في عالم واحد يعيش الجميع ،وإن تفرقت أسماء الأوطان وًالمدن، وحالت جوازات السفر بين الأشخاص ووطنهم الحقيقي ،يبقى لكلٍّ منا مفهوم الوطن عنده مختلف!
الوطن ليس أرض وتربة منحتنا هويّتنا ،، بل هو ما يضمه الوطن ،من رائحة المدينة العتيقة حين تمر بها وقد مر بها ألف شخص ولم يتغيّر عبقها
من أسوارها العالية ،ونقوش المساجد بها .
الوطن هو أهلي..
ومايسكن العمق العميق بي...
الوطن حيث نشعر بالانتماء و بوجودنا ،وحين نغترب عنه نشعر بوخزة عميقة في الروح تجسد الحنين العميق في نفوسنا اليه .
تحت مسمى الوطن قد تكون هناك رقعة جغرافية أو أشخاص وقد لاتكون،فهناك من يتلخص الوطن عنده في أرضه التي احتضنته منذ ولادته ،ولايرى غيابا عنها سوى بنية العودة إليها ،أو أنه سيظل في منفى روحيّ حتى اللحضات الأخيرة من عمره.
يقول غسان كنفاني في روايته "عائد إلى حيفا"
"الوطن هو ذالك الركن الذي تأوي إليه دون انتظار تذكرة المغادرة" أي هو الوطن الثابت الذي يمثل الأمن والأمان ،فلا تغادره مكسور القلب مكسور الأجنحة ،ثم يتمم "هو صورة القدس في القلب والجدار، الوطن هو أن تجد مثل صفية تستمع لهرائك ".
فالوطن هو أشياء وكلّ رجل وطنه امرأة هي حقيقة ثابتة لا يمكن لأحدٍ انكارها أيضا.
في الكثير من الأحيان يكون الوطن أشياء لها مبتدا ومنتهى ،يقول الأديب فاضل السباعي في خاطرة له بعنوان [مبتدا الوطن]
"أتعرف من أين يبتدئ الوطن؟
من المقعد... الذي ترتاح في الجلوس عليه
من السرير... الذي يحتويك ليلًا وفي بعض ساعات النهار"
ثم يسترسل أديبنا يصف من أين يبتدئ الوطن، من الرصيف إلى الزقاق إلى الشارع ثم السوق والجيران والأهل وشرفة المنزل والشمس والبدر بل حتى السماء..
الوطن كفسيفساء عتيقة مرتبة تحتوي على كلّ شيئ يبنينا ويصنعنا ، مزدهرة ألوانها ذات قطع متفرقة ونحن صلة الوصل بينها،لنكوّنها بشكل أنيق فنكون نحن ،وينتهي كاتبنا بكلمات يقول فيها
" فإنْ فقدتَ بعض هذه، فإنّ الوطن يكون قد بدأ ينسل من بين أناملك خيطًا بعد خيط
وأمّا عندما يشرع أبناؤك ومَن حولك بالرحيل، وينسجون مثل هذه الأشياء هناك، فاعلم أنّ الوطن سوف يتحوّل عندك إلى ذكرى تحرق الفؤاد.."
بعض الاوطان لها بداية ونهاية ، وهناك أوطان تعيش فينا ونعيش فيها إلى الأبد و إلى ما لا نهاية.
التعليقات
الوطن هو كل ما يسكن إليه الإنسان ويرتاح فيه.
بالتوفيق وفي انتظار كتاباتك القادمة.