بخطي متوازنة سار الراعي ' همام ' و هو يعزف الناي تتبعه الخراف علي انغام الناي الحزين العذبة..
ارتبط ' عزف الناي ' لدي همام منذ عنفوان الصبا و ايام الفتية الاولي بات يرافقه بين كل نخلة و شجرة يحنن عليه حياته البدوية القاسية التي اعتادها منذ صغره..
ربطه صوت الناي ' بحبيبة ' تلك الصبية البدوية الصغيرة في ربيع العمر التي لطالما سحرته بملامحها البدوية الجميلة التي تخفيها دائمآ خلف ' اليشمك ' الذي يواري وجهها عن اعين ' الرجال '
كان يراها دائمآ كل صبيحة و هي تحلب الشاه لتحضر اللبن لقبيلتها الصغيرة.. كان يتسابق فتية القبيلة علي ' حبيبة ' للحصول علي شرف ' اناء لبن ' من يد ' حبيبة ' التي لم تعد نظراتهم اهتمامآ..
في صباح ذلك اليوم كانت المفاجأة صادمة باختفاء ' حبيبة ' التي تنقلت ' النسوة ' نبأ هروبها الي ' مدينة الذئاب ' لعلها تحظي بحياة افضل..
بات النبأ طعنة في رجولة ' همام ' الذي اصر علي اعادة ' الصبية الهاربة ' اوقفته المرأة البدوية العرافة ' ام صبيحة ' و هي تلقي اليه تحذيرات و قد بدي علي وجها نظرات الجدية :
" ' همام ' يا ولدي احترس من مدينة الذئاب بينهم ' عهد مع الجن ' من يدخلها من الغرباء يصبح مصيره ان يصير ' مجذوبآ ' "
" عن ماذا تهذي يا ' ام صبيحة ' دعك يا امرأة عني الان "
" لا تكن عنيدآ اهوجآ يا ' همام ' المدينة محروسة بثعبان ضخم و لن يسمح لك بالدخول لانك لست من العهد الا لذا اردت ان اساعدك "
" ماذا تقصدين ' ام صبيحة ' "
" ' حبيبة ' اتتني و طلبت العهد و قد اعطيته لها شريطة عدم العودة الي القبيلة و هو نفس عهدي لك "
" هل تمزحين اتريدين ' همام ' خيرة شباب القبيلة ينضم الي ' مدينة الذئاب ' و لا يعود مرة اخري هذا مستحيل ساعيد ' حبيبة ' "
"لا تستطيع لقد باتت ' حبيبة ' منهم"
" من من ماذا تقصدين "
" المستذئبين من آكلي لحوم البشر "
" من المستذئبين ما علم ابائنا و لا اجدادنا بهم "
" لقد حصلوا علي العهد الذي حولهم لمستذئبين منذ منتصف الليل حتي صبيحة الليلة التالية "
" لا يعنيني كل هذا انا اريد ' حبيبة ' "
" ' حبيبة ' باتت منهم و حتي تحصل عليها عليك ان تحصل علي العهد و الا ستقتلك ' حبيبة ' لو رأتك "
" و ما ثمن العهد هذا "
" ان تهب لنا جميع ما ملكت من الخراف حتي نذبحها ' وليمة للذئاب ' "
" مستحيل هل انتي تهذين يا امرأة "
" اذن انت قطعت الطريق بينك و بين حبيبة "
" خبريني يا امرأة لو وثبت من جيادي و قطعت رأسك بالسيف هل سيحميكي العهد "
" لالا ماذا تقول كيف ستقتلني اذن "
" سافعل ذلك بالفعل لو لم تتوقفي عن الهذيان و تخبريني كيف اجد ' حبيبة '"
" ' حبيبة ' تزوجت من فارس مدينة الذئاب يا ' همام ' فرت اليه ليلا و طلبت مني الامان فاعطيتها العهد و ذهبت الصبية اليه و هي تظنه يملك ' اخلاق الفرسان ' الا انه ما كان سوي ذئبآ قتلها ليلا وواري الامر عن معشر القبيلة "
" لا لا اصدق لماذا قتلها ذلك الوغد "
" كانت تتوسد فيه الزواج و كلما طلبته ردها عنه حتي هددته ' حبيبة ' بشكواه الي شيخ القبيلة فاثر كتم روحها و قتلها غدرآ.."
" طلب منها لقائه عند عشية الهضبة و هناك خنقها بيديه بقوة و هي تحاول الصراخ كاتمآ انفاسها حتي فارقت الروح و وواري طلاسم جريمته تحت الرمال "
" لا مسكينة يا ' حبيبة ' سانتقم من ذلك الوغد "
" لم يمهله القدر يا عزيزي حيث سقط في الكثبان الرملية و ظل يصرخ بلا مجيب حتي اتي اليه ذئبآ جائعآ انقض عليه بقوة و التهم جسده بقوة حتي لم يبق منه سوي بعض العظام و الدماء "
" انتصر الحق يا خالة لكني حقآ حزينآ لاجل ' حبيبة ' "
" هي ايضآ لم تكن بالملاك الطاهر لقد هربت من القبيلة سرآ طمعآ في المال حال تزوجت ' فارس قبيلة الذئاب '"
اخرجه من ذكراه صوت ولده ' زيد ' الذي ابتسم له لتظهر بضعة اسنان طفولية صغيرة و هو يشد اطراف جلبابه
" ابتاه جدي يطلب منك ان تروي لنا قصة صبية القبيلة ' حبيبة '
" اصمت يا ولدي ستسمعك امك ' زبيدة ' و تفتح علينا العراك "
" هههههه تدر طبعي اذن يا ' همام ' دعك عن تلك الصبية الن ننعم الان بجلسة طعام الثريد مع اللبن "
" الله احسنتي الكلام يا ' زبيدة ' هيا بنا الي ' خيمة الطعام ' "
" في القناعة كنز لا يفنى و من لم يرض بما آتاه الله احف نفسه الي المهالك لا يقاس الانسان بدننايره و لا دراهمه و لكن بالاثر الصالح و العمل الطيب الذي تركه في نفوس الناس "
" النهاية "
-
Menna Mohamedكن في الحياة كعابر سبيل و اترك ورائك كل اثر جميل فما نحن في الدنيا سوي ضيوف و ما علي الضيف الا الرحيل الامام علي بن ابي طالب