لم يكُن من حظى أن أحظى يومًا بنتائج دراسية باهظة، اعتدت دائمًا أن يكون يوم النتيجة حالك السواد من كل جانب، أصدقائى أدوات الرسم منذ طفولتى، لم أكن أعلم بوجودِك وقتها، علِمت به فى بدايات الصفوف الإبتدائية وكنت أنبهر بكل من كان فيكِ، تفاصيلك المرسومة فى مخيلتى، مجرد اسم يصف جمالِك، حَلِمت مِرارًا وتكرارًا بيوم اللقاء الأعظم.. بيننا.
حبيبتى كلية الفنون الجميلة،
اشتقتُ لجمالِك، أعلم أنك أيضًا تشتاقين لتلك الروح الجميلة التى أذهبها بعض ساكنيكِ الآن، انتِ لى.. وخُلِقت لكِ، يسرى فى روحى شئ غريب أعلم أنه أتانى من الله، وهبنى إياه لكى أصبح يومًا منكِ، أتعلم وأُعلم فيكِ، أستنشق هوائك بكل حب، وتداعب شمسِك عينى فأبتسم برِضا كبير عن حالى، أجلس فى حجراتى الكثيرة.. المدرجات، والآتيليه، بين الأشجار، والجلسات فى الساحات الكبيرة الجميلة، أمام منحوتاتِك، ومحبينِك، نستمع للموسيقى أو ما نحب، ونرسم تحت الأمطار مرة، وتحت الشمس مرة أخرى، فى كل زمان ومكان، يكبر الفن بداخنا.. فيصبح كل شئ جميل.
خُلقنا من أجل بعضنا البعض، فبأى عقل نفترق بهذه الطريقة الغير لائقة؟
بعد فترة طويلة من السير فى طريق الحلم، معاناة، سقوط، نهوض، سقوط مرات أخرى كثيرة، ملل، فتور، لا مبالاة، صحوة.. إلخ، يأتى مرض النسبة المئوية الذى يهدم أحلامًا كثيرةً، أُختَبِر فى مواد ليس لديها أى علاقة بكلية الفنون الجميلة، أبذل مجهودًا مُرهِقًا للغاية، أعانى بين المناهج التى تُنَسَّق للببغاء، تخرج نسبتى المئوية كالعادة حزينة بين النسب الأخرى لبعض المُوَّفقين المستحقين أم لا، لا يهم، الذى يهم هو أنكِ الآن لستِ بين يدى، ولستُ بداخلِك، أضاع حلمى الآن أم إلى أين أنا ذاهبة؟
أحاول دائمًا أن أكون لطيفة مع الجميع حتى كادت روحى أن تتمزق -مثل بوكوفسكى- كنت أرسم الإبتسامة فى المباركات إلى زملائى المقبولين بكِ، المحتفلين، المستحقين وغير المستحقين، سعدت من أجلهم لكن حزنى كان أكبر بكثير، على فقدِك، على وجود البعض الذى لا يحبك داخلِك، وأنا ليس لدى ذلك الحق، ذلك الحلم الذى حققه غيرى، بالرغم من عدم حبهم لكِ، البعض يدَّعى حبك، والآخرون يقنتونك، وأنا أحبك.. وأقلاء فقط، بعضهم حالفه الحظ والتوفيق والبعض الآخر يجلس حزينًا، بعيدًا عن روحِك الجميلة المفقودة.
أعلم أنك تشعرين بحرقتى، تعلمين ببكائى سرًا، ودموعى المحبوسة عند ذكر اسمك أمامى، كلما رأيت أى شئ تربطه بكِ صلة، بكيت، بكى قلبى، حتى الآن وأنا أبكى، وتمر علىَّ لحظات ضعف كثيرة أمام ذلك البُعد بيننا، تحتبس أدمُعى لكن بثقة العودة لكِ يومًا ما.
أتدرين؟ أعدك أنى سأعود مرة أخرى، ونبنى سويًا تلك الروح التى حُرِمت منها بأسباب ليس لديها قيمة، لكنها تهدم أحلامًا، وأحلامى لا تُهدَم، اعذرينى مؤقتًا، واسمحى لبعض من بكِ الآن أن يتعلم كيف يصبح فنانًا، لا تقلقى على من يحبك، فإنى أنتظر موعد اللقاء حتى لو أغلقوا جميع أبوابك رغمًا عنكِ، سنعود يومًا ما ونبنى مجدًا هنا من جديد، ستذهب أجواء النادى، وتعود روح الفنانين حولِك، تعيد فنِّك وروحِك.
أنا الآن مستمرة، أرسم دائمًا، أعيش بروحى التى تشبهِك كثيرًا، سنلتقى قريبًا جدًا، وذلك اللقاء سيكون أقوى من لو كان حدث من قبل، لأنك ستجدين فنانة روحًا وإبداعًا، تحبك جدًا كعادتها. سأتعلم وأقرأ وأرسم وأنمى موهبتى الثمينة، حتى نلتقى، ونبدأ طريقًا جميلاً، أرقى مما يحدث الآن، لا يوجد إلتزام بالنص، نحن فنانون يا جميلة، لا تُقيدنا قواعد وسطور، لا نفتقد الكثير من الفن كما يفتقدون، ولا نجتمع معًا حتى نلهو فقط، سنطيح بالغيوم، وننشل الغبار منكِ.
تزيد أحلامى يومًا بعد يوم، وانتِ حلمى الثابت، الأول دائمًا، سأكون يومًا ما أريده، سأحقق كل ما بداخلى من أحلام، ستخرج جميعها مُحَققَة للواقع يومًا ما، لا أعلم موعده، لكنى أثق بالله، أشعر أنه بجانبى دائمًا، فيطمئن قلبى، ويزيد سعيى وسيرِى للأمام، ولكِ، ولكل ما أحلم به.
انتِ لى، وخُلِقَت روحى لكِ، اطمئنى سنلتقى يومًا ما.
أحبِّك بشدة.
- آلاء السقا
-
Allaa El SaqaJr writer, Artist, Self production design taught - Psychology student at faculty of arts and humanities Author of شيروفوبيا، فى كتاب المواهب الأول " كان هنا يومًا ما " مع دار إنسان للنشر والتوزيع.
التعليقات
وقد ذكّرني مقالك بنفسي. فقد كنت أتمنى دخول كلية الألسن لحبي للغات لكنني للأسف وجّهت وجهي شطر كلية الهندسة بنهاية الأمر. ورغم ذلك مازلت أواظب على تعلّم اللغات بنفسي لعلي في يومٍ من الأيام أعيد وجهتي مرةً أخرى صوب اللغات التي أعشقها.
وخيراً فعلتٍ أن تواظبي على فنّك ورسمك. وإن شاء الله يوماً ما سيجمعك الله بضالتك.
بداية رائعة, وفي انتظار كتاباتك القادمة.