"لقد خُلِقَتْ لِتُتَابِع"
"غدارة مخلصة..غدرها فيه وفاء لحبها.. أكبروا فيها هذا الغدر..فالعزاء أنها عادت لحبها"
نشر في 18 شتنبر 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
"غدارة مخلصة..غدرها فيه وفاء لحبها.. أكبروا فيها هذا الغدر..فالعزاء أنها عادت لحبها"
كان عنده خيوط يضعها في الحبر،ثم يجعل الخيوط على ورق،فتصبح الورقة مسطرة..هنا أفكاره تنمو – لا تأخذ طريقها إلى التنفيذ إلا في رأسه !! كل الأشياء قريبة من عقله بعيدة عن جسده..
يشعر بشيء غريب ، تكاد قواه تنهار.. لا يعرف لماذا يود اللجوء إليها.. الاحتماء بها.. استنشاق أنفاسها والسكن في قلبها الدافئ.. حيث الأمان.
لم يحدثها مرة عن المشاعر.. و لم يحدث أن تكلمت هي عنها،و لكنه كان يتخيلها تسانده على أن يكتب ويكتب..تسانده ليبقى متماسكا..حين ترمقه بتلك النظرات الدافئة.. كانت تلك النظرات تنطق شيئا يتجاوز المشاعر ذاتها.
أرادته أن يكتب .. مقتنعة هي في أنه يحتاج أن يروي لنفسه حياة , لأن الحياة التي يحياها لا تروقه .. رغبت في أن يكون مختلفا عن الآخرين وأن يؤمن بأنه يمثل شيئاً ما , و أن عنده ما يقوله للآخرين..لم يكن هذا صحيحاً , إذ ليس لديه أي شيء ليقوله أبداً , عليه أن يسكت من البداية حتى النهاية , أن يمضي دون ضجيج , أن يموت دون أن يلحظ أحد ذلك , أن يبقى ممدداً في زاوية ما إلى أن يتحلل كلياً .. وللانتهاء من هذه المشكلة , ربما عليه ألا يوجد , ألا يكون قد وجد قط , ألا يكون له اسم ولا حلم ولا وطن , أن يهجر الكلام , ألا يكون أبدا...
"أصبح الجسد ميت الإحساس، والأفكار بركان يوشك على الانفجار... والأرواح في غرفة العناية المشددة...!!"
كانت هناك أنماط من الصمت .. صمت الليل و كان ضروريا له , صمت الرفيق الذي يغادر ببطء , الصمت الذي يلزمه على الحداد على رحيل احدهم ، صمت الدم الذي يجري متباطئاً , صمت الصور التي تلح و تلح على ذهنه , صمت ظل الذكريات المحترقة , صمت السماء الداكنة التي تكاد لا تعيد ولو علامة واحدة , صمت الغياب .. غياب الحياة !!
الغياب يميل إلى اتجاه واحد فقط, ولا يمكن أن يفهم إلا من خلال الذي يبقى!!..فلا تتآلف الأنا الحاضرة دائما إلا مقابل الأنا الغائبة !
لم ينتبه أحد أن الليل قد مات وترك جثمانه الضخم يقف فى وجه الشمس حاجبًا الأشعة والدفء.. يجب ان يعلمه احدهم أنه ليس باستطاعته الكتابة دون إعلان الحداد على صدق المشاعر!!
كان يبكي..فيتحول الى دمعة ضخمة يطفو فوقها جسد..!!
حتى لورحل... ستبقى تخبّئه في مكان ما داخلها... تحاول ألا تخرجه أبداً... كي لا تراه طيفاً يبدّد وهمها بأنّه مازال موجوداً... وأنه سيكون هناك..سيكون هناك!!
هو الذي كان يؤمن في السابق بأن الكائن لا يتبدل .. يؤمن أنه آخر منعتق من كل قيود الحياة المصطنعة .. لا حاجة له إلى أي شيء.. غير طامع بأي رأفة .. وكان ذاك – كما يعتقد- فوزه!!
"جواز سفره لا يوجد أي ختم عليه..فهو يهرب إلى داخله فقط"
حياته كلها نقاط تفتيش..كل يوم هناك سؤال واحد: من أنت ؟ ويكون جوابه الصمت فقط!!
كل الأيدي تمتد لانتشاله..لكنها تكتفي بأن تلوح له وتغرقه !!
"لم يكن بطلاً .. بل مجرد رجل لم تفلح سنوات عديدة من الشدة في أن تنتزع منه إنسانيته .. اقصد نواحي ضعفه ومشاعره و قدرته"
ليس هذا كل شيء, انه لا شيء..ولا استطيع الشرح..ليست المسالة مسالة منطق أو عقل, وإنما هي شعور يشبه شعور المقيم تحت الأرض في حبس تأكله الرطوبة, وهو يعلم انه لن يخرج أبدا..لا يجد شيئا..ولا يتكرر شيئا..لا شيء!!
"هناك أمور تبعثر الإنسان,ويعيد معها اكتشاف نفسه..ينشا داخله كائنا وليدا..كالتوبة, الغربة ..والحب"
كان يعتقد أنه يعرفها طبعاً .. إنها – تتقمص - من يتابعن آخر صيحات الرومانسية و(الرومانسيين) إلى درجة الافتتان والتقديس .. حتى لو شاءت الأقدار أن تقحمها في قصة حب لما استطاعت ، ولخرجت (رومانسيتها) متصنعةً باهتة ! .. "لقد خلقت لتتابع ..غدارة مخلصة ..العزاء أنها عادت لحبها الاول..خالقها"
ماهر (باكير) دلاش
-
Dallashوَإِنِّي أَتَجَاهَلُ وَلَسْتُ بِجَاهِلٍ غَضِيضُ الْبَصَرِ وَلَسْتُ أَعْمَى وَإِنِّيْ حَلِيمٌ وَلَسْتُ بِحَالِمٍ حَصِيفُ الْكَلِمِ وَلَسْتُ أَسْمَى مَاهِر بَاكِير