البعد التربوي للنكبة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

البعد التربوي للنكبة

بقلم أ.نجوان ناجي الضبة

  نشر في 19 ديسمبر 2022  وآخر تعديل بتاريخ 29 ديسمبر 2022 .

البعد التربوي للنكبة

بقلم

أ‌. نجوان ناجي إبراهيم الضبة

قسم المناهج وطرق التدريس - كلية التربية

الجامعة الإسلامية بغزة - فلسطين

ملخص

هدف المقال إلى التعرف على التعليم في زمن الانتداب البريطاني وما بعد قيام دولة إسرائيل بعد نكبة 1948 م، أصدرت قانونين للتعليم ألا وهما الأول: قانون التعليم الإلزامي لعام 1949 وقانون التعليم الحكومي لعام لعام 1953,وبعد ذلك ظهرت السياسة الإسرائيلية تجاه تعليم فلسطيني48 في النظام التعليمي مارست الدولة تمييزاً بين العرب واليهود؛ فجعلت للعرب نظاماً مستقلاً يشرف عليه باستمرار شخص يهودي وقد حرم العرب نتيجة لذلك العديد من أنواع التعليم والخدمات التعليمية المختلفة, استمرت إسرائيل في سياستها التي ترمي إلى أن يكون مستوى المتعلمين هزيلاً , وطوال هذه الفترة لم يكن هناك تقدم أو حالة من التطور والحصول على منهاج فلسطيني مستقل حتى ظهور منظمة التحرير الفلسطيني. (صالح:1973, 55)

المقدمة:

إذا كان التاريخ سجلاً لتطور الشعوب فإن تأسيس دولة إسرائيل عام ١٩٤٨ جعل من تاريخ الشعب الفلسطيني سجلاً لتطور غريب عجيب في بيئات اصطناعية تفتقر إلى مقومات العافية والسلامة .

وقد اختلفت هذه البيئات من مكان إلى آخر، ولكنها كانت كلها اصطناعية من حيث انها منعت أو عرقلت عن قصد أو غير قصد تطور نظام تربوي فلسطيني مستقل، وبالتالي نضوج شخصية فلسطينية وكيان فلسطيني مستقل.

في سنة ١٩٤٨ قامت دولة إسرائيل في الجزء الذي احتلته من فلسطين، وصارت الضفة الغربية كجزء من المملكة الأردنية الهاشمية وقطاع غزة تحت الإدارة المصرية خارج دولة إسرائيل. وفي سنة ١٩٦٧ احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، وبذلك أخضعت فلسطين بكاملها للاحتلال.

وخلال هذه الفترة أو تلك خضع تعليم الفلسطينيين لمشيئة السلطات الحاكمة في أرض فلسطين أو خارجها، كما خضع في بعضه المشيئة سلطات خاصة نشأت أو أنشئت بإرادة دولية ضمن نطاق منظمة الأمم المتحدة .

وهكذا فإن تتبع التطور الذي مر به تعليم الفلسطينيين واستظهار الملامح التي اكتسبها وعبر عنها، والطموحات التي حفزته، والمصاعب والعقبات التي اعترضت سبيله، والإنجازات التي حققها والتي بقيت بعيدة عن مناله، كل ذلك يتطلب النظر في هذه المراحل على مستويين متلازمين، الأول جغرافي يتناول تطور التعليم في البلدان أو المناطق المختلفة التي أقام الفلسطينيون فيها، والثاني سياسي يربط بين هذا التعليم ونوع السلطة التي عمل الفلسطينيون في ظلّها، أو نوع الإدارة التي تعهدت أمورهم . وعلى كل حال يبقى الشعب الفلسطيني أينما وجد ومهما اختلفت أنواع السلطة التي مارس حياته في ظلها هو الموضوع، ويبقى تعليمه محور اهتمامنا .

ولهذا كله يستحسن أن نؤسس في هذه المراجعة قاعدة ننطلق منها إلى البحث في شؤون التعليم وتكون على شكل لوحة بشرية للشعب الفلسطيني تظهر أماكن وجوده قبل النكبة وبعدها ثم تظهر بالتتابع التغيرات التي أصابته في العدد وفي مكان الإقامة على امتداد السنوات، ولا سيما بعد العام ١٩٦٧ ، على أن نأخذ هذه اللوحة ونضيف إليها فيما بعد المعالم التربوية التي اختص بها الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن وجوده، وفي ظل مختلف السلطات التي تولّت حكمه أو إدارة شؤونه .(نبيل:1971, 87).

التعليم أثناء الانتداب البريطاني:

كان في فلسطين أثناء الانتداب البريطاني نظامان منفصلان للتعليم: أحدهما للعرب، والثاني لليهود، وكانا مختلفين اختلافاً كبيراً، سواء في الإدارة أو السلم التعليمي أو المنهاج أو إعداد المعلمين أو التفتيش أو التمويل وغيرها.

وكان تعليم العرب ينقسم إلى قسمين: الأول، تديره الدولة وتشرف عليه إشرافاً تاماً، والثاني، كان تابعاً للجمعيات التبشيرية ومستقلاً إلى حد كبير عن سيطرة الحكومة.

أما تعليم اليهود فقد كان مستقلاً استقلالاً تاماً عن الدولة ويتبع الأحزاب اليهودية التي كان ينسق بينها مكتب تعليم تابع( لفاعد ليئومي ) المجلس الوطني ليهود فلسطين. (بشور:1984, 90)

وعندما قامت دولة إسرائيل بعد نكبة 1948 م، أصدرت قانونين للتعليم:

الأول: قانون التعليم الإلزامي لعام 1949

يفرض هذا القانون على جميع الأولاد في سن 5 سنوات - 15 سنة الالتحاق بالمدارس، ويكون تعليمهم مجاناً، أما بالنسبة إلى سن 16-17 (الصف الحادي عشر والصف الثاني عشر) فإن التعليم غير إلزامي لكنه مجاني، ويتم تمويله من رسوم خاصة تجبيها مؤسسة التأمين الوطني.

الثاني: قانون التعليم الحكومي لعام 1953

يلزم هذا القانون الدولة بإدارة التعليم في جميع المؤسسات الرسمية وبالإشراف على المنهاج الذي يقره وزير المعارف، شرط أن يخدم هذا المنهاج ترسيخ القيم التي نص القانون عليها. وبموجب هذين القانونين أصبح التعليم الرسمي للعرب خاضعاً لوزارة المعارف والثقافة الإسرائيلية، وبقيت مدارس الإرساليات التبشيرية والجمعيات المسيحية على حالها دون أدنى تغيير، أما التعليم اليهودي فقد استمر على ما هو عليه ما عدا التغييرات التالية:

تحولت مسؤولية التعليم من فاعد ليؤمي إلى وزارة المعارف والثقافة الإسرائيلية وأصبح التعليم الابتدائي مع سنة الروضة إلزامياً - وهذا مطبق على فلسطينيي 48، أيضاً من الناحية النظرية، وألغيت الاتجاهات، ومنعت الدعوة الحزبية في المدارس وصهرت جميع أنواع التعليم في بوتقة واحدة وقد سن الكنيست بعد ذلك قانونين إضافيين للتعليم هما كما ذكرهما (عبدالوهاب : 1972, 22).

1- قانون مجلس التعليم العالي لسنة 1958

يفرض هذا القانون على كل مؤسسة للتعليم فوق الثانوي أن تحصل على ترخيص من المجلس، ويمنح وزارة المعارف حق تفتيشها والإشراف عليها، لكن الوزارة غير ملزمة بتمويلها. يميز هذا القانون بين الاعتراف بالمؤسسة وبين الاعتراف بشهاداتها (.

2-قانون الاشراف على المدارس لسنة 1969

يفرض هذا القانون على جميع مؤسسات التعليم أن تحصل على اعتراف وزارة المعارف بها، ويلزمها القبول بإشراف الوزارة وتفتيشها ومراقبة العملية التعليمية فيها.

وكان هناك عدة أنواع من التعليم في إسرائيل يمكن أن نجملها فيما يلي:

-1. التعليم المدني الرسمي.

2. -التعليم الديني الرسمي.

-3. التعليم الديني التابع لمؤسسات دينية.

-4. التعليم الذي تشرف عليه مؤسسات صهيونية.

-5. الخدمات الترويحية مثل نوادي الأطفال ومراكز الشباب.

-6. ولم يوجد في محيط فلسطينيي 48 من أنواع التعليم في إسرائيل سوى التعليم المدني الرسمي.

ويتكون السلم التعليمي لهذا النوع من ثلاث مراحل هي:

- 1. مرحلة التعليم الإلزامي.

-2. مرحلة التعليم الثانوي.

-3. مرحلة التعليم العالي.

1- التعليم الإلزامي

أ) الروضة لسن التعليم الإلزامي:

وهي خاصة بالأطفال في سن (5) وهؤلاء لا يدفعون أجوراً، وكقاعدة تكون هذه الروضات في بنايات أو شقق خاصة ولا يجوز أن تكون في نفس بنايات المدارس الابتدائية.وينبغي أن يكون في كل روضة مجموعة واحدة من الأطفال ولا يجوز مطلقاً وجود أكثر من 4 مجموعات في بناية واحدة وذلك لإبعاد الأطفال عن جو الضوضاء الموجودة عادة في المدارس وجعل الجو مشابها لجو البيت.

* الروضات في محيط العرب

كل ما ذكر سابقاً، إنما هو خاص باليهود، أما في محيط العرب فإن الإحصائيات الرسمية في تلك الفترة تشير إلى عدم وجود أية روضة لما قبل سن التعليم الإلزامي، أما الروضات في سن التعليم الإلزامي فكانت لا تتمتع بالتسهيلات الموجودة في الروضات اليهودية؛ فدوامها يتم في نفس بناية المدرسة الابتدائية كجزء منها، ويسري عليها ما يسري على المدارس الابتدائية، من حيث الدوام والتغذية المعدومة وإن اشتراط أربع مجموعات على الأكثر غير موجود.

* التعليم الابتدائي

كانت مدة التعليم الابتدائي زمن الانتداب سبع سنوات بين سن 6-12 سنة، لكن قانون التعليم الإلزامي لسنة 1949 مدد مدة التعليم الابتدائي إلى 8 سنوات تمتد بين سن 6- 13 سنة وجعلها إلزامية، ولما كانت الحكومة قد منحت المواطنين العرب فرصاً متساوية مع اليهود في الناحية التعليمية - من الناحية النظرية - كما نص على ذلك قانون التعليم الإلزامي، فقد كان من المفروض أن تفتح المدارس الابتدائية في كل مجتمع عربي به على الأقل 11 طفلاً في سن التعليم.

* الإلزامي

وقد بُدئ اعتباراً من سنة 53/ 54 بتطبيق التدريب (المهني الأولى) و(الزراعي الأولي) في الصف السابع الابتدائي في بعض المدارس العربية. وفي سنة 54/55 شمل الصف الثامن الابتدائي في هذه المدارس، وتختلف الصفوف التي تأخذ هذا التدريب عن الصفوف الاعتيادية وتخصص من ساعاتها 12 حصة أسبوعياً للعمل في الزراعة أو في الورش، وتعتمد الحرف التي يتدرب عليها الطلاب على التسهيلات الفنية الموجودة، وهي: النجارة والمعادن للبنين، والخياطة للبنات، وفي سنة 59/ 60 كان عدد المدارس التي بها صفوف مهنية أولية 4 مدارس ابتدائية، والتي بها صفوف زراعية أولية مدرستين، وهذه المدارس كانت موجودة في حيفا وعكا والناصرة وطمرة وكفر قرع وكفر قاسم.

وفي سنة 60/61 زاد عدد المدارس التي بها صفوف مهنية أولية إلى 5، وبقيت الأخرى كما هي. وفي سنة 66/67 أصبح عدد المدارس من النوعين 24 مدرسة، والحرف التي تقدمها بقيت كما كانت في البداية. ومهمة التعليم المهني الأولي والزراعي الأولي في المدارس الابتدائية تعود لوزارة المعارف والثقافة والغرض منها في المدارس اليهودية أن تؤدي إلى المدارس المهنية أو المدارس الزراعية ذات السنة الواحدة أو السنتين، وبذلك يكون التلميذ بعد التخرج قد تدرب لمدة 3 أو 4 سنوات، أما في محيط العرب فإن المدارس المهنية والمدارس الزراعية الموجودة كانت ذات ثلاث سنوات فقط ولا يوجد لهم مدارس ذات سنة واحدة أو سنتين؛ ولذلك فإن نهاية التعليم الابتدائي يعتبر نهاية للتعليم المهني لأمثال هؤلاء.

2-التعليم الثانوي

توجد عدة أنواع من المدارس الثانوية في إسرائيل يمكن تقسيمها إلى ما يلي:

1. المدارس الثانوية الأكاديمية.

2. المدارس الزراعية.

3. المدارس المهنية.

4. المدارس الشاملة.

5. المدارس الأكاديمية الدينية.

6. المدارس أنواع مختلفة من (الكورسات) ذات المدد المختلفة بعد الدراسة الابتدائية، اقتصرت المدارس العربية على الأنواع الثلاث الأولى فقط، وفيما يلي تفصيل للمدارس الثانوية الأكاديمية.

* المدارس الثانوية الأكاديمية (ياسين:1976, 16).

هناك ثلاثة أنواع من المدارس الثانوية الأكاديمية:

1. المدارس الثانوية ذات 4 سنوات بعد الدراسة الابتدائية ذات 8 سنوات وهذا هو الصنف الشائع وهي على نوعين نهارية ومسائية.

2. مدارس ثانوية ذات 6 سنوات بعد المدارس الابتدائية ذات 6 سنوات.

3. هناك مدارس ذات 12 سنة تقبل طلابها رأساً من خريجي الروضة، ولم يوجد في المدارس العربية سوى النوع الأول.

وبالإضافة إلى هذه الأنواع الثلاثة وجدت صفوف تكميلية مرتبطة بالمدارس الابتدائية الموجودة في القرى النائية وهذه الصفوف على نوعين:

الأولى: صفوف ثانوية اكاديمية اعتيادية، وذلك لعدم امكان فتح مدرسة ثانوية كاملة، هذه كانت موجودة في المدارس العربية قبل استكمال فتح المدارس الثانوية لكنها انتهت فيما بعد.

الثانية: مدارس ذات سنتين بعد الدراسة الابتدائية، وهذه خاصة بالطلاب الذين درسوا لمدة سنتين تعليماً (مهنيا أوليا) في المدارس الابتدائية، وبذلك يصبحون بعد إنهاء هذه المدارس قد درسوا تعليماً مهنياً ذا أربع سنوات. ولا يوجد من هذا النوع أي مدرسة في محيط العرب.

كل هذا في المدارس الثانوية التابعة للبلديات، أما المدارس الثانوية التابعة للجمعيات المسيحية أو الإرساليات التبشيرية، فإنها تختلف تبعاً للبلد الأصلي الذي تنتمي إليه، وهي في الغالب تقدم تعليماً لمدة 11سنة (ابتدائية + ثانوية) مقابل 12 سنة في المدارس اليهودية العربية التابعة للبلديات.

ويتلقى جميع الطلبة دراسة موحدة في الصفين التاسع والعاشر، ثم يبدأ بعدها التخصص حسب معدل الطالب وميوله، والتخصص في الصفين الحادي عشر والثاني عشر يكون في أحد الفروع الآتية:

الآداب - العلوم البيولوجية - الرياضيات - الفيزياء - الدراسات الشرقية، وغيرها. وفي حين تقدم المدارس اليهودية اثنين أو أكثر من هذه الفروع، فإن المدارس العربية بسبب نقص المدرسين وعدم كفاية المعدات، كانت تقدم عادة فرع الآداب فقط، عدا مدرسة الناصرة التي وجد بها فرع للعلوم.

3- التعليم الجامعي

إن التعليم الجامعي المتاح لفلسطينيي 48 ينحصر في كليات المعلمين والجامعات، أما كليات المعلمين فلم يكن للعرب حتى عام 66/67 م سوى كلية معلمين واحدة مقابل 62 كلية للمعلمين اليهود، ومعدل نسب عدد طلاب كلية المعلمين العرب إلى مجموع طلاب كليات المعلمين في إسرائيل بلغ 1.4% في الفترة بين عامي 56/57م و 66/267 مقابل 11.2% معدل نسب السكان العرب إلى مجموع السكان خلال نفس الفترة.

أما في الجامعات فقد بلغ مجموع الطلبة العرب 388 طالباً من مجموع 21511 عام 67/68، أي بنسبة 1.8%، أما في عام 68/69 فقد كان عددهم 440 طالباً من مجموع 29402 أي بنسبة 1.5%. وتقل نسبة الطلاب العرب إلى مجموع نظرائهم كلما ارتفعنا من مرحلة البكالوريوس إلى مرحلة الدبلوم ثم الماجستير فالدكتوراه.

في عام 67/68 بلغ عدد الطلبة العرب في مرحلة البكالوريوس 146 طالباً من مجموع 7001 طالباً أي بنسبة 2.1%، وفي عام 68/69 م بلغ عددهم 4907 طالباً من مجموع 23679 أي بنسبة 1.75.

وفي مرحلة الدبلوم بلغ عدد الطلاب العرب عام 67/68 م (10 طلاب) من مجموع 624 طالباً أي بنسبة 1.6%، وفي عام 68/69 بلغ عددهم (8 طلاب) من مجموع 652 طالباً أي بنسبة 1.2%.

وفي مرحلة الماجستير بلغ عدد الطلاب العرب عام 67/68م (22 طالباً) من مجموع 3360 طالباً أي بنسبة 0.65%، وفي عام 68/69م (22طالباً) من مجموع 3833 طالباً أي بنسبة 006%. وفي مرحلة الدكتوراه بلغ عدد الطلبة العرب عام 67/68م (طالبين) فقط من مجموع 1132 طالباً أي بنسبة 0.18%، وفي عام 68/69 (3 طلاب) من مجموع 1238 طالباً أي بنسبة 0.24%. (خورشيد:1972, 41)

إن ما سبق ذكره عن النظام التعليمي لدى فلسطينيي 48 منذ النكبة وحتى نهاية الستينات يبين السياسة الإسرائيلية اتجاه الأقلية العربية التي تبدو واضحة من الزوايا التالية:

* السياسة الإسرائيلية تجاه تعليم فلسطيني 48

- 1 في النظام التعليمي مارست الدولة تمييزاً بين العرب واليهود؛ فجعلت للعرب نظاماً مستقلاً يشرف عليه باستمرار شخص يهودي وقد حرم العرب نتيجة لذلك العديد من أنواع التعليم والخدمات التعليمية المختلفة.

فالعرب محرومون من التعليم الديني، في حين يوجد نظامان للتعليم الديني لليهود يستمران من الروضة حتى الجامعة، والعرب محرومون من نظم التعليم التي تقدمها المنظمات والمؤسسات الصهيونية، مثل تعليم الكيبوتس، وتعليم العالياه، وتعليم الجيش، وتعليم الهستدروت، وتعليم الكبار وأنواع الروضات لما قبل التعليم الإلزامي.

والعرب محرومون كذلك من الخدمات الترويحية المختلفة التي تقدمها الوزارة مثل نوادي الأطفال، ومراكز الشباب.

وفي النظام التعليمي يلاحظ أن العرب محرومون كلياً أو جزئياً من كثير من الخدمات، ففي الروضة لا يتمتع العرب بنفس التسهيلات التي يتلقاها اليهود، وفي مرحلة التعليم الإلزامي تقل إلى أقصى حد الصفوف المهنية الأولية، والصفوف الزراعية الأولية التي تقدم تدريباً مهنياً وزراعياً للطلاب، وفي المرحلة الثانوية تنعدم المدارس الثانوية الشاملة والصفوف التكميلية للدراسات المهنية والزراعية الأولية. (صالح:1973, 55)

وتقتصر الدراسات الأكاديمية في جميع المدارس الثانوية، عدا واحدة، على القسم الأدبي، كما تقتصر المدارس المهنية والمدارس الزراعية كل منها على نوع واحد؛ في حين أن هناك عدة أنواع من المدارس المهنية والزراعية اليهودية. وعدد ساعات الدراسة اليومي عند العرب مختلفة عن اليهود؛ حيث عدد أيام الدوام الفعلي لدى العرب خمسة أيام أسبوعياً، مقابل ستة أيام لليهود. ومدة السنة الدراسية عند اليهود أطول.

يضاف إلى كل ذلك أن تمويل التعليم في الغالب يعتمد على الإدارات المحلية والمنظمات المختلفة وتقوم الدولة بمساعدة المحليات المتخلفة اقتصادياً، أما في محيط العرب فإن الإدارات المحلية فقيرة - بسبب سياسة الدولة- والمنظمات محرومة منها والدولة لا تساعد المحليات العربية، وعلى هذا فإن تمويل نظام التعليم العربي، لا يتناسب مع ما هو موجود في قطاع اليهود؛ مما يشكل نظامين مختلفين تمام الاختلاف.

- 2 إن نسبة انتشار التعليم بين فلسطينيي 48 في هذه الفترة منخفضة جداً بالنسبة إلى اليهود في إسرائيل، أو بالنسبة للاجئين الفلسطينيين في البلاد العربية، أو بالنسبة لعهد الانتداب البريطاني، أو حتى بالنسبة للبلاد العربية. ويلاحظ أن نسبة انتشار التعليم تقل كلما ارتفع السلم التعليمي، ففي حين تبلغ معدل نسبة الطلاب العرب إلى مجموع الطلاب في إسرائيل 9.1% في المرحلة الابتدائية تقل إلى 2.3% في المدارس الثانوية الأكاديمية ثم تنخفض إلى 1.4% في كليات المعلمين وتتدنى إلى ما يقرب 1% في الدراسات الجامعية، وهذا في حين كان معدل نسبة العرب إلى مجموع السكان في إسرائيل هو 11.2%. كذلك فإن فلسطينيي 48 كانوا محرومين من الدراسات التي يحتاجون إليها بصورة أكثر مثل الدراسات الفنية والزراعية والعلمية حتى بلغ معدل نسبة الطلاب العرب إلى مجموع الطلاب في إسرائيل 1.1% في المدارس الزراعية 0.79% في المدارس المهنية 0.1% في الدراسات الهندسية الجامعية. (عبدالوهاب:1982, 22)

3- استمرت إسرائيل في سياستها التي ترمي إلى أن يكون مستوى المتعلمين هزيلاً، فكانت نسبة الناجحين من الطلاب العرب في الامتحان الوزاري للدراسة الثانوية قبل عام 1960 تدور حول 10%، في حين أن هذه النسبة لليهود كانت حوالي 85%، والطرق التي اتبعتها إسرائيل في سبيل ذلك هي: التقليل من عدد المعلمين العرب، وقلة المؤهلين منهم؛ فقد وصلت نسبة المعلمين المؤهلين في نهاية الفترة إلى 50% من المعلمين العرب، وزاد من حدة انخفاض مستوى التعليم في تلك الفترة ما حاولت إسرائيل إجبار المعلمين عليه من تبديل طرق التدريس من الطريقة التقليدية إلى الطريقة الجملية دون تدريب المعلمين. إضافة لذلك فإن الظروف المادية التي تحيط بالطلبة العرب قاسية؛ فالمباني قديمة والصفوف مزدحمة بالطلاب، والوسائل التعليمية رديئة، كذلك فإن محتوى التعليم كان يرمى إلى إشباع الطالب العربي باتجاهات الود والإعجاب نحو اليهود ودولة إسرائيل، واتجاهات الاحتقار وعدم الثقة بالأمة العربية؛ وبالتالي خلق شخصيات ضعيفة الانتماء غير قادرة على تغيير وضعها كأقلية مسلوبة الحقوق. (بشور:1976, 23)

الخاتمة

لا يبدو مما كتب عن الفلسطينيين أن أية محاولات مهمة خارج نطاق وكالة الغوث أو ما شابهها من المؤسسات الدولية أو الحكومية، قد جرت قبل العام ١٩٦٤ لمناقشة تعليم الفلسطينيين أو لتطوير أفكار أو اتجاهات تتعلق بهذا التعليم فقبل هذا التاريخ وعلى مدى ما يزيد عن خمسة عشر عاماً النكبة كان تعليم الفلسطينيين متروكاً لهذه المؤسسات وللتبرعات الخاصة التي كان يقدمها بعض المهتمين من الممولين لا فتتاح المدارس أو تعليم بعض الأولاد على حسابهم.

ولكن الأمر بدأ يتغير منذ منتصف الستينات، وبالتحديد

منذ انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الأول في مدينة القدس في ٢٨ أيار / مايو ١٩٦٤ وانبثاق منظمة التحرير الفلسطينية. وكان ذلك إيذاناً بظهور الشخصية الفلسطينية المستقلة، ويبدأ العمل والجهد لتثبيتها وإبرازها. وكان من الطبيعي أن يرافق ذلك تفكير ومناقشة حول التعليم المناسب للفلسطينيين.(خورشيد:1972, 88)

المراجع

1- صالح عبد الله سريّة، تعليم العرب في إسرائيل، بيروت، مركز الأبحاث منظمة التحرير الفلسطينية، ١٩٧٣.

2- عبد الوهاب ألمسيري، الإيديولوجية الصهيونية ,دراسة في حالة علم اجتماع المعرفة , الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ,۱۹۸۲ .

3- غازي خورشيد, "المقاومة الفلسطينية والعمل الاجتماعي"، شؤون فلسطينية ,العدد ٦ ، كانون الثاني / يناير ۱۹۷۲.

4-منير بشور وخالد مصطفى الشيخ ,التعليم في إسرائيل، بيروت، مركز الأبحاث، منظمة التحرير لفلسطينية، ١٩٧٦ .

5-موفق ياسين ,مشكلات تعليم أبناء فلسطين بيروت، مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، ١٩٧٦ .

6- نبيل أيوب بدران, تطور المفهوم الاقتصادي الاجتماعي للتعليم لدى وكالة الغوث وتصوّر أولي لأهداف تخطيط تربوي للشعب العربي الفلسطيني»، شؤون فلسطينية، العدد ٣ تموز / يوليو ۱۹۷۱.



   نشر في 19 ديسمبر 2022  وآخر تعديل بتاريخ 29 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا