زينب علي الوسطي تكتب : و ظننتها لن تفرج !
نشر في 17 أكتوبر 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
صحيح أن الموت هو الحقيقة المؤكدة و التي لامفر منها ، فاليوم أكتب تدوينتي هذه و أنا لا أعلم إن كان لي نصيب في إتمامها و نشرها أو أن غفلة القدر ستسلب روحي قبل ذلك !!
سوف أستهل حديثي بما قيل ل علي أبي طالب : أهناك أشد من الموت ؟
قال : فراق الأحبة أشد من الموت !
أصعب اللحظات هي تلك التي تستقبل فيها خبر وفاة شخص عزيز على قلبك شخص لاتستطيع أن تتخيل حياتك بدونه تود لو أن الزمن يقف كأن شيء لم يكن و لن يكن !
فكما هو معروف علينا نحن البشر نحب تملك الاشياء و نتعلق بها و نخاف فقدانها هذه طبيعتنا ، نحب الاشخاص و نحب أجسادهم قبل أرواحهم و عندما تأتي الاقدار لتسلبهم منا نعتقد أن حبنا لهم قد إنتهى و لم يعد في الوجود ، لكن الحقيقة أن حب الروح يبقى ما دامت الروح موجودة و ما داموا مخلدين في الذاكرة...
الإيمان و الرضا بقضاء الله و قدره يلعب دورا كبيرا في التخفيف من شدة الحزن على مفراقة الاحباب فكلما كان إيمانك قوي و علاقتك بالله متينة كلما إستوعبت فكرة القدر بعد مدة تجد نفسك صبورا و مستحملا الم الفراق و ان كان صعبا .
أما الاشخاص الذين تجد إيمانهم ضعيف و الرضا لديهم قليل ف بمجرد تلقيهم الخبر تجدهم يصرخوون بأعلى ما فيهم و يندبون وكأنهم يعترضوون عن قضاء الله ، هناك من يصل به الحزن لعدم القدرة على البقاء حيا دون ذلك الشخص فيكون الانتحار خياره الاول و الاخير .
ليس الهدف الرئيسي من كتابة هذه السطوور مواساة الفاقدين لأحبابهم أو تعزيتهم !
فلا عزاء عند الفراق و لا يمكنني أن أكتب شيء يخفف عن أحدكم حزنه... وما أنا متأكدة منه أن من سيفهم كلامي من ذاق طعم الفقد ولا أحد سواه .
من منا لم يحزن لفقدان شخص قريب منه سواء كان حيا يرزق أو في عداد الموتى ... في كلا الحالتين رحيله يترك في قلبك غصة لا تجد لها دواء و تتحسس بالفراغ قد إستولى عليك حتى و إن حاولت النسيان فقد لا ينجح الامر معك تجد نفسك تراه في كل مكان و كأن طيفه يلاحقك.
الماضي كان بالنسبة لي كابوسا مرعبا عشت فيه أحزانا بقيت محفورة في قلبي الى يومي هذا ف فيه فقدت الكثير و قلبي إنفطر لرحيل أحبتي و خصوصا جدتي ..
أتذكر جيدا ذلك اليوم الذي تلقيت فيه خبر وفاتها بكل تفاصيله ، لم تعد قدماي تستطيع حملي ارتميت على الارض و أخذت أبكي حتى ذبلت عيناي و قد أهلكتهما ملوحة الدموع... بدت الحياة بعيني شاحبة ولا لون لها و كأن جبلا من المآسي و الهموم ألقي على عاتقي ... أصابتني الصدمة و شعرت لوهلة أن خبر وفاتها مجرد كذب و أن جدتي الغالية مازالت على قيد الحياة. نسيت أن القدر لا يمهلنا الوقت و لا يعطينا موعدا لنعرف متى سيحل الفراق ! نسيت قوله تعالى﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْت ﴾ و ان كل شيء سيفنى و نحن الى ربنا راجعون مازلنا في غفلة الحياة و الموت لا هروب لنا منه ﴿ كلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾
بدأت أسأل نفسي كيف لي أن أخبر أمي بأن جنتها قد توفيت ؟ كيف لي أن أرى دمعة أمي و إنهيارها أمامي حاولت الابتعاد كثيرا لكي لا أرى حزنها فمن جهة حزني الشديد على أمي و من جهة ثانية فراق جدتي .
كنت في حالة لا أتمناها لأحد منكم .
بعد مدة و بعد إستيعابي للخبر علمت أنه لا يمكنني الهروب من الواقع المرير ، و لا جدوى من بكائي لملمت بقايا نفسي و مسحت دمعتي و إسترجعت قواي عدت لأتمم حياتي و بثقة أقوى من ذي قبل و كل ما بيدي هو أن ادعي لها بالمغفرة و الرحمة فلا عزاء يجدي ليخفف علي حرقة الفراق و لا الحزن سيرجع لي جدتي ...
فالموت ليس بيدنا لنبعده أو لنقربه ، لكن و حفاظا على أرواحنا علينا أن نستغل حياتنا جيدا في ما فيه مصلحة لنا بالدنيا و الاخرة أنت لا تملك الوقت الكافي لتهدره في التفاهات و الملذات إعمل عملك قبل أن تتحسر في اخرتك ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ ﴾
فالدنيا كلها ليست سوى مقطع صغير من مسلسل تتعدد حلقاته و الموت فيه ليست نهاية القصة ولكن بدايتها...
لن يبقى شيء سوى أعمالنا و أفعالنا ولا شيء اخر ، اليوم نبتلى و تنكسر خواطرنا غدا يجبرها الله و نصبح أقوى من قبل ، مع قليل من الصبر و إستيعاب للقدر كل شيء سيهون. و أمواتنا الذين فارقوننا يوما سنلتقي بهم في الجنة إن شاء الله . رحم أحبة غابوا عن العين و مازالو في القلب و الذاكرة خالدين .
زينب علي الوسطي
-
زينب علي الوسطيطالبة بكلية العلوم القانونية تخصص قانون خاص، أشارك العالم نظرتي من خلال التدوين، شغوفة بالكتابة و القراءة و مصممة صور.