" إذا كان لدينا ثلاث طيور على شجرة و قرر أحدهم الطيران فكم طائر يتبقّى عليها ؟ .. ثلاثة , لأن الطائر قرّر الطيران فقط لكنه لم ينفذ قراره " .
دائما ما يستخدم مدربو التنمية البشرية هذا المثال عند حديثهم عن أهمية إتخاذ و تنفيذ القرارات , لكن أغلبهم يتوقّف عند هذا المثال دون أن يخبرنا كيف ننفذ قراراتنا , و هذا ما يدفعنا للتساؤل : كيف يمكننا تنفيذ القرارات و عدم التكاسل عنها ؟ّ
• التشتت :
من أول المشاكل التي تواجه الشخص عند إتخاذ و تنفيذ القرارات هو التشتت , فمثلا تجد الشاب بعد التخرّج يتشتت بين العمل أو الدراسات العليا أو الهجرة أو الزواج ما قد يدفعه إلى إضاعة الكثير من الوقت في المفاضلة بين هذه القرارات , لذلك تظهر الحاجة إلى ترتيب أولويات القرارات بحيث يبدأ الشخص بما يسهل تنفيذه حتى تكون بداية محفّزة لتنفيذ باقي القرارات .
• عدم تحديد الهدف :
نأتي الى المشكلة الثانية : أغلب القرارات اللي نتخذها تكون غير محددة , مثل (سأربي ابنائي تربيه سليمه) , فما مفهوم التربية السليمة الذي تقصده ؟ هل هي التربية الجسدية أم الدينيه أم تعليمية ام ماذا ؟ فالأجدر هنا ان يضع الشخص هدفا ( أو مجموعة أهداف ) واضحة محددة لما يريد أن يحققه و يحدد لنفسه فترة ومنية تقريبية لتنفيذه حتى لا ينفد الوقت منه .
• جمع المعلومات :
أما النقطة الثالثه فهي تتعلق بجمع المعلومات عما نود تحقيقه , فإذا كنت قد قررت الهجرة إلى المانيا مثلا فماذا تعرف عنها ؟ هل تعلمت لغتها ؟ و ما مدى معرفتك بثقافة و عادات شعبها ؟ إن اهمية مرحلة جمع المعلومات تتمثل في أن هذه المعلومات إما أن تزيدك رغبة في تنفيذ هذا القرار او ستجعلك تنفر منه و تتجه لغيره , و في الحالتين مكسب لك .
• التغيير أسهل في مجموعة :
" ورد في التراث : أن رجلا قتل مائة نفس فذهب لعالم صالح يسأله هل له من توبة , فأجابه العالم : اخرج من ارض المعصية الى ارض الطاعة " .
لعل من أبرز المشكلات التي تواجه الفرد عند تنفيذ القرار هي عدم وجود من يشجعه , فإذا أعلنت أنك تريد تعلم اليابانية مثلا , ترى كم شخص من أصدقائك اوعائلتك سوف يشجعك على هذا ؟ معظمهم سيقولون أنهم غير مهتمين باليابانية و أنها صعبة التعلم و قد يدفعك هذا لإلغاء الفكرة تماما , هنا تظهر الحاجة للإنضمام إلى مجموعة تريد أن تتعلم هذه اللغة حتى يحمّس بعضكم بعضا , إنضم إلى مجموعة لديها نفس إهتماماتك .
• الإلتزام :
نأتي إلى المشكلة التي تتسبب في عدم تنفيذ معظم القرارات , ألا و هي عدم الإستمرارية , فكم من قرارات يتخذها بل يبدأ الفرد في تنفيذها بالفعل ثم ما يلبث أن يتكاسل فلا يكملها , لذلك يجب عليه أن يجد ما يدفعه لإكمال ما قد بدأه و أفضل الطرق للإستمرار هو الرغبة الداخلية في فعل هذا الشيء فإذا إستطاع أن يوجد هذه الرغبة فسوف يصبح الأمر يسيرا , أما الأشخاص الذين يجدون مشكلة في عدم الإلتزام الداخلي فالأفضل لهم أن يبحثوا عن وسيلة إلزام خارجية , مثلا إذا كنت لا تستطيع أن تتعلم لغة بمفردك قد يكون الأفضل أن تتعلمها في إحدى الجهات المختصة حينها ستجد نفسك ملتزما بالحضور و التعلّم .
و أخيرا :
من الأفضل أن يبدأ الشخص في التعامل مع قراراته السابقة سواء بتنفيذها أو صرف النظر عنها قبل أن يفكر في إتخاذ قرارات جديدة .
-
عمرو يسريمهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.