هكذا هى الحياة تولد فى عائلة كبيرة لديك أب وأم وأخوة .. وأثناء مراحل طفولتك تكون الصداقات حتى يبدأ إخوتك فى التفرق .. فمنهم من يتزوج ومنهم من ينتقل للعمل فى دولة أجنبية .. وكذلك أنت تنتقل للدراسة أو العمل أو حتى تتزوج وتترك والديك فى مكانهما وحدهما كما لو لم يكن لهما أبناء من قبل .. حتى يتوفى أحدهما ويبقى الآخر وحيدا ثم يموت هو الآخر تاركا دنيانا .. منتقلا لعالم آخر حيث يحيا إما فى سعادة خالدة أو فى شقاء أبدى .. وكذلك أنت.

حادثة شنيعة تركت طفلا صغيرا فى السابعة يترجل هو وإخوته من محافظة طنطا .. وقد تركوا ديارهم وزراعتهم .. وذهبوا لمحافظة البحيرة حيث يعملون بالأجرة فى مزارع الإقطاعيين أصحاب الأراضى والأملاك حتى جاءت الثورة 1952 بالقضاء على الإقطاع وتملك كل من هؤلاء الأخوة قطعة أرض .. وزرعوا فى أملاكهم كما لو أن الدنيا قد ابتهجت أخيرا فى وجه ذلك الصغير أخيرا بعد سنين الشقاء والعناء .. ليغتنمها صغيرنا ويزرع ويتاجر فى المواشى والبهائم وتنموا تجارته يوما بعد يوم .. حتى أصبح أغنى أغنياء قريته .. فيترك كل هذا ويرحل تاركا خلفه ثروته وأمواله ويذهب ليلقى مصيره إما سعادة أو شقاء أبدى.

نعم هكذا هى الحياة لا أحد يدوم أبدا ولا أحد يبقى فكل من عليها فان إلا خالقها وخالقنا رب السماوات والأرض .. وستأتى عليك لحظات تجد نفسك فى حاجة أن تقاوم وحيدا أو تموت وحيدا .. فإذا نجوت فاعلم أنها لم تكن نهايتك بل هى بداية جديدة فحسب .. وعليك اغتنامها فالفرص لا تأتى إلا مرة واحدة.

خلقنا فى الدنيا لنشقى لنحفر فى الصخر .. خلقنا فى عناء وكبد .. فالدنيا ليست دار نعيم وراحة بل هى دار بلاء وعمل .. وهى الإختبار الذى أعده الله لبنى آدم .. فمن عمل منا صالحا ولم يلتفت ولم يضعف أمام صعوبات ومشقات الدنيا فسيعود لجنة الخلد خالدا فيها أبدا مع الخالدين .. ومن لم يقاوم المشقة واستسهل طريق الشيطان واختار الراحة فى الدنيا على المشقة والتعب .. فسيكون مع السافلين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

فاعمل لما ينفعك فى آخرتك قبل أن تموت وحاسب نفسك على كل نفس تتنفسه .. وعلى كل دقيقة من عمرك تمر ولم تعمل فيها عملا نافعا .. فما الدنيا إلا نفس خارج لا عودة له.