-ما حالكَ يا هذا؟!
=عن ماذا تقصد أية حال؟!
-حالك مع ربّك ؟!!!
=لا أعلم أو فى الحقيقة لا أريد أن أعلم
-أُعلِمك أنا من صميم إجابتك هذه .... لا أنت تائه حد الضياع ولا أنت متزن حد الثبات ، ولكن دعنى أسألك هل ترى نفسك هل تشعر بما تفعله بك؟!
=إلى حد ما أراها وأنا فى بوادر غيبوبتى وأحاسبها قبل أن تحبسنى فى طلاسم الغيبوبة.
-تقول أنك تقع فى بادرة الغيبوبة ...أى أنك وقعت بالفعل وتستمتع بهذا السقوط الجميل مع هوى نفسك حتى ولو بالقدر الضئيل ....اللذة جمالها فى ندرة حقها من الوقت ولو طال الذنب لطال معه الملل ولو جُمّعتْ جميع ألوان الذنوب لأشد الناس فسوقا على نحو عروضٍ لإثارة المتعة لأصابه الإكتئابُ فى روتينية الذنب على مظاهر مختلفة فليست ألوانا من الذنوب بل ألوانا من الملل....فها أنت استمتعت بكامل وقتك من الذنب بأقل قدرٍ من الوقت.
=ولكنّى ما مللت أبدا من العودة ولن أمل وأنا فى معية الله ...فقلبى لا ينضبُ من جفاف الذنب إذْ هو يُنَدّى بقطراتِ الرجاء فى رحمةِ الله.
-دعك، الأهم إنْ كنت تشعر بنفسِك فى الذنب فلا يصحُ أن تشعر بها فى الطاعة...فماذا عن نفسِك والطاعة؟!
=ربما يقاس هذا القدر بميزانٍ صُنِع من الريشة حتى يستشعر أقل هوى يسقط على كفتيه فيُشعرك بالإنتباه أنّك حِدْتّ عن الفناءِ فى حضرته ...وهذا دليل عن رؤية النفس للنفس والعُجْب بها.
-إدراك الإخلاص مستحيل بالقدر الذى يجعلك تشعر بقمة الرياء وأنت فى رَحم الإخلاص وهذا هو الإخلاص حقا فهل تتهم نفسك دائما؟!
=ربما إن مِثل نفسى بتذبذبها أحق لأن تُتَهم دائما وأبدا ....فأنا قابعٌ فى ديمومة التوبيخ مع نفسى ..وربما هذا أدعى للندمِ السريع عن فعل الذنب وقطع إستدامة الغفلة فى الوقوعِ فيه واستعجال العودة والتوبة ولو تكرر الذنب ملايين المرات ...فإن كان الحيود عن المسار فلدى ملايين الخطط لتعديل المسار وكله مِنّةٌ من الله يهدى به من يشاء .
-أخبرنى إذا لماذا أنت دائم السقوط وكأنك تعود لكى تسقط مجددا ؟!
=ربما لا أعلم فلو علِمته لتجنبته.
-وصلت معى لنقطةٍ جيدة لو علِمته لتجنبته ،أنت ما بين خيرك وشرك يُخالجك شيطانك على فتراتٍ من الزمن فى إستبقاءٍ لمؤمنك ،وبكل أسفٍ على أنغامٍ مُخيفة يفوزُ عليك الشيطان حتى ولو على نوادر من الزمن ولكنها نوادر روتينية ،أصبحت الآن تمتلك جزء منك ليس هو مِلكك وإنما امتلكته مِنك نفسك أو هوى نفسك بعيدا عن الله ،ولكنّ الأمر ليس بهذه الدرجة من السوء فأنت بحالٍ خير ما دُمت فى صراعٍ دائمٍ مع نفسك....الخير كل الخير يكمُن فى هذا الصراع ...الخير فى سقوطِك والعودة مرة أخرى ،ومن هنا أنقلك إلى رُجحان كفة هذا الصراع الذى لولاه لفقدت شيئا من الشعور بفقرك تجاه ربك ...ويقل معك أن يغمرك الشعور بالرجاء فى رحمته...ويندر الندم مع قلة السقوط...هذا الندم الذى يأتى بتلك النفس اللوامة التى تُجرّك إلى الله جرا متشبثة ببقاياك الثابته لتنبتُ فيك هذا الشوق الدائم إلى الله...وفى المقابل ربما يعلو معك الشعور بالعُجب من نفسك وتزكية نفسك أمام نفسك وأمام طول الثبات ،فلا ضير من أن تثبُت فى جوانب عديدة وتسقط وتعود فى جانب واحد ، الخوف فى أنك تسقط ولا تعود وأنت فى أمان طالما كنت دائم العودة مع السقوط ...ونفحة الشعور بالقرب لا تأتى إلا بقليلٍ من البعد..ونحن محمولون على السقوط ...ولولا الذنب ما كان التوب ...ومن دون السيئة ما نفعُ الحسنة....وبلا خطيئة لما غمرتنا المغفرة....
=يا هذا كيف تقول ذلك أأستعين بخطيئتى لكى أصل إلى طاعتى؟!!
-لم أقل ذلك ولن على أجرؤ على قوله أبدا ،أنا فقط أُخبرك بالجانب الإيجابى لسقوطك المُعتاد هذا ،أو أُخفف عنك فداحة ما يبدوا لك بأنّه أقل سوءا مما تظن ،أريدك أن تستفيد من هذا السقوط المتكرر ،وربما عودة صادقة من انتكاساتك الممتكررة هذه تُغنيك عن عبادتك الدهر كله فى رحمةٍ من الله تغمرك لحظتها ،فأنت فى خير وبخير ما دمت تسقط وتعود ....وما نعمل لأجله هذا الإتهام الدائم والتوبيخ لنفسك فى كل وقت لأن يأخذك مُنكبا بروحك إلى رجاء رحمته وتحس بها وان تدرك الشعور بلطفه وهو يُحبّك أن تعود له وتؤوب إليه ...فلا عليك وهوّن على حالك ولا تشقّ على نفسك أنت فى خير وبخير ما دُمت تعود وتسقط.
امم ... أما علمت من أنا؟!........
مممممممممممممممممممممممم!!!
=........................!!!!!
ممممممممممممممممممممممم!!
؟
وإلى الآن لم يعلم بحقيقته أحد سوى كاتب هذا الحديث الذى سطّره تحت عنوان
"الشيطانُ يُعلّمه أمور دينه"
-
عبدالرحمـٰن علوشهايل