لا أستطيع إخفاء إعجابي بـ "الباطل " حينما يكرّس نفسه بجدارة واستحقاق ليحصل على القوة والتمكين والمنعة، إنه وإن كان باطلا يستطيع أن يحقق سيادته ولو إلى حين ، ليس بالأساليب اللاأخلاقية كما يعتقد الجميع، وإنما بإصرار أزلامه على التمكين له وإيمانهم الشديد به ..!
شاعت بين الطيبين فكرة ساذجة مفادها أن الحق قوي بشرعيته ، ضعيف بمبادئه ، فإن علا الباطل مؤقتا فذلك لقلة الخيارات التي تحصرها المبادئ وتحجمها الأخلاق، أما الباطل فهو بمبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" يمتلك كل الخيارات وكل الوسائل، المباحات والمحرمات، مافوق الطاولة وما تحتها ، الفكرة الأخرى التي سادت أيضا بين الطيبين ، وهي ليست ساذجة بل صحيحة ومُثبتة، هي أن الحق لابد أن يسود وأن الباطل سيُزهق حتما ، لكنها تحولت إلى عُكاز عمقت اتكالية أصحاب الحق ورضت نفوسهم نحو القعود والانتظار..
والحقيقة التي يشهد عليها التاريخ تقول إن الحق في هذا العالم ضعُف بأنصاره الذين يفتشون عن المعجزات ، عن عصا موسى ، ومنسأة سليمان، و ينتظرون صيحة عاد وثمود، هؤلاء الذين علموا أن الشرعية الأخلاقية معهم فتكاسلوا عن الذود عنها، يتمسحون بالشعارات ويمضون أحقاب الزمن في انتظار اللعنة التي ستحيق بمن ظلم..
وأما الباطل فقد علا بجهود أصحابه ، بتفكيرهم العملي وجهودهم الحثيثة سواء كانت أخلاقية أو غير أخلاقية ، المهم أنهم يمتلكون الفعل لا القول ، التنفيذ لا التنظير، يمررون شرورهم عبر الأجيال عن سبق الإصرار ، ويرسخون خبائثهم بشغف وكفاءة ، يهرعون إلى كل قوة فيمتلكونها، يسدون الثغرات، يحيكون الدسائس بلا ملل ويحبكون المؤامرات ويعملون بلا تذمر ، وفي الأغلب يكون هذا في غفلة طويييلة من أنصار الحق المطمئنين للحق الذي يقف في صفهم والإله الذي سينصرهم.. دون شك!
البقاء للأقوى وليس للأصلح ، هذا هو قانون الأرض ، وكل من شاغل عقله بغيره فهو واهم ، وتبقى القوة دوما مطمحا لمن أراد التمكين والمنعة ، وليس لأي عاقل إلا أن يُهنئ "الباطل" بسبقه نحو القوة وتفرده بالسيادة والريادة ، هذه التهنئة ليست سوى اعترافا قد يمهد ذات يوم لخطوة أولى لأنصار الحق ، واثقة كانت او مترددة ،المهم أن تكون نحو ذات الهدف وذات المبتغى إلى القوة ولا شيء سواها !
-
فاطمة بولعناناليوم حرف وغدا حتف
التعليقات
المعجزات بيومنا هذا انتهت ..
المعجزات لم تعد تنزل من السماء .. بل اصبحت تعجن بالايدي داخل المنازل و القاعات ..نحن فقط من نتوهم رؤيتها و هي تسقط من السماء ..
دمت ..ودام ابداعك
فدائما الحق يعلو و لا يعلى عليه