الديموقراطية التايلاندية...ضحية الغباء السياسي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الديموقراطية التايلاندية...ضحية الغباء السياسي

  نشر في 30 ماي 2014 .

الديموقراطية، كلمة لطالما تشدق بها السياسيون وتغنوا بها ، واتخذوا منها هدفا معلنا في تحركهم ضد النظم الاستبدادية التي يحيون بظلها ويسامون سوء العذاب من جرائها، ولطالما أخذوا يصفون حسنها وبهائها، والدأب على تعداد فوائدها وإيجابياتها حتى أصبح رجل الشارع العادي يراها حور عين يصبوا إليها ويحلم بلقائها.

ولكن، ما إن ينقلب الحلم حقيقة، بأن يتمكن أبناء الوطن من القضاء على الفاشيات في دولهم ، ويمهدوا الطريق لتسلك بلادهم دروب الديموقراطية الرصينة، ويستبشر الجميع بأنهم سيحيون في ظل نظام ديموقراطي قوامه العدل والمساواة والاخاء ، إلا أنه سرعان ما تستحيل بشراهم إلى هم وكرب عظيمين.

هم وكرب من جراء تحول أمالهم وأحلامهم التي أحالوها واقعا رمادا، فسرعان ما تتحول الديموقراطية التي ارتضوها إلى حكم استبدادي من جديد ، بسبب جهل وغباء الساسة الذين يتسلمون مقاليد جنة الديموقراطية ، فبدلا من أن يسهروا على رعايتها وإخصابها وزيادة إنتاجها فإنهم يحلونها أرضا بوارا ينفر أصحابه منها.

حيث أنهم بدل أن يسهروا على ترسيخ جذور الديموقراطية في بلادهم ،فإنهم يرسخون جذور الاستبداد والفرقة من جديد، وهذا ما حدث جليا في تايلاند فبعد الانقلاب الذي حدث بها عام 2006 وتعافي البلاد منه وعودة الديموقراطية للبلاد من جديد ،قام الجيش بانقلاب عسكري تارة أخرى محيلا ديموقراطية تايلاند إلى استبداد عسكري فارضا للأحكام العرفية، ومقوضا لأسس الديموقراطية بها.

فالمتبصر في الأزمة التايلاندية يرى أنه منذ المظاهرات المكثفة التي دعي إليها من قبل المعارضة على مدار الشهور الماضية احتجاجا على محاولة الحزب الحاكم بقيادة رئيسة الوزراء التايلاندية ينغلوك شيناوترا في أول تشرين الثاني/نوفمبر الماضي الدفع تجاه إصدار قانون عفو في البرلمان يشمل أخوها تاكسين شيناوترا رئيس الوزراء السابق الذي أطاح به انقلاب عسكري في 2006 وآلافا آخرين في قضايا سياسية خلال الفترة من عام 2004، مرورا بارتفاع سقف مطالب المعارضة تدريجيا حتى وصولها للمطالبة باستقالة رئيسة الوزراء وحكومتها ، أن تايلاند تسير في طريق القضاء على الديموقراطية وقيام انقلاب عسكري بها ، وهو ما حدث بها بالفعل.

فبسبب ثقة السياسيين المتهورة في أن الخلافات الدائرة بينهم لن تؤدي إلى انقلاب عسكري جديد مشابها لما حدث في تايلاند في عام 2006 قام السياسيون ، بتبني مواقف متشددة تجاه السلطة الحاكمة ، حيث رفضت المعارضة الكثير من مبادرات الحكومة وأخذت في سياسات عنادية تتمحور حول استقالة رئيسة الوزراء وحكومتها ، الأمر الذي رفضته السلطة الحاكمة بدورها ،مما أشعل المشهد السياسي بكثير من الاضطرابات والأزمات ، التي أدت إلى توفير البيئة الخصبة لقيام الجيش التايلاندي باعلان حالة الطوارئ وتعليق العمل بالدستور واسقاط الحكومة الحالية وتوليه مقاليد السلطة بالبلاد وذلك يوم 22 مايو 2014 ،وهو الأمر الذي باركه ملك البلاد يوم الاثنين25/5/2014.

ولو كانت النخبة السياسية المؤيدة للحكومة السابقة والمعارضة لها ، تعلم جليا أن سياساتهم المتشددة تجاه بعضهم البعض لن تصب في صالح أحد منهم(ولئن كان الانقلاب قد يصب في صالح بعض الفئات المعارضة لحكم الحكومة السابقة) ما اتخذوا المواقف المتصلبة تجاه بعضهم البعض واتبعوا سبلا أكثر ديموقراطية وحضارية في حلهم لهذه الأزمة(من خلال أن تستقيل الحكومة أو تتقبل المعارضة اجراء استفتاءات أو انتخابات مبكرة)، حيث أنه في حقيقة الأمر لا يوجد منتصرا سياسيا جراء انقلاب عسكري أيا كان، فتوقف الحياة الديموقراطية ببلد ما وما يصاحبه من استبداد وتكميم للأفواه لا يقضي فقط على أقل ما يجب أن ينعم به الانسان من حرية ، بل يقضي على أمال الشعب جُمع في تحقيق وئام وسلام داخليين من شأنه أن يعلي من قيمة بلادهم ويرفع من شأنهم.ولو أن هؤلاء الساسة الداعيين للديمقراطية والمدعيين للدفاع عنها والمحاربة في سبيلها عقلوا جيدا لوجدوا أن أول من يقوض بنيان الديموقراطية ويقضي عليها هم أنفسهم بأيديهم لا أيدي غيرهم.



   نشر في 30 ماي 2014 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا