تاريخ قضية فلسطين - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

تاريخ قضية فلسطين

سيسجل التاريخ أن دونالد ترامب قبل أن يغادر البيت الأبيض، وبالتعاون الصفقوي مع حكام تلك الحقبة قد إرتكبوا أكبر خدعة أو حماقة تاريخية لا يهم المسمى، وهي تلك القرصنة التي أطلق عليه زوراً "صفقة القرن" في محاولة لتحويل مسار التاريخ وتحييده عن الحقيقة والحق والعدل..!

  نشر في 15 يناير 2021 .

تاريخ قضية فلسطين..!

بقلم/ محمد أحمد فؤاد

لست أملك من الأمر إلا أن أبدي إمتعاضي الشديد، ودهشتي التامة من تلك الهرولة الذليلة، وحالة الجهل غير المسبوقة من قبل بعض حكام وقاطني دول الخليج النفطي، وكذا أنظمة وسكان بعض الدول المحورية في الشرق الأوسط " إرث الوطن العربي سابقاً".. وسأداوم على مارسة حقي الشرعي في دعم أصحاب الأرض الأصليين والقضية الفلسطينية، ذلك بنقد وفضح التوجه المحموم تجاه نسخة تطبيع مجاني غير مدروس أو مبرر، وأحسبه أيضاً توجه منقوص وبلا ملامح أو هوية.. كيان الإحتلال الصهيوني غير الشرعي هو المستفيد الأوحد من هذا التوجه الإنهزامي لعربان الخليج وغيرهم من حاملي صكوك ورايات التطبيع، ناهيك عن الشقاق المؤسف الذي ضرب أغلب دول المنطقة، وفتتها إلى دويلات تحكمها عصابات المرتزقة، أو على أقل تقدير أسقط قدراتها وهيبتها الإقليمية تماماً كما حدث في مصر على سبيل المثال من تراجع لوضعها الجيوسياسي والإقتصادي، وإنحسار تأثيرها ودورها في المنطقة بشكل ملحوظ..!

قضية فلسطين لا تحتاج إلى مقدمة للتعريف بها وبأهميتها وقيمتها تاريخياً وجغرافياً.. وبحسابات بسيطة، سنجد أننا نتنازل طواعية عن حقوقنا لكيان مغتصب محتل، لا يملك ما يدلل على إثبات نقاء أصوله العرقية كي يحقق شرعية وعد إلهي كاذب التأويل، كُتب في التوراة التي تم تدوينها بعد وفاة الجد الأكبر إبراهيم الخليل بمئات العقود.. لذا فكل ما حدث ويحدث من ترويج للأباطيل والأكاذيب هو إدعاءات مطعون عليها شرعاً وتاريخاً وقانوناً.. لكنه الجهل الجاثم على الصدور، والذي تم تغليفه بلفائف من الإستسهالات والمغالطات والمؤامرات والخيانات إلى أن تشوهت وتبددت ملامحها عبر العقود السابقة على يد ثلة من المنتفعين الخونة.. في هذه السطور سأحاول التذكير بملامح القضية تاريخياً وسياسياً قدر المستطاع، حتى لا تسقط التفاصيل من ذاكرة الأجيال القادمة، وليعلم الجميع إلى من ستؤول الحقوق إذا ما تم فرض العدال وإحقاقه، وأيضاً بحيث لا أترك المجال لبعض مشايخ النفط الخونة وأتباعهم من الحمقى والغوغاء ليمارسوا المزيد من التدليس والإتجار بحقوقنا الأصيلة في مقابل حماية عروشهم من عدو مجهول، وأيضاً إسترضاء عصابات الصهاينة حاملي مفاتيح التفوق الأمني والسيبراني في العصر الحالي.. الخطر الصهيوني جاثم على الأرض المقدسة ويهدد ما حولها منذ أن بدأت أنظار يهود الغرب تتجه إلى الشرق الأوسط طمعاً في ثرواته، وكذلك هرباً من التضييق الأوروبي الذي بدأ يلفظ كل ما هو تمايز عرقي أو ديني مع صعود نجم الثورة التنويرية وإتساع نطاق الحركات التحرريه وإسقاط عرش الكنيسة مع نهايات القرن السابع عشر الميلادي.. من منا لم يقرأ تاجر البندقية لشكسبير، أو لم يتابع أخبار القياصرة في روسيا ومحاولاتهم المضنية للتخلص من مشكلات الجيتو والشتتل وغيرها من التجمعات الإستيطانية اليهودية..؟

لم تكن القضية الفلسطينية يوماً قضية عرب فلسطين وحدهم، بل قضية العرب كافة.. وهكذا ستظل مهما استحكمت الظروف وتبدلت الوجوه.. وهي لم تكن قضية معقدة إلا في أذهان مؤيدي الحركة الصهيونية من البريطانيين والأمريكيين، وأحياناً في أذهان أعضاء لجنة الإنتدابات الدائمة التي إتخذت من جنيف مقراً لها ولذلك تفسيره بالطبع، حيث أن وجود مكتب معلومات صهيوني في جنيف كان يمد أعضاء اللجنة بالمعلومات المفصلة من وجهة نظرهم فقط، وباللغة التي يتقنونها، كان يقابله للأسف تشرذم وعجز عربي عن بسط وتدويل قضية فلسطين في أي من المحافل، وأدى ذلك إلى أن رقابة اللجنة على تقارير الإنتداب السنوية كانت تبدو غالباً وكأنها رقابة دعاة الصهيونية أنفسهم من فرط التحيز والتغاضي السافر عن تزييف بيانات محاضر الجلسات وإعتماد طرف واحد فقط للمعلومات.. وهنا لا يجب أن نغفل أن الحكومة البريطانية قد تجاهلت عن عمد العديد من الحقائق المتعلقة بالحقوق العربية، وأصدرت بيانات وتقارير عديدة أضافت للقضية غموضاً فوق غموض جعل من الإنتداب البريطاني على فلسطين ظلامة إنسانية كبرى نزلت على رؤوس العرب كافة، هذا بالطبع جاء قبل إكتشاف النفط وتغير ملامح خارطة المصالح والتحالفات..!

سيسجل التاريخ أن دونالد ترامب قبل أن يغادر البيت الأبيض، وبالتعاون الصفقوي مع حكام تلك الحقبة قد إرتكبوا أكبر خدعة أو حماقة تاريخية لا يهم المسمى، وهي تلك القرصنة التي أطلق عليه زوراً "صفقة القرن" في محاولة لتحويل مسار التاريخ وتحييده عن الحقيقة والحق والعدل.. عروبة فلسطين عبر التاريخ متحققة بلا ما يدع مجال للشك، وذلك من واقع كتب ومقدسات بني إسرائيل أنفسهم وليس إعتماداً على مصادر أخرى.. وهنا دعونا نؤكد أن نقاء العرق هو مفتاح التفاوض إن تم إثباته.. وبما أنه لم يكن لليهود يوماً كيان سياسي إلا في ممالك داوود وسليمان، ثم لاحقاً كيان الإحتلال الصهيوني على الأرض الفلسطينية فالأمر إذاً شبه محسوم.. طالما كانت فلسطين بلد صغير لا يمكنه أن يكون وحدة جغرافية مستقلة عن ما يحيطه من دول.. وقد سكن هذا البلد أمم متعددة، ولكن مصير الإقليم سياسياً كان دائماً ما يرتبط بمصير سوريا، فالتاريخ يسجل أن فلسطين جغرافياً كانت جزء من سوريا على مر العصور، ولم تنفصل عنها حتى نهايات الحرب العالمية الأولى 1914: 1918، وهي في الأصل إعتبرت مقاطعة جنوبية من سوريا، ولكن التجزئة التي نكبت الشرق العربي في منطقة الهلال الخصيب إقتطعت فلسطين من سوريا العربية وصنعت منها كيان سياسي مستقل عما يجاوره من بلاد تشترك في الأرض والمصلحة والمقتضيات الفكرية والإقتصادية والإجتماعية..!

أطلق المؤرخون العرب على سوريا "بلاد الشام".. وهي المنطقة التي تلي نهر النيل شرقاً، بل أن المؤرخ هيرودوتس في كتابته إعتبر فلسطين دائماً جزء من ديار الشام من قبل أن يحتد الجدل حول فلسطين من جانب العرب أو من جانب اليهود الصهاينة.. ليس هذا فقط، بل أن مؤرخي الحروب الصليبية على تباين خلفياتهم الثقافية وطبقاتهم كانوا يؤرخون للأراض المقدسة دائماً على أنها جزء من بلاد الشام.. وما يُذكر عن أصل تسمية البلاد بفلسطين أن بعض القبائل من أصول إفريقية قدمت إلى ساحل الشام الجنوبي من جزر بحر إيجه، ومنذئذ سُمي السهل الساحلي الذي وقع بيد تلك القبائل بإسم "فلستيا"، ثم تم إطلاق إسم الجزء على الكل لتصبح أرض فلسطين إلى يومنا هذا.. ومن المعلوم بالضرورة، أن هذا الجزء من بلاد الشام كان يقطنه الكنعانيون، وهم من أهم الشعوب التي أثرت في تاريخها وعرفت في الكتابات المقدسة بأرض كنعان.. وقد شكل الكنعانيون الموجة السامية الثانية التي هاجرت من الجزيرة العربية حوالي 2500 ق.م ، وجدير بالذكر أن سلطة الحكم الكنعاني إمتدت حتى مدينة حماة وظلت لهم السيادة نحو 1500 عام تقريباً، وكان لهم إرث وافر من الحضارة والعمران كما تشهد أوابدهم وآثارهم الكثيرة التي خلفوها هناك..

بل وأن كتاب التوراة نفسه، وهو المرجع الرئيس المعتمد لتاريخ بني إسرائيل وسيرتهم وأخبار ملوكهم وقضاتهم يعترف بأن فلسطين هي موطن الكنعانيين وعرف المنطقة في مواضع عديدة ببلاد كنعان.. ولما كان من الصعب إنكار الأصل العربي للكنعانيين كما ذكر الطبري وإبن خلدون في كتاباتهم أنهم كانوا من العرب البائدة، فلا يوجد إذاً لدينا أي مستندات أو وثائق أو آثار تعطي لبني إسرائيل أي أحقية تاريخية في هذه الأرض كما يدعي بعض المغرضون من سفهاء المطبعين والمحدثين، حتى الوعد الإلهي في كتاب التوراة لا يمكن الإعتداد به لعجز الصهاينة التام عن إثبات خاصية نقاء العرق وثبوت النسب ونفي الإختلاط مع الشعوب الأخرى..!

وعلى جانب معلوماتي أخر، أكد عالم الأثار والمؤرخ الأميركي جيمس هنري برستد 1865 : 1935 أن الكنعانيين هم من أوائل القبائل العربية التي إستوطنت فلسطين ربما 2500 عام قبل ميلاد المسيح.. ومن هنا تبرز لدينا حقيقة ضعف وتهافت حجج الصهاينة في إدعائاتهم عن حقوق لهم في أرض فلسطين والأرض المقدسة.. فعروبة فلسطين من خلال المصادر المذكورة تعد أول قومية عرفها التاريخ إستمرت على مدى أكثر من 4500 عام..!

وبعد 1500 عام من الحكم المستقل، تعرضت بلاد كنعان إلى غزوتين، الأولى قامت بها القبائل الإيجية سالفة الذكر، والتي حولت إسم المنطقة إلى فلسطين، والثانية غزوة العبرانيين الذين سموا كذلك لعبورهم نهر الأردن، وهم كما يبدو من المسمى دخلاء وغرباء عن البلاد.. ويقال أن أصول العبرانيين تعود لقبائل كانت تقطن "أور" أرض الشعوب الكلدانية جنوبي العراق، ومن نسلهم "المختلط" جاء إبراهيم الذي هاجر مع أهله متجهين نحو شمال سوريا، ثم إلى الجنوب حيث إستقروا في حبرون- الخليل جنوب القدس، وقد عملوا ونسلهم في رعي الماشية في الوادي القريب من المدينة.. ويذكر كتاب التوراة أيضاً أن إبراهيم الخليل إشترى في حبرون أرضاً لتكون منزلاً له، وأن أحد أبنائه إشترى في جوار نابلس قطعة أرض خصصها لتكون مدفناً له، ومن هذا نستطيع الإستدلال على أن العبرانيين وجدهم الأول إبراهيم لم يكونوا يمتلكون شبراً في هذه الأنحاء قبل ميلاد إسحق ومن بعده يعقوب الذي ينتسب له بني إسرائيل.. 

هذا بالطبع إن صح ثبوت هذا النسب لمن يحتلون تلك الأرض حالياً وينكلون بسكانها الأصليين من العرب الفلسطينيون، ويستبيحون المقدسات ويمارسوا الإبادة العرقية لقرى ومدن بأكملها دون أي رادع..! 



  • mohamed A. Fouad
    محمد أحمد فؤاد.. كاتب حر مؤمن بحرية الفكر والمعتقد والتوجه دون أدنى إنتماء حزبي أو سياسي.. مهتم بشأن الإنسان المصري أولاً..!
   نشر في 15 يناير 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا