منذ خمسة أعوام مضت، تغيرت حياتنا بشكل لم نكن نتصوره يوما، تلك الأرض الغريبة أو التي باتت غريبة اليوم تخلت عن معالمها مكرهة، طردنا منها إن لم يكن حبا بالحياة فهربا من رؤيتها والعدو يحل فيها ويربط، سوريتي لم تعد كما عهدتها تغير فيها كل شيء، فقدت معالمها وتحولت حياتنا فيها إلى ذكريات معتقة بالحنين، وكيف لا وهي أرض العشق .. أرض السلام التي لا تستكين، اتكأت على جرحها تنزف شبابها، تحترق جوعا وعطشا للسلام، ونحن نحترق في بعدها بنار اللهيب .. سوريتي لم تعد أرض الياسمين الأبيض، دمشق أصبحت ملونة بالأحمر .. وكيف لا وقد غزاها الموت من كل صوب وحدب ..
أرادوها سلمية، أو هكذا زعموا، لكننا كنا بحاجة إلى تلك الحرية.. لكننا دفعنا ثمنها غاليا جدا، أردنا حرية باهظة الثمن، حرية لم تلق بأرض الأنبياء والأحرار.
من الصعب أن تجد نفسك ذات يوم مغترب، غريب لا يعرف إن كان سيقدر له أن يعود يوما إلى الأرض التي دفن فيها ذكرياته وأحبابه، لا يعرف إن كان سيستنشق عطرها أو يشرب من مياهها من جديد ..
كان حلم الشباب ذات يوم أن يمروا بهذه الديار الغريبة، ارادوا أن يتعرفوا إلى أوروبا وحضارتها وحريتها، واليوم سجنوا فيها بأبواب بلا أقفال وجدران بلا قضبان ..
أردنا حرية فدفعنا ثمنها وطن .. أردنا أن يرحل طاغيتها فرحلنا ولم ندري من كان السبب، هل تجاوزنا بأحلامنا الواقع، أم ارتفعنا بسقف أمنياتنا .. فتحقق الحلم وسالت آملنا دم .. سنظل نحلم فيك يا سوريا، وستبقين دوما تمرين بطلتك البهية شامخة لا تنحني مهما جار عليها الزمان والعباد .. لكن هل يحق لنا أن نبكيك أم نبكي الحلم الذي انفقد.