على سبيل الكتابة ! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

على سبيل الكتابة !

  نشر في 23 أبريل 2018 .

أكتب لأن الكتابة تكاليفها أرخص و لأنني لا أملك مصاريف الفاتورة في منتجع بأيسلندا أو مدغشقر، و لأن الكتابة لا تحتاج رخصة حكومية أو مقابلة عمل..

أكتب لأن المواطن يولد مكتئبا و لأن مضادات الإكتئاب تسبب لي قرحة معدية ..

أكتب لأني لا أريد أن ينتهي بي الحال في سجن بارد أو في ناد متهالك لذوي الدخل المحدود أو في بلد ترابه أرخص من الخردة، أكتب كي لا تتأكسد دواخلي و تلفظني ماكينة الوجود فتفوح مني رائحة مستشفياتنا الرديئة ..

أكتب لأني أكره أن أشحذ شفقة أرواح لا تملك سوى مناشفا ورقية و بضع تسجيلات صوتية، أكتب لأني فارغة ككل الصفحات الأولى من الكتب و مخزية ككل النهايات فيها، أكتب لأني خنت الفطرة الأولى و ازدحمت بعناصر دخيلة ككل علب التونة المستوردة ..

أكتب لأني عصبية و لأن حياكة اللغة وحدها تهدئني أكثر مما تفعل كبسولات الأندورفين المحتالة و لأن تركيب الحروف يسعدني كما تسعد قطع اللوغو المخلوقات الصغيرة، و لأن التدفق في هذه الحياة نصفه إرادة و ربعه إثارة و البقية محجوزة عند أصحاب الإمارة ..

أكتب لأن طبيبي لم يدرّسه أستاذ"الفارماكولوجيا" أن بعض الأمراض لا تحتاج أدوية، لذلك فهو يكتب لي وصفات و أنا أضع فوقها أحرفا ترقص التانغو و تغتسل ببخور كمبوديّ ينتشي بالوصال في ربوع "لييج" ..

أكتب لأن الأفق البعيد منهك من الخطايا و الحلم متورّم من عبث الأيامى، و الزمن يعزف الكونصيرطو الأعظم لرودريغو و يعقّم النهايات في بيت مبعوث العباسيّين الإمام الشافعي "ولا تجزع لنازلة الليالي ..فما لحوادث الدنيا بقاءُ"!

أكتب من أجل أرواح نفقت و هي تنتظر الحياة و من أجل وعود علقها قطاع الطرق بأشجار الأركان ، و من أجل انتظارات كفّنها الواقع فدخّنتها الأيام و أنا لا أحب الدخان .. لا أحب الدخان ..

أكتب لأني لفظت آخر آمال فوكوياما في نهاية محترمة للتاريخ و و تزكّيت بالعدمية في دروس الجغرافيا المنوّمة، و قنعت بلعبة "بازل" أركب فيها حروفا تتداخل فيها معاني النرڤانا مجردة من الوعود و متاهات الأزمنة..

أكتب لأنه لا رغبة لي في رؤية عجائب الدنيا السبع و لا وقت لديّ للبحث عن السعادة، و لأن الفرحات الحقيقية تأتي متباعدة كقطرات الصنبور و أنا تضايقني تلك الطق طق طق ..

و لأن الشّاه في بلداننا العربية يموت فوق رقعة الشطرنج فقط !

لن أقول أني أكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني بل أكتب لأننا متورطون من دون إذننا في هذا الكوكب و لأن الكتابة في زمن النجاسة غواية..

و لأنني أحلم بعالم الحياة فيه كوكتيل منسجم مع إيحاءات النسبية المحضة، حيث البشر مهذبون و نباتيون و الورد يسقى بماء مفلتر و المتسوّلون لا يستجدون سوى عناقا و قبلة ..

أكتب لأني أريد أن أكون حقيقة، أن أكون أنزيما لا يتخمر بأقاويل البشر أو نظاما شمسيا لا يهمه من رحل..

أكتب لأني أريد أن أكون بعدا ثالثا حيث كلّ الفرضيات.. حقيقة !


  • 7

   نشر في 23 أبريل 2018 .

التعليقات

واصلي... اكتبي و ابدعي .. كتاباتك في منتهى الروعة .. دام سحر قلمك
1
السعدية بن التيس ( صحيفتك فملأها بما شئت )
ودمتم بود كذلك .. شكرا لحروفكم الرائقة
Salsabil Djaou منذ 6 سنة
تكتبين لتبدعي فتقرأ كلماتك ونقول يا الله !، ابدعت حقا اختي سعدية.
0
السعدية بن التيس ( صحيفتك فملأها بما شئت )
ولا يضاهيني فرحا إلا أن تقرأ كتاباتي بطريقة متزنة حتى يذكر اسم المولى عليها .. دمت بود سلسبيل

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا