر والارهاق والتعب في انتظار المجهول، هذا الشيطان يحدث له استنساخ وتهجين مع كل جرعة من الدماء المخلوطة بجماجم الأجنة، الدم ينساب من فمه وأنفه، الشياطين يتنقلون بأشكال غير مرئية، وفجأة يظهر أمام الضحايا ثم يختفون، حالات الفزع والهستيريا يجتاح مدن العالم، وتنتشر القصص من مكان لآخر، عودة عصر الأساطير، نحن لسنا في معرض للأفلام الرومانسية الكوميدية، أو أفلام الأرواح الشريرة التي تشبه حكايات الغولة.

الشياطين تتقمص في أشكال مختلفة، حيوانات مفترسة تطارد الأمهات الحوامل، كل منزل أصبح مهدداً، وكأن مصاصي الدماء وآكلي اللحوم يتوزعون عبر النوافذ وخلف الأبواب ويعبرون من الفتحات الصغيرة في الجدران، السكان يعلقون أشواكا عند النوافذ وبعضهم يدهن الجدران بمادة سميكة، وسرعان ما يصابون بتقرحات في الجلد، وتتقلص عضلاتهم، وتزرق شفاههم، وأعراض عصبية غامضة، وباء الشيطان أطلق عليه اسم "كورونا"، وتحكي الأساطير أنه انتشر قبل مائة عام في بلد كان يقال لها الصين، كانت أكثر من مليار نسمة، حرقت فيها المدن، وعزلت الملايين، ولم تنجو الا القلة القليلة، وانهارت البلاد التي كانت عظيمة في اقتصادها، ولم يدخلها أحد من البشر منذ ذلك التاريخ، وتحكي القصص الفظيعة، كيف عادت الشياطين في صور من سحقت جماجمهم، ويتنقلون في كل قارات العالم، لقد توقف العالم عن الحركة، شلت المطارات، وأغلقت الأسواق، وبنيت المستشفيات المحصنة، ونفذ العلاج الذي في الحقيقة لم يكن له مفعول حقيقي، إنها الأرواح الشريرة مصاصي الدماء، لقد سيطرت على الكوكب الذي دمر نفسه من خلال معامله السرية والتي أنتجت سلالات من البكتيريا والفيروسات والكائنات الأخرى الدقيقة ، لقد عاد الزمن الى ما قبل عصر اكتشاف المضادات الحيوية، لقد تحول قرح صغير في الوجه إلى شيطان قاتل، وباء لا حدود له، والآن يعود هذا الشيطان ..!؟ يقفز المذيع من مكانه، يتسمَّر في عمق الشاشة العملاقة، المئات من الشياطين تتجمع على شكل سرب طائر، فشلت المختبرات العالمية في بث الأمل للبشرية، وحالات من الانتحار الجماعي بين علماء الهندسة الوراثية، لقد حاولوا بعضهم سابقا كسر الحاجز النوعي بين المخلوقات باستعمال الهندسة الوراثية، والنتيجة الكارثية تُرجمت بظهور هذه المخلوقات الغريبة والشاذة، مخلوقات جديدة تنتهج سلوك غير مألوف، ولا تتوقف أبدأ، تتكاثر بطرق غير معهودة، هذه هي الحرب البيولوجية القذرة، الشيطان يعود من جديد، والكارثة أكبر من أن ينقلها مذيع خلف شاشة عملاقة وفي غرفة محصنة ويرتدي ملابس فضائية، الذي أنهى النشرة بقوله: وداعا للأحياء منكم، إن الشيطان أطل علينا بمليون وجه جديد...!؟

لقد نجح الفيلم في جذب انتباه الجمهور واستثارة حماستهم، لدرجة أنهم صفقوا مرات عديدة وهو نادرا ما يحدث في دور العرض، لقد كان فيلما حبس أنفاسهم، وبالرغم من أن بعض المشاهد كانت فكرة خيالية، لكنها امتزجت مع كثير من الأحداث الحقيقية التي اجتاحت العالم وشكلت حضورا في ذاكرته، لقد خرج البعض يتحسس نفسه وينظر حوله، والبعض لم يحتمل متابعة بقية الفيلم، فخرج يتصبب عرقاً، وأضافت موسيقى الفيلم أجواءً أخرى شكلت مزيجا مدهشاً من الاثارة والرعب، الفيلم من أجمل الأعمال التي أظهرت العالم في قالب مختلف، وأعادت التذكير بمصاصي الدماء والأفلام المثيرة وقدرتها على جذب جمهورها بصورة أكبر من الأفلام الرومانسية التقليدية.



  • مازن صافي
    أنا طبيب صيدلاني، كاتب محتوى ومقالات، مفكر وأديب، لدي القدرة على التعامل مع برامج الكمبيوتر وخاصة WORD PDF EXCEL
   نشر في 19 فبراير 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا