من القضايا المُهمة التي يهتم بها المُفكرون السياسيون هي الأسباب التي تؤدي إلي انهيار نظام الدولة. وقد اهتم مفكرو السياسة المسلمون بهذه القضية، وأشهر من اهتم بها ابن خلدون والطرطوشي والثعالبي، حيث رصد الأخير بأسلوبه الواقعي مجموعة من الأسباب التي إذا ما توافرت كُلها أو بعضها أدي ذلك إلي انهيار الدولة وسقوط نظامها السياسي.

السبب الأول : أن تبرق سحابته ولا تهطل

بمعني أن يقول ما لا يفعل، فهذا من شأنه أن يضعف حكمه، وعندنا من الأمثلة في دولة السيسي ما يدل على أن الدولة لا تتواني في قول ما لا تفعل، وعلى سبيل المثال جهاز علاج فيرس C والإيدز.

السبب الثاني : الإنفراد بالرأي في الأمور العظيمة.

من أسباب سقوط الدولة عند الثعالبي هو الإنفراد بالرأي في الأمور العامة والخطيرة، لإن هذا يعرض البلاد للأخطار يقول الثعالبي : " منها اعتياده طاعة الهوى وعصيان الرأي وانقباض النصحاء عن لقائه لما يخالف محبته ويسوق من سواهم بالمساعدة له عليها "

السبب الثالث : عدم الدراسة الكافية لكل أمور الحكم

" ومنها بناء الأمور على على أصول غير مستقرة وقواعد غير مطمئنة، فلا يلبث أن تنق وتنتقض وتتقوض "  وهذه سنة الله، فلا خطوة بدون خطة، وإن اردنا سرد كُل الخطوات التي خطاها السيسي بغير خُطط نظام السيسي فلن تكفينا الأسطر والحروف، كيف تكفينا وفي كُل مشهد يظهر لنا وهو يقول : " مش كتير سنتين؟ هديك سنة واحدة "

السبب الرابع : الاستعانة في الأمور الكبيرة بغير المؤهلين

تؤدي الاستعانة بغير المؤهلين لحل المشكلات الكبيرة والتصرف في الشئون العظيمة إلي التعصب والتحرب وإثارة الفتن وقتل النفوس كما قال الثعالبي : " منها استعانته عند الفتوق والخطوب بالعامة والغاغة، فإنها تجني على الناس بلاء عظيمًا من ضروراتها وتبسطها وجرأتها وخروجها إلي التعصب والتحرب، وإثارة الفتن وقتل النفوس، واستباحة الأموال والفروج " 
الحَق أنه لا يوجد وظيفة واحدة أو مركز واحد في نظام السيسي بإمكاننا القول أن المسؤول عنه كُفءٌ له، أي وزارة؟ أي كُرسي برلامنيّ؟ أي أي؟

السبب الخامس : تعيين الأقل كفائة

لا يختلف عن السبب الرابع كثيرًا ولكن ينبغي ذكر ما قاله الثعالبي : " ومنها اصطناعه الأراذل دون الأماثل، وإخراجه إياهم إلي عجب الصغير إذا كبر، والضئيل إذا ضخم وقعوده "

السبب السادس : الاهتمام بصغائر الأمور

يقول الثعالبي : " ومنها كثرة نظره في محقرات الأمور لأنها تشغله عن جلائلها ومهماته " ماذا فعل نظام السيسي يُعد اهتمامًا بصغائر الأمور؟ قضية توفيق عكاشة؟ أم " مُعتقل التيشيرت " ؟ ولكن، هل اهتمت الدولة بقضايا كُبرى؟ قضايا التعليم والثقافة؟ قضايا الإعلام والفن؟ قضايا من يتوجّب على النظام اعتقالهم حقًا؟ النظام يعتبر هشّ إلي درجة كبيرة لا تمكنه من متابعة القضايا والمشكلات الهامة فهو لم يُعين من لهم الكفائة في الاهتمام بهذه القضايا.

السبب السابع : قبول الواسطة 

قبول الوساطة في التعيين للوظائف العامة والمراكز الهامة يؤدي لزوال السلطة، لأنها غالبًا ما تكون لأصحاب الكفاءات المحدودة، يقول : " ومها قبول السعايات، فإن الساعي يهلك نفسه، ومن سعى به، ومن سعى إليه " بالطبع مشكلة الواسطة والسعاية لا تخُص السيسي وحده فلنا يد فيها، ولكن ينبغي علي الحكام ألّا يقبل بها ويتجهوا إلى تنوير الشعوب بضررها المتفوق على منافعها، ولكن إن كانت السعاية فقط لمن هُم بجانب النظام، هُنا ينبغي أن نلوم شخصًا واحدًا.

السبب الثامن : بيع الوظائف العامة والأعمال الحيوية

من المحافظين؟ من الهيئات العسكرية؟ من يتولى تطوير الطُرق والكباري والإنشاءات؟ الهيئات العسكرية؟ يقول : " ومنها أن يكون بحضرته ومن في دواوينه سوق يباع فيها المراتب والأعمال والولايات بالأثمان "

السبب التاسع والأخير : عدم متابعة تنفيذ الأوامر أو خطط الدولة

إن قبول الشفاعات عند خرق خطط الدولة وأوامر الحاكم وإهمالها من أهم اسباب انهيار الدول : " ومنها الإغضاء عن نفاذ أوامر الحرم في الشفاعات والأمور السلطانية، فإن ذلك من آفات السياسة وعيوب المملكة " نرى ذلك في أكثر من مشروع لم يكتمل، وإن اكتمل نراه غير كامل، وإن كان كاملًا لا نرى مسؤولًا عنه وإن رأينا مسؤولًا يكون غير كُفء لإدارته.

أخيرًا

بعد عرضي لأهم الأفكار التي تُمثل فكر الثعالبي رأينا كيف كان سابقًا لعصره، ولا أكون مغاليًا إذا قلت أن الكثير من أفكاره صالحة على مر العصور والأزمان.
الثعالبي ولد سنة خمسين وثلاثمائة هجريًا في نيسابور في خرسان، عربيًا شافعيّ المذهب، أخذ لقب الثعالبي عن أسرته التي كانت تتوارث احتراف بيع جلود الثعالب.