اتعمد إبقاء فتحة صغيرة من النافذة يتسلل منها شيء من الهواء البارد رغم برودة الطقس، و لكنه يبعث في النفس شعورا جميلا.
أحس و كأن أفكاري لا تزال في فراش النوم، عيناي تهذيان بكلام مبهم، و روحي هائمة في الأجواء مثل فراشة سلبوا منها أزهارها.
أصبحت حيواتنا يملئها التشوش و الأضطراب، فقدنا ذلك الإحساس بالأطمئنان و الهدوء، و الأرهاق و التعب يملئ أرواحنا المسكينة.
أركب مع "أم علي" و هي سائقة معروفة تكابد شقاء العمل مع الرجال و في عمل صعب مثل السواقة لكنها امرأة صلبة تعدل عشرات الرجال ممن ينكفؤون على انفسهم في بيوتهم بانتظار من يعيلهم.
تجلس مقابلي فتاة عشرينية على الجهة اليسرى، استطيع الإبحار في ملامحها رغم صف المقاعد الذي يفصل بيننا. استأذن من دجلة للحديث عنها، و لا فرق بين أن أتكلم عن دجلة أو عن أنثى فكلتاهما تختصران لك وجها عذبا من وجوه الحياة.
في عينيها يستكين سواد عميق، يجرك داخله فلا تملك إلا الاستسلام له و التهاوي عنده بكل شجاعة، رمشاها مكللان بشيء من الكحل، يضللان عينيها مثل سماء صافية. بيضاء البشرة جميلة المحيا و بارعة بذلك الهدوء الذي يعطيك مساحة شاسعة لتأملها و استنطاق ملامحها.
تغطي رأسها بشال وردي، و ترتدي سترة زرقاء غامقة تحتها قميص أبيض و تنورة سوداء طويلة.
وصف أنثى من الأمور التي أشعر فيها بمتعة خاصة.
الطريق يوشك على الإنتهاء...
لم أجد الشاب يوسف الذي يصنع المخلمة في ساحة الرصافي، فذهبت إلى كشك على مقربة من نفس المكان يبيع انواع الاجبان و گيمر العرب، كان بيدي كتاب و مفكرة صغيرة وضعتهما على جانب الكشك، و أخذت صمونة بالگيمر و استكان شاي وعدت إلى حيث المفكرة و الكتاب، في هذه الاثناء اقتربت فتاة صفيرة في السابعة من عمرها تقريبًا و أخذت تتفحص المفكرة. و قفت قربها للحظات و أنا أنظر إليها و أبتسم قبل أن تنتبه لوجودي، ابتسمت و هي تنظر إلي، يا الله ما كان أجمل و أعذب ابتسامتها! كانت معها فتاة أخرى أصغر منها و ربما كانت أختها. أعادت المفكرة إلى مكانها و ابتعدت مبتسمة و لم تطلب مني شيئا مع أني لاحظت أنها كانت تسأل الناس. وقفت عند رجل بقربي تسأله، ناولتها شيئا و أنا أبتسم ابتسامة صغيرة ردتها هي بأخرى أعذب و أرق من التي سبقتها، ثم ذهبت و هي تمسك بيد اختها و تجرها و رائها.
لقد عشت الحياة هذا الصباح.
-
so hussien...
التعليقات
.
.
.
.
بإنتظار مقالاتك القادمة .