كانت سحب الشقاق قد بدأت تتجمع داخل الحزب الحاكم منذ ثلاث سنوات ونيف،بدأت باستقالة على باباجان وبولنت أرينش رئيس البرلمان التركى وانزواء عبد الله جول احتجاجاً على سياسات أردوغان،سواء التى أدت لفشل الحزب فى تشكيل الحكومة بمفرده عقب انتخابات السابع من يونيو 2015 مثل تحول تركيا للنظام الرئاسى بدلاً من البرلمانى أو تعامله مع الملف الكردى فى أعقاب هذه الانتخابات أو مقاربته مع الملفات الإقبيمية خاصة مع سوريا وما أدى إليه من مشكلات مع دول إقليمية وعظمى .
طفا الخلاف بين أردوغان وداوود أوغلو على السطح بحلول مايو 2016 عندما صرح أوغلو الذى شغل منصب رئيس الوزراء التركى وقتها وتوجت باستقالة أوغلو فى الخامس من مايو 2016 وتولى بن على يلدريم رئاسة الحكومة خلفاً له وعودة أوغلو نائباً عن العدالة والتنمية فى قونية مسقط رأسه،لكن هدأ الصراع بين رفيقى الدرب عقب محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو 2016 بعدما رفض أوغلو الانقلاب ونافح عن الديمقراطية التركية لكن سرعان ما اشتعل فتيل الحرب بين الجانبين .
مع إعلان أردوغان إجراء الاستفتاء على التحول للنظام الرئاسى فى السادس عشر من أبريل 2017 وعقده تحالفاً مع حزب الحركة القومية وجه أوغلو سهام النقد للاذع لأردوغان معتبراً أنه فرط فى مبادىء العدالة والتنمية لكن لم يلتفت الرئيس التركى لكلام أوغلو ومضى فى طريقه بعدا تمكن من تمرير النظام الرئاسى وأجرى انتخابات مبكرة رئاسية وبرلمانية فاز فيها حزبه بالأغلبية بعدما استمر تحالفه مع حزب الحركة القومية،ومع انتهاء الربع الأول من 2019 وقعت الواقعة .
خسر العدالة والتنمية المدن الثلاث الكبرى اسطنبول وأنقرة وإزمير فى الانتخابات المحلية التى جرت فى الحادى والثلاثين من مارس الماضى،لكن الضربة القاصمة التى تلقاها أردوغان تمثلت فى خسارة اسطنبول التى شهدت بداية صعوده والتى قال هو عنها أن من يحكمها يحكم تركيا،هنا صدح أوغلو بالنقد لرئيسه ورفيقه السابق معتبراً أن الخسارة نتيجة طبيعية لسياسات أردوغان التى كلفت تركيا كثيراً خاصة فى الاقتصاد بعدما تراحعت الليرة التركية أمام الدولار منذ أغسطس 2018 نتيجة الرسوم الجمركية التى فرضها ترامب على واردات تركيا من الفولاذ وتغريده على تويتر محذراً من الاستثمار فى تركيا .
استمر أوغلو فى معارضته لأردوغان مع صدور قرار اللجنة العليا للانتخابات بإعادة الانتخابات المحلية فى اسطنبول والتى فازت فيها المعارضة التركية مجدداً،ومع تواتر أنباء عن نية أوغلو تأسيس حزب مع باباجان ينافس العدالة والتنمية نفى أوغلو هذا الكلام معرباً عن رفضه وقوع انشقاق بالحزب الحاكم حتى انفجر الخلاف من جديد الأسبوع الماضى .
انتقد أردوغان داوود أوغلو خلال أحد الاحتفالات الوطنية الأسبوع الماضى ضمناً ونعته بالخائن،فرد أوغلو بنفس الطريقة معلناً أنه لو فتحت ملفات التفجيرات التى وقعت فى الفترة بين السابع من يونيو والأول من نوفمبر 2015 خاصة فى المناطق الكردية لاسودت وجوه كثير من قيادات الحزب الحاكم .
بعدها اجتمع على باباجان وداوود أوغلو معلنين نيتهم تأسيس حزب جديد ينافس العدالة والتنمية،فكان رد الفعل من أردوغان الذى أوردناه فى بداية المقال ويتسع رتق الصراعات داخل العدالة والتنمية على الراتق أردوغان بما يوحى بإمكانية دخول خصوم تركيا كالغرب وإسرائيل والمحور السعودى-الإماراتى على الخط للتخلص من أردوغان بدعم أوغلو وحزبه خاصة أن الفرصة مواتية تماماً مع تضعضع شعبية الحزب الحاكم وضيق مساحة المناورة أمامه فى الداخل والخارج وتحول رفاق الأمس لأعداء اليوم بما ينذر لو استمر مستقبلاً بانهيار العدالة والتنمية على درب حزب الرفاة الذى خرج من رحمه قبل 18 عاما
-
أحمد زكىصدرت لى عدة كتب سياسية بين 2013 و2018 مثل اغتيال رفيق الحريرى العدالة الموقوتة والأكراد حلم الوطن المستحيل