أغْلق عليك باب غرفتك..أخْفت الأنوار وإعزل نفسك عن ضجيج الأصوات..
إخْتلِ بنفسك فهي بحاجة إليك..مُفتقرة إلى أن تضمّها وتواسيها و ترحمها..
أمُتعبٌ أنت؟ مُثقلٌ بالهموم .. حزين إلى حدٍّ أنّك صاحبت الدّموع؟
مُشتّتٌ و مُحتارٌ إلى حدّ أنّ الألمَ أصبح يجري عبر شرايينك ..و يعتصر معدتك؟
قلبي معك..
أعلمُ بأنّك تتخبّط بين ذكريات حزن عشتها وبين خوف من مستقبل مجهول ..أليس كذلك ؟
لا تقاوم ..إستقبل هذه الأفكار المؤلمة و كأنّها لا تنتمي إليك أو كأنّها سحابةُ صيف عابرة لا تلبث أن تغيب ..
نعم تستطيع ذلك مع التّدريب المستمرّ ،فلا تستهين بقدراتك التي خصّك الله بها كإنسان ..
إستشعر رعاية اللّه و هي تُطوّقك ..و نوره وهو يحيط بك من كلّ جانب ..
إستسلم لهذا الإحساس الجميل المُطمئن..و كيف لا تطمئن و أنت تتحسّسُ نورَ خالقك بداخلك.. و قُلْ: اللهم إجعل في قلبي نورا و في سمعي و بصري و عن يميني و عن شمالي و من فوقي و من تحتي ، واجعل لي نورا ..
حضورك الآن.. تركيزك المُؤقّت على نفسك و جسدك و تنفّسك هو تدريب لك للعيش في اللحظة، بعيدا عن مطارق الأفكار المزعجةِ.. أفكار ِالماضي و المستقبل.
إرْضَ بواقعك كما هو..فلا التّفكيرُ و لا المقاومةُ و لا الأحزانُ تُغيّر شيئا منه..
صدّقني كُلُّنا قد جرّب ذلك..وحده الإستسلامُ يمنحك الأمان و راحة البال..
أسمعك و أنت تقول :و لكنّني غيرُ راضٍ عن حالي ..إنّه لا يعجبني..
أفهمُك و أنا معك..الإستسلام ليس الرضا بواقع لا يعجبك و مُحتّم عليك أن تعيشه بتفاصيله المؤلمة مدى الحياة..
لا و ألف لا..فما هو آتٍ خيرٌ ممّا مضى ..
ما الأحزان التي صاحبتك و ما التّساؤلاتُ التي أتعبتك و ما التّجاربُ التي لبستك إلاّ وسيلةٌ لصقلِ نفسِك.. و تطهيرها و زيادةِ وعيها..
لا تقل لي بأنك أنت أنت في الماضي و الحاضر، لا تقل لي بأنّ التجارب لم تنتزع عن عينيك الغشاوة التي كانت تحجب عنك الرؤية..إذا كان هذا هو حالك فلقد آن الأوان أن تتحرّك..
أُصدُقني القول و كن صادقا مع نفسك..تذكّر..أليس هناك هدف أو حلم تُريد تحقيقه
منذ زمن..أو شيئ يُزعجُكَ تريد التّخلّصَ منه.. فلا الحلم تحقّق و لا ما يزعجك تلاشى.مع أنّك قاومت بكلّ طاقتك و بكيت وربّما مرضت ..و ما تغيّر شيئ..
ذلك لأنّ الإستسلام هو الحلّ الوحيد..
الإستسلام ليس هو الكفّ عن الدّعاء و لا الخضوع لواقع مرير قد بِتّ لا تُطيقه، ليس ذلك الصوت الذي يهمس في أذنك ليقول : مُقدّرٌ مكتوب..
كلاّ..الإستسلام هو أن تُعوّد نفسك على أن تعيش يومك بوعي وإحسان و بشغف و حبّ و تترك التّدبير للذي خلقك ..
الإستسلامُ ليس معناه أن تقعد مكتوف الأيدي ..لأنّ السّماء لن تمطر لك ذهبا ولا فضّة.. و لكن أن تمدّ يديك إلى السّماء، إلى مصدر الحنان و الحب و القوّة و القدرة، إلى مصدر الأرزاق..إلى خالقك..و أنت حاضر القلب و قد تزيّنت بلباس اليقين و تعطّرت بعطر الثقة به..و أنت تمشي بخطى واثقة لتقتنصَ الفرص بوعي و فطنة، تلك الفرص التي سيَغرسها في طريقك كالأشجار المثمرة..ليست لك عصا موسى ولا خاتم سليمان عليهما السّلام..و لكن لك الله الذي كان معهما..
كُلّما صادفك همٌّ أو حزن ،مهما كان واقعك ،تذكّر بأنّ لك ربّا سميعا بصيرا قادرا و رحيما
ومهما بلغت ضوضاء الظّروف من حولك فأنت قادر على أن تلملم نفسك و تطلق العنان لحسن ظنّك بالله تعالى مع الأخذ بالأسباب و كأنّك ريشة بيضاء تتمايل وسط أقداره سبحانه التي كلّها خير مهما بدا لك عكس ذلك ، إلى أن تجد لها مكانا جميلا لتستقرّ فيه
إفتح باب قلبك على مصراعيه..مستسلما لشمس اليقين بالله و هي ترسم خطوطا دافئة بأشعّتها الذهبية الحنون على وجه قدرك ليلمع من جديد ، و تأبى بعدها شفتاك إلاّ أن تتفتّحا كزهرة أقحوان لتكشفا عن إبتسامة مشرقة..
إبتسامةِ الرضا ..
التعليقات
شكرا لتلك النفحات التي تمنحينا إياها كل فترة سيدتي .