عض قلبي ولا تعض شغفي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عض قلبي ولا تعض شغفي

  نشر في 01 يونيو 2023  وآخر تعديل بتاريخ 08 يونيو 2023 .

أعطى النجاح الباهر لستيڤ جوبز و مارك زوكربيرغ و اخرون مثالاً فاتناً لمبشري التنمية البشرية.

أصبح هؤلاء الأثرياء المؤثرون في ملايين الشباب الجزرة التي يعدونك بها إذا اتبعت شغفك.

و كالعادة ظهر تيار مضاد لدحض هذه الفكرة يدعو إلى الاستسلام للواقع مع إمكانية البحث عن الشغف إذا تخطت ثروتك المليون دولار.

فالتيار الأول يبيعك السمك في الماء حيث أنه اختار نموذجا ناجحا من ضمن ملايين النماذج الأخرى التي لم توفق و ألزمك بها.

أما الثاني فربّت على كتفك قائلاً لا عليك دعك منه ، يمكنك أن تُكمل مأساتك الآن في سلام .

سواء هذا أو ذاك فالضرر قد وقع ، تم إقحام الشغف في معادلة الرضا و أصبحت لا واعياً تبحث عنه و أنت لا تعرف عنه شيئاً سوى أنه كلما أكثرت من فعله ازددت سعادة.

الغريب أيضاً أن الشغف يتغير بشكل سريع جداً ، فاليوم تشعر أن شغفك في الطبخ و انك قد وُلدت لتتمايل راقصاً بين الأواني و التوابل ثم بعد ستة أشهر تجد أنك تأكل المانجو بقشره لأنك لم تعد تطيق أن تمسك سكيناً.

ثم تنتقل من شغف إلى شغف ومن سراب إلى سراب و الحقيقة الثابتة أنك صرت تكره ما كنت تفعله في السابق.

يمكن تفسير هذه الأزمة من خلال السمات العامة للجيل الحالي المتأثر بالإنترنت و وسائل التواصل الاجتماعي.

جيلنا الذي أصبح لا يهتم بالمعرفة ولكن يهتم بمكان وجودها ، فيقوم بحفظ المنشور المهم و تنزيل الكتاب الرائع و يكتفي بذلك. 

جيلنا الذي أمعن في الاشباع الفوري فإذا اشتهى اشترى و اذا انتفض ضغط على زر اغضبني ولم يبالي.

فإذا كانت حاجتك هي الاشباع الفوري فسيباع لك السعادة الفورية و لتحصل عليها يجب أن تعثر على الشغف.


تم انتزاع الصبر انتزاعاً من ثقافتنا العربية و استبداله بالشغف .

يقول الامام ابن تيمية مخاطباً هؤلاء " لم ينل أحد شيئا من جسيم الخير -نبي فمن دونه- الا بالصبر "

 ماذا يحدث لو بحث نبيٌ عن شغفه بدلاً من أن يؤدي رسالته؟!!

 

 اتخيل الإمام النووي في كتابه الأذكار يخاطبنا قائلاً " ولا يصدر التنعيم إلا من الأنس والحب ، ولا يصدر الأنس إلا من المداومة على المكابدة والتكلف مدة طويلة حتى يصير التكلف طبعا. فكيف يُستبعد هذا وقد يتكلف الإنسان تناول طعام يستبشعه أولا ويكابد أكله ويواظب عليه فيصير موافقا لطبعه حتى لا يصبر عنه".



   نشر في 01 يونيو 2023  وآخر تعديل بتاريخ 08 يونيو 2023 .

التعليقات

خديجة منذ 11 شهر
أتدري ما هو شغفك يا حمد؟ ، إنه حب الكتابة الذي يسكنك بالرغم منك ، الكتابة عمّا يحزنك أو يفرحك او يغضبك أو يدهشك ، ربما كنت تسمع عن الشغف و تتساءل كلّ يوم أين أجده و كيف ، مع أنه كان جليسك طول الوقت ، إذا كنت تعشق الكتابة و تكتب بروحك و بكلّ خلية من جسدك لا لتكسب المال و لكن لتلبّي نداءا تسمعه من أعماقك و يدفعك دفعا إلى أن تحمل قلمك دون تفكير و بسعادة عارمة فاعلم بأنّ هذا شغفك ، شغفك هو أن تكتب لأجل الكتابة لا لشيئ آخر ، عوض أن تبحث عمّا تحب عبر الآخرين و تحاول تقليد فلان في طرق النجاح و سبل الوصول إلى الأهداف ، إسأل نفسك سؤالا بسيطا و بصدق : ماذا أحب و أيّ شيئ يجعلني سعيدا ، بالنسبة لي أعشق الكتابة عن الله و المواضيع الهادفة ، أنا أرى بأنك تحب هذا الأمر ، فهل يكون هذا هو شغفك و أنت لا تدري! ، تعريف الشغف بسيط للغاية لا يحتاج منا تعقيدا ، هو كل شيئ تحب أن تفعله إلى أن تلقى الله ، بالنسبة لي الطب هو مهنتي أما الكتابة فهي شغفي و عشقي ، و أنت؟؟
1
حمد عمرو
قد يغبطك الكثير على تحديدك الواضح لشغفك و على براعتك فيه.
تعريفك للشغف جميل و بسيط فعلاً لكن فقط باعتبار أن الشغف ثابت و ليس عاطفة من الممكن أن تتبدل.
أما أنا فلا أحب مصطلح الشغف في الأساس ولا ما يدل عليه ، و أفضّل أن أقول أن اهتمامي هو بالقراءة.
أبهجني تعليقك في بداية يومي .. شكراً لكِ.
خديجة
شكرا حمد على كلماتك الجميلة، طبعا لست مجبرا على تسميته بالشغف ، الجميل في الأمر هو أننا أحرار في إقتناء الكلمات المناسبة لمعتقداتنا و أفكارنا ، و لنا الحظ لكوننا نتكلم بلغة الضاد الثريّة بالمفردات
إهتمام ،عشق ،حب ، شغف ..كلها كلمات تعرض نفسها علينا و نحن من يختار .تحياتي
سناء لعفو منذ 11 شهر
مقالك عين الصواب فعلا ابحث عن شغفك لتعيش منه أكذوبة معاصرة ، تحياتي لك 👍
1
حمد عمرو
أكذوبة تستهلك سنين من العمر لاكتشافها للأسف الشديد.
كل التقدير لكِ ..

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا