بالقساوة نكسرهم .. و بالهداوة نكسرهم أيضا : عن حملة اليونيسيف ضد العنف في تربية الأطفال
العنف و الخوف مطلوبان و هامان جدا لإخراج الكائن الذي سيمارس الخضوع أو الإسبتداد بعد ذلك بدون تفكير أو وعي، و هو الكائن المطلوب ليواصل العلاقة الهرمية ما بين الأبن / الأبنة و الأب/ الأم ، و من ثمة ، العلاقة ما بين الفرد و الدولة.
نشر في 06 يناير 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
تواصل حملة منظمة يونيسيف مصر ، بالتعاون مع المجلس القومي للطفولة و الأمومة و مفوضية الإتحاد الأوروبي في مصر فعالياتها لوقف العنف في تربية الأطفال. و تروج الحملة لأفكار و أساليب مختلفة في التربية قائمة على " الهدوء" والتعامل " بوعي" مع مشكلات الأطفال ، بدلا من اللجوء إلى أساليب القمع و العنف اللفظي أو الجسدي التي قد يلجأ إليها الوالدان .
" عندك صعوبات في التعامل مع ولادك "
سؤال تطرحه منظمة يونيسيف مصر على صفحتها على موقع التواصل الإجتماعي الفيس بوك ، و تفتح الحملة على صفحتها أبواب الأسئلة و النقاش مع الآباء و الأمهات و تستعين بخبراء في أساليب التربية للتعامل مع مشكلات الأطفال و المراهقين بشكل أفضل .
هل تنجح الحملة حقا في تحقيق أهدافها ؟؟
عند النظر إلى الواقع المجتمعي الذي تحيط به الثقافة الأبوية المشوهة و التي تتوغل في نفسية أفرادها ووعيهم ، سنجد أن الحملة قد تواجه صعوبات في تحقيق أهدافها .
يجب أن ندرك جيدا أن السياق الثقافي هام جدا ، فالطفل لا يتفاعل فقط مع والديه ، و لكن هناك مفاهيم ثقافية تحكم العلاقة بين الوالدين و أطفالهم .
فهمفوم التربية في مجتمعاتنا الأبوية يتميز بأنه قائمة على " البرمجة " و ليس " التنشئة " فكل الهدف هو إنتاج كائن خاضع و متكيف مع واقعه، و ليس مواطن له حقوق و عليه واجبات.
التربية هي عملية واسعة و معقدة و تحتاج إلى مهارات يجب إكتسابها، و لكن الثقافة الأبوية لا تفكر في " التربية " بهذا الشكل ، فالتربية في المجتمع الأبوي قائمة على "الفطرة" فيقول أحدهم " لقد رباني والدي بهذه الطريقة ". و هو يعتقد فعلا أنه قد تربى بحق ، بل و يدين بالولاء المطلق لوالديه بسبب ما يدعوه هو " التربية ".
فكما يقول الدكتور محمد عباس نور الدين
تكمن هذه المأساة بأن على أطفالنا أن يتحملوا قمعا يسقطه المجتمع العام على الأسرة التي تقوم بدورها بإسقاطه عليهم و ذلك قصد تدجينهم و ترويضهم منذ الصغر على إيديولوجية الإستبداد ، لكي ينشأوا و هم على إستعداد لأن يتكيفوا معها سواء بممارستها أو الخضوع لها (1) .
فالعنف و الخوف مطلوبان و هامان جدا لإخراج الكائن الذي سيمارس الخضوع أو الإسبتداد بعد ذلك بدون تفكير أو وعي، و هو الكائن المطلوب ليواصل العلاقة الهرمية ما بين الأبن / الأبنة و الأب/ الأم ، و من ثمة ، العلاقة ما بين الفرد و الدولة .
لذلك إذا كنت تجد نفسك أنك مواطن و إنسان، تعرف جيدا ماهي حقوق وواجباتك، تستطيع أن تقوم بالإختيارات و تتحمل مسؤوليا تها مهما كانت، و لا تخضع لأي سلطة سوى سلطة عقلك لا والدك أو والدتك. لأنك ليس كائن بل أنت إنسان مفكر ، و قراراتك و إختياراتك وحياتك ستتحملها وحدك و لن يتحملها معك و لاحتى والداك ، فعند ذلك فلتأكد تقديرك لدور والديك في حياتك ، لأنك إنسان و ليس "كائن " .
مراجع
(1) محمد عباس نورالدين ، التمويه في المجتمع العربي السلطوي ، مكتبة الفكر،الطبعة الأولى عام 2000، ص21
-
Nadia Fawzyمحرر إقتصادي -- أكتب في مجال التنمية الإقتصادية و الثقافة المالية
التعليقات
المشكلة أن التربية في المجتمعات العربية قائمة على الوراثة فنجد كل شخص يربي أبناءه كما رباه والداه , لكن لا أحد يهتم بالقراءة عن التعليم أو أساليب التنشئة السليمة للطفل .