37
شابّ عزيز النفس في مهنة وضيعة
عندما خرجنا نتمشّى ليلا، رأيته يبحث في سلّة المهملات عن الكرتون، كان قد ستر وجهه تماما، ليس اتّقاء من الإصابة بفيروس كورونا، وإنّما يخشى أن يراه أحد فيعرفه، لم يكن قد بلغ الخامسة والعشرين من عمره، وضع ما وجده من كرتون وأوراق وعلب فارغة في سلّته الكبيرة التي كان قد أحكمها على درّاجته الهوائية وهمّ بالمغادرة.
سلّمت عليه وقلت: لدينا كيس من الأوراق تعال وخذه.
وعندما أخذ الكيس، ناولته مئتي ألف ريال.
امتنع من استلامها وقال في صوت منخفض: لستُ متسوّلا.
- أدري، وهذا المبلغ هديّة، أرجو أن تتقبّلها.
ورفض ثانية...حتّى اقتربت منه ووضعت المبلغ في جيبه وهو يتحاشى!
كم يحزنني عندما أرى شبابا أعزّاء اضطرّتهم الأيّام إلى المهن الوضيعة، وفرص العمل يستولي عليها المهاجرون بالمحسوبيّة وعنصريّة المسؤولين.
(شكرا للذين يطبّقون القواعد النحويّة التي تعلّموها في مجموعتنا، حين قراءتهم القرآن، وقراءتهم النصوص النثريّة و الشعريّة، ومتابعتهم الأخبار، واستماعهم إلى كلّ ما يتعلّق باللغة العربيّة.)
9-5-2021
38
هلّ الهلال ظهرا!
قبل أكثر من ثلاثة عقود وقبل أن تأتي الصحون اللاقطة وأجهزة الاستقبال للقنوات الفضائيّة، لم يكن أمامنا سوى تلفزيون إيران لمتابعة الأخبار.
كانت عطلة الصيف للمدارس، وكنّا صائمين ونداوم، يبدأ دوامنا عند السادسة صباحا وينتهي عند الحادية عشرة، عمّالا في البناء، وكان الدوام في الشمس!
استهللنا قبل أذان المغرب لعلّنا نرى هلال العيد، لكنّ أضواء المصابيح ودخان السيّارات والشركات حالت بيننا وبين الهلال!
فرجعنا إلى التلفزيون غير راغبين لكنّنا مضطرّون، ووجدنا الأخبار غير سارّة!
أكّدت الأخبار أن رؤية الهلال تعثّرت عند جميع المراجع الدينيّة في قم.
وذهبنا إلى الدوام مكرهين، وبدأنا نخلط الإسمنت والرمل، وشقينا وتعبنا وعطشنا...
وعند الساعة الحادية عشرة، وعندما اقتربت الشمس إلى وسط السماء، سمعنا الناس يتبادلون التهاني، والأطفال خرجوا بملابسهم الجديدة يطرقون الأبواب:
(عيدكم مبارك وأيامكم سعيدة)!
ماذا حصل؟!
سألنا المارّين...
قالوا إنّ التلفزيون قبل نصف ساعة أعلن أنّ اليوم عيد!
عيد؟!
الآن؟!
ولا أدري كيف استطاع المراجع أن يروا الهلال والشمس في وسط السماء!
وكيف لم يروه أمس بعد غروب الشمس!
ما هذا التلاعب واللجاجة والأنانيّة والاختلاف؟!
رجعنا إلى بيوتنا ووجدنا الجيران يعايدون ويعلو وجوههم الامتعاض!
في ذلك اليوم الذي جعله الله للمسلمين عيدا، وأبى المراجع ذلك، سمعت هذه الجملة عشرات المرّات من الناس:
(لقد خرّبوا عيدنا).
(شكرا لكم لأنّ العطش لم يثنكم عن متابعة دروسكم العربيّة ولا الجوع ولا إرهاق الصيام؛ فألف تحيّة لكم وتحيّة.
عيدكم مبارك أصدقائي، كلّ عام وانتم وأسرتكم الكريمة بكلّ خير.)
12-5-2021
سعيد مقدم أبو شروق
الأهواز
-
سعيد مقدم أبو شروقسعيد مقدم أبو شروق مدرس فرع رياضيات أسكن في الأهواز أحب القراءة والكتابة، نشر لي كتاب قصص قصيرة جدا.